بعد فشل قمة فيتنام.. كيف رفض ترامب الوقوع فى "خطيئة" أوباما؟.. الهاجس الإيرانى دفع واشنطن لرفض مطالب بيونج يانج برفع العقوبات.. والعلاقة مع الصين كانت أولوية الرئيس الأمريكى فى قمته مع كيم على حساب "النووى"

الخميس، 28 فبراير 2019 08:00 م
بعد فشل قمة فيتنام.. كيف رفض ترامب الوقوع فى "خطيئة" أوباما؟.. الهاجس الإيرانى دفع واشنطن لرفض مطالب بيونج يانج برفع العقوبات.. والعلاقة مع الصين كانت أولوية الرئيس الأمريكى فى قمته مع كيم على حساب "النووى" قمة ترامب – كيم
تحليل يكتبه - بيشوى رمزى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

رغم الثقة الكبيرة التى أبداها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب فى نجاح قمته مع زعيم كوريا الشمالية كيم جونج أون، والتى انطلقت أمس بالعاصمة الفيتنامية هانوى، إلا أنه خرج بنفسه ليعلن فشلها، بسبب المطالب التى تتبناها بيونج يانج حول رفع العقوبات المفروضة عليها.

وهذا الأمر لا يبدو جديدا، حيث رفع النظام الكورى الشمالى لواء التمرد على واشنطن مرات عديدة منذ قمة سنغافورة فى يونيو الماضى، بسبب تقاعس واشنطن عن اتخاذ أية خطوات من شأنها تحفيزها للتخلى عن أسلحتها النووية رغم المبادرات الإيجابية التى اتخذتها، والتى تمثلت فى الانفتاح على جارتها الجنوبية، بالإضافة إلى الحديث المتواتر عن رغبتها فى التعاون مع محيطها الدولى والإقليمى لإخلاء شبه الجزيرة الكورية من السلاح النووى.

ولعل مطالبة بيونج يانج برفع العقوبات المفروضة عليها يبدو منطقيا إلى حد كبير، ليس فقط بسبب مواقفها السابقة، والتى عرقلت المفاوضات مرات عدة فى الأشهر القليلة الماضية، وإنما باعتباره نتيجة طبيعية للتطور الكبير فى العلاقات بين الجانبين، إلا أن واشنطن ربما ترغب فى الاحتفاظ بعصا العقوبات لممارسة أكبر قدر ممكن من الضغط على النظام الحاكم فى كوريا الشمالية لإجبارها على تقديم أكثر ما يمكن تقديمه من تنازلات ليس فقط  فيما يتعلق بقضية الأسلحة النووية، ولكن أيضا فى إطار علاقتها الدولية، فى ظل رغبة الإدارة الأمريكية فى إعادة تشكيل تحالفاتها فى آسيا، وهو ما يبدو واضحا فى التقارب مع فيتنام على حساب الحلفاء التاريخيين للإدارة الأمريكية فى المنطقة، وعلى رأسهم كوريا الجنوبية واليابان، وكذلك التقارب مع الهند على حساب باكستان، وذلك لتطويق خصم الولايات المتحدة الرئيسى هناك، وهو الصين.

 

الهاجس الإيرانى.. ترامب يرفض الوقوع فى "خطيئة" أوباما

ولعل قضية رفع العقوبات عن الدول المارقة تمثل حساسية بالغة للرئيس ترامب، وهو ما بدا واضحا فى العديد من المواقف السابقة التى تبناها فى قضايا أخرى مشابهة، وعلى رأسها المسألة الإيرانية، حيث يرى أن "خطيئة" أوباما الرئيسية فى التعامل مع طهران، تتمثل فى الاتفاقية النووية التى أبرمتها الدولة الفارسية مع القوى الدولية الكبرى، فى يوليو 2015، وما تلا ذلك من إجراءات كان أبرزها رفع العقوبات المفروضة عليها، وهى الخطوة التى أعرب الرئيس الأمريكى عن سخطه تجاهها منذ بزوغ نجمه على الساحة السياسية الأمريكية، خاصة وأن ما يمكننا تسميته بـ"التسامح" الأمريكى مع طهران ساهم فى إطلاق يدها فى دعم الكثير من الجماعات الإرهابية فى المنطقة، بالإضافة إلى تهديد المصالح الأمريكية بها.

 

 

ابتسامات متبادلة بين الزعيمين
ابتسامات متبادلة بين الزعيمين

 

وعلى الرغم من أن التجربة الأمريكية مع بيونج يانج تختلف إلى حد كبير عن تجربتها مع طهران، خاصة وأن الأولى اتخذت خطوات جادة للانفتاح على جيرانها، بالإضافة إلى توقفها عن إجراء تجارب صاروخية، وهو الأمر الذى أشاد به ترامب فى تغريدات له قبيل القمة، إلا أن الهاجس الإيرانى يبقى عالقا فى عقل الإدارة الحالية، والتى تسعى لتقليم أظافر النظام الحاكم فى كوريا الشمالية، والتى تحظى بعلاقات متميزة مع الصين، وهو الأمر الذى ربما لا يمكن أن يتم تطبيع العلاقات بين البلدين فى إطاره، فى ظل الخلافات التجارية، وكذلك الدور المناوئ الذى تلعبه بكين على الساحة الدولية، وهو ما تراه واشنطن تهديدا صريحا لنفوذها.

 

أولويات أخرى.. ترامب يرى الصين أخطر من "النووى"

وهنا يمكننا القول إن "نزع السلاح النووى" لم يكن الأولوية الوحيدة للرئيس الأمريكى، فى قمة فيتنام، حيث كانت هناك أولويات أخرى، لم تكن معلنة، أهمها إعادة توجيه "بوصلة" الدولة المارقة، للدوران فى فلك واشنطن، والابتعاد عن الصين، خاصة وأن الورقة الكورية الشمالية تمثل أحد أهم الأوراق التى تمتلكها بكين فى معركتها مع واشنطن، وهو ما بدا واضحا فى حالة الارتباط بين تطور المفاوضات الأمريكية الكورية الشمالية – صعودا أو هبوطا – مع مستجدات العلاقة بين إدارة ترامب، ونظيرتها الصينية فى الأشهر الماضية.

 

جانب من اللقاء
جانب من اللقاء

فلو نظرنا إلى التصريحات الاستباقية، التى أدلى بها ترامب قبل انطلاق القمة فى العاصمة الفيتنامية، نجد أنها دارت فى مسارين متوازيين، أحدهما التأكيد على أنه ليس متعجلا فى مسألة نزع السلاح النووى فى شبه الجزيرة الكورية، معربا عن اكتفائه بتوقف بيونج يانج عن إجراء اختبارات صاروخية، بينما دار الآخر حول ترغيب زعيم كوريا الشمالية فى التقارب مع واشنطن مقدما وعودا صريحة بالفرص الاقتصادية التى تحظى بها الدولة الشيوعية فى المستقبل، فى حين لم تخلو الوعود الأمريكية عن الجانب الرمزى، متمثلا فى اختيار فيتنام لعقد القمة، فى إشارة إلى التحول الكبير فى العلاقات الأمريكية الفيتنامية من الحرب فى الستينات من القرن الماضى، إلى الشراكة فى الوقت الحالى، وما ترتب على ذلك من نمو اقتصادى.

الرئيس الأمريكى حرص على تعزيز الجانب الرمزى فى اختيار فيتنام لتكون موقع القمة التى عقدها مع زعيم كوريا الشمالية، عبر تغريدة استباقية، قال فيها ""كوريا الشمالية سوف تزدهر كما فعلت فيتنام إذا قامت بنزع الأسلحة النووية"، وهو ما يمثل تجسيدا صريحا لمحاولات الإدارة الأمريكية فى ترغيب بيونج يانج للدوران فى فلكها، وبالتالى التخلى عن تحالفها التاريخى مع الصين.

 

صداع فى رأس ترامب.. الصين مازالت تملك مفتاح الأزمة

ولعل الموقف الكورى الشمالى الداعم للصين يمثل أحد القضايا التى سعت بيونج يانج إلى التأكيد عليها عبر العديد من الإشارات الواضحة، ليس فقط من خلال الزيارات المتواترة التى قام بها زعيم كوريا الشمالية لبكين، ولكن أيضا عبر اختيار توقيت غالبية هذه الزيارات، حيث حرص كيم على زيارة الصين بعد أيام من قمته الأولى مع ترامب فى سنغافورة، وذلك بالتزامن مع اشتعال الحرب التجارية الأمريكية الصينية، فى رسالة مفادها دعم بيونج يانج للصين فى صراعها مع واشنطن، فى الوقت الذى كان يحتاج فيه الرئيس ترامب إلى انتصار دبلوماسى للترويج له قبل انتخابات التجديد النصفى الأخيرة، والتى عقدت فى نوفمبر الماضى.

 

الرئيس الأمريكى يتحدث وسط ابتسامات الحضور
الرئيس الأمريكى يتحدث وسط ابتسامات الحضور

ويمثل الارتباط بين العلاقات الأمريكية الصينية من جانب، والمفاوضات النووية بين إدارة ترامب ونظام كيم بمثابة صداع فى رأس الرئيس الأمريكى، خاصة وأنه يدرك أن بكين مازالت تملك مفتاح حل الأزمة الكورية الشمالية، وبالتالى يبقى فى حاجة ملحة لتقديم تنازلات للصين فى خلافاتهما التجارية إذا ما أراد دورا إيجابيا من الصين فى الأزمة الشائكة، والتى يمثل نجاحها محورا هاما، ليس فقط من أجل تحقيق نجاح دبلوماسى، ولكن أيضا ليكون أحد أعمدة الخطاب الانتخابى الذى سيتبناه ترامب فى انتخابات الرئاسة المقبلة فى 2020.

 







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة