جاءت شهادة مايكل كوهين، المحامى السابق للرئيس الأمريكى دونالد ترامب، التى أدلى بها أمام الكونجرس أمس الأربعاء، صادمة ترسم صورة سيئة لكيفية إدارة ترامب لأموره قبل دخوله للبيت الأبيض، والتى لم تختلف كثييرا بعد جلوسه خلف المكتب البيضاوى.
فما قاله كوهين لو تم إثباته كفيل بأن يهدد بقاء ترامب فى الرئاسة، ويعرضه لمخاطر قانونية وسياسية كبيرة خلال الفترة القادمة، وقد وصفت شبكة "سى إن إن" إن يوم أمس قائلة بأنه سيصبح يوما رمزيا فى فترة رئاسة ترامب، حيث انقلب عليه كاتم أسراره ومحاميه السابق أمام مرأى ومسمع العالم، وقد حاول كوهين إقناع أعضاء الكونجرس والأمريكيين بأنه يعلم الرئيس أكثر من أى شخص آخر، وسعى لتقديم سياق لمجموعة التحقيقات والجرائم المزعومة والمخالفات المحيطة بالرئيس.
وتشير شهادة كوهين إلى أن الضربات القاضية التى يتلقاها ترامب لا تأتى من معارضيه الديمقراطيين او خصومه السياسيين، وإنما تأتى ممن كانوا يوما ما من أقرب المقربين إليه، فلم يكن كوهين أول من انقلب على الرئيس بل إن العديد من المسئولين السابقين الأقل شأنا فى البيت الأبيض كشفوا بعد ترك مناصبهم عن غرائب عالم ترامب.
وتقول صحيفة الجارديان البريطانية إن كوهين وجه لترامب وللحزب الجمهورى تحذيرا حادا بأن الرئيس يواجه خطرا قانونيا وسياسيا على جبهتين على الأقل.
الجبهة الأولى تتعلق بتحقيقات روسيا، حيث أصبح كوهين أول مساعد لترامب يزعم أن الأخير علم مقدما فى عام 2016 بأن ابنه الأكبر دونالد جونيور سيلتقى بمحامية روسية وعدت بتقديم معلومات مسيئة لهيلارى كلينتون، وعلم أيضا بأن ويكيليكس سينشر رسائل بريد إلكترونى تم سرقتها من الديمقراطيين من قبل عملاء روس.
وفضلا عن ذلك، فإن كوهين ألمح إلى أن روبرت مولر، المحقق الخاص الذى يقترب من الانتهاء من تحقيق بشأن ما إذا كان فريق ترامب قد نسق مع تدخل روسيا فى انتخابات 2016، ربما يكون لديه دليل يثبت ما يحقق فيه، فعندما سئل كوهين من قبل ديبى واسرمان شولتز، نائبة فلوريدا الديمقراطية التى أجبرت على الاستقالة من رئاسة الحزب بسبب تسريبات ويكيليكس، عن كيفية دعم مزاعمه التى تستند إلى أقوال قال إنه سمعها فى مكتب ترامب، رد المحامى السابق قائلا: أظن أن مكتب المحقق الخاص والوكالات الحكومية لديها المعلومات التى تسعين إليها، وقد أنكر ترامب هذه المزاعم فى إجاباته المكتوبة على أسئلة من مولر.
كما أن كوهين كرر أيضا أن ترامب كذب مرارا وتكرارا على الرأى العام الأمريكى خلال الحملة الانتخابية فى 2016 بقوله إنه ليس لديه أى تعامل مع روسيا، وأبلغ كوهين المدعين بأن ترامب كان يسعى إلى بناء برج مربح فى موسكو حتى يونيو 2016.
أما الأمر الثانى فلا يزال كوهين يشير إلى توريط ترامب فى مؤامرة جنائية لانتهاك قوانين تمويل الحملات الانتخابية، وفى شهادته أمام الكونجرس أمس، أدرج اسم نجل ترامب "دونالد جونيور" فى الأمر، حيث كشف عن نسخ من شيكات وضعها ترامب ونجله كانت وجهة لدفع أموال لممثلة الأفلام الإباحية ستورمى دانيلز مقابل التزامها الصمت إزاء علاقتها بدونالد ترامب.
ووصف المدعون الفيدراليون هذه الأموال بأنها غير قانونية تستخدم أموالا لم يتم الكشف عنها لحماية حملة ترامب الرئاسية.
ومن المقرر أن يذهب كوهين إلى السجن فى مايو المقبل، حيث يقضى فترة عقوبة تستمر ثلاث سنوات بعدما أقر بذنبه بتورطه فى هذه المؤامرة وزعم بأن ترامب وجهه لارتكاب هذه الجريمة المتعلقة بتمويل الحملة.
وبحسب ما يقول خبراء قانونيون، فإن هذا يمكن أن يعرض ترامب للملاحقة القضائية فى مدينة نيويورك عندما يترك منصبه، كما أن نجله ترامب جونيور يواجه مخاطر مشابهة فى الوقت الراهن.
وخلال شهادته، أحدث كوهين ضجة هائلة عندما قال إنه يخشى ألا يسمح ترامب لخلفه بتولى مقاليد الحكم سلميا إذا خسر انتخابات الرئاسة عام 2020، وقال كوهين فى ختام شهادته أمام لجنة الإشراف بمجلس النواب الأربعاء "بالنظر إلى خبرتى فى العمل مع السيد ترامب، فإننى أخشى ألا يكون هناك انتقال سلمى للسلطة مطلقا إذا خسر الانتخابات فى 2020"، ومضى قائلا: إن قلقه بشأن انتقال السلطة فى 2020 هو "السبب فى موافقتى على أن أمثل أمامكم".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة