أثارت حادثة إساءة مدرسة لتعليم القرآن فى تونس لعشرات الأطفال التونسيين حالة من الجدل في تونس، وذلك بسبب تورط أطراف تونسية في جرائم الاتجار بالبشر وسوء معاملة الأطفال، وسط انتقادات واسعة للحكومة التونسية لعدم تحركها لإيجاد حل لإشكالية التعليم الدينى الموازى الذى انتشر فى تونس منذ 2011.
وترى غالبية القوى السياسية التونسية أن عشرات المدارس المنتشرة في تونس التي تشرف عليها حركة النهضة الإخوانية بزعم تعليم القرآن، تسير على نهج مدارس التنظيمات المتشددة والتى عكفت على نقل الأفكار المتطرفة لعقول الأطفال التونسيين، وهو ما يهدد بنشأة جيل جديد من المتطرفين في الأراضى التونسية.
وأعلنت السلطات التونسية، الاثنين، أنها أوقفت مسؤولا عن مدرسة قرآنية متهما بإساءة معاملة 42 طفلا واستغلالهم، لافتة إلى أنها نقلت هؤلاء إلى مركز للاندماج، بعد أن أعلنت، عن ضبط مدرسة قرآنية بمنطقة الرقاب التابعة لولاية سيدي بوزيد، مؤكدة أنه ثبت تورط المدرسة في الاتجار بالبشر وممارسة العنف ضد أطفال وتلقينهم أفكارا متشددة.
بدورها كشفت رئيسة الهيئة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر فى تونس، روضة العبيدى، الثلاثاء، تفاصيل جديدة عن المدرسة القرآنية بالرقاب من ولاية سيدى بوزيد وعن الظروف التى كان يُقيم فيها الأطفال.
وقالت روضة العبيدى فى تصريحات صحفية - نقلتها وسائل إعلام تونسية - إن هؤلاء الأطفال حُرموا من النوم وتم إجبارهم على أكل طعام متعفن بالدود فى إطار جهاد النفس وأُرغموا على الأكل على الأرض وعاشوا ظروفا مهينة جدا فى غياب تام لأى رعاية صحية.
وأكدت أن هؤلاء الأطفال عندما يمرضون يتم معالجتهم بالرقية الشرعية مع زرع الخوف فى نفوسهم، مشددة على أن 22 طفلا منهم يعيشون حاليا مشاكل صحية متنوعة كمرض القلب وضيق التنفس وأمراض جلدية وصعوبات فى المشى بسبب ضربهم بالفلقة، إلى جانب تعرض عدد منهم للاغتصاب.
وذكرت المتحدثة أن الأطفال فى المدرسة المذكورة تم تشغيلهم واستغلالهم فى أعمال البناء والأعمال الفلاحية فى الوقت الذى يعيش فيه صاحب المدرسة فى رفاهية مطلقة.
بدورها أوضحت وزارة الداخلية التونسية أن وحدات أمنية عثرت فى المدرسة "على 42 شخصا تتراوح أعمارهم بين 10 و18 عاما و27 راشدا بين 18 و35 عاما، تبين أنهم يقيمون مختلطين بنفس المبيت فى ظروف لا تستجيب لأدنى شروط الصحة والنظافة والسلامة وجميعهم منقطعون عن الدراسة". كما أفادت بأنهم يتعرضون للعنف وسوء المعاملة ويتم استغلالهم في مجال العمل الفلاحي، وأشغال البناء ويتم تلقينهم أفكارا وممارسات متشددة.
وأشارت وزارة التربية التونسية إلى أنها بصدد التنسيق مع الوزارات ذات العلاقة للنظر فى إعادة دمج أطفال مدرسة الرقاب فى المسار التعليمي أو توجيههم نحو مراكز التكوين المهنى مع ضمان المتابعة النفسية اللازمة.
وباتت المدارس القرآنية التي تشرف عليها التيارات الدينية المتشددة في تونس مصدر قلق وتهديد لنظام التعليم بالبلاد بشقيه العمومي والخاص، إذ أنها تلقن للتلامذة مواد غير خاضعة للرقابة فى تجاوز علنى للمناهج الرسمية لوزارة التعليم التونسية، كما أنها تروج للفكر المتطرف وتحرضهم على العنف.
وأثار هذا النمط من التعليم القرآنى الذى بدأت ملامحه تثير المخاوف بين أطياف واسعة من المجتمع التونسى، لقلقهم حول استدراج الناشئة فى فخ الإرهاب، الأمر الذى يحذر من أن المقاربة الأمنية والفكرية لاستئصال هذه الظاهرة لم تنجح بعد فيما تصبو إليه.
وانتشرت عشرات المدارس التونسية بزعم "تعليم القرآن" بعد ثورة تونس عام 2011 مستفيدة من مناخ الحرية، غير أن الحكومة التونسية بدأت بحملة تعقب للجمعيات ذات التمويل المشبوه أو المتورطة فى نشر التطرف، وأمر القضاء التونسى بإغلاق بعضها، بعد سلسلة من الهجمات الإرهابية الدامية التى تعرضت لها البلاد.
وقال وزير الشؤون الدينية التونسى أحمد عظوم فى تصريحات إذاعية إن المدرسة "القرآنية" بالرقاب تأسست بعد الثورة فى إطار مرسوم 2011 الخاص بتكوين الجمعيات والذى منح الحرية المطلقة لمثل هذه الجمعيات دون تدخل من الوزارة، موضحا أن الدولة التونسية هى من تتحمل المسؤولية لأن المدرسة صدر قرار بغلقها منذ فترة لكن القرار لم ينفذ.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة