تواصل وزارة الرى عملها فى استعادة التاريخ، فبعد تطوير سيارة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر الشاهدة على بناء السد العالى، تحولت بوصلة اهتمام وزير الرى إلى إحياء القناطر الخيرية ووضعها على قائمة الترويج السياحى للنيل والمعالم المائية والسياحية، تقديرا لدورها التاريخى فى حماية الدلتا واستزراع أراضيها وتنظيم حركة الرى وصرف المياه، والحفاظ على تاريخ مصر الخديوية الذى جسد نهضة حقيقية مازالت راسخة لدى العالم ونجنى ثمارها حتى الآن.
محمد على يفكر فى بناء قناطر عند انفراج مثلث الدلتا فى نهر النيل
إذا رجعنا بالذاكرة إلى الوراء سنقرأ فى كتب التاريخ كم كان لهذه القناطر من أفضال غيرت شكل الحياة فى الدلتا، فهى تحمل بين طياتها حكايات وقصص كثيرة، تعود لأزمة فى الرى كانت تواجه أراضى الوجه البحرى، التى كانت تروى حتى أوائل القرن الثامن عشر بطريق الحياض، مثل رى الوجه القبلى، لم يكن يُزرع فيها إلا المحاصيل الشتوية، أما الزراعات الصيفية فلم تكن تجد المياه لريها إلا لو زُرعت على شواطئ النيل أوالترع القليلة المتفرعة منه، لذلك فكر محمد على فى ضبط مياه النيل للانتفاع بها فى الزراعة الصيفية فى الدلتا، وذلك بإنشاء قناطر كبرى فى نقطة انفراج مثلث الدلتا فى نهر النيل بفرعيه دمياط ورشيد عند النقطة التى كانت معروفة فى ذلك الوقت "ببطن البقرة".
محمد على يطلب من كبار مهندسيه دراسة مشروع القناطر الخيرية
طلب محمد على دراسة مشروع إنشاء القناطر الخيرية من كبير مهندسيه لينان دى بلفون (لينان باشا) كبير مهندسيه، فوضع له تصميماً وشرع فى العمل وفقا لهذا التصميم سنة 1834، ثم ترك لوقت آخر، وعندما اعتزم محمد على استئناف العمل استرشد بمهندس فرنسى آخر وهو موجيل بك، حيث أعجب بمقدرته الهندسية فى إنشاء حوض السفن بميناء الأسكندرية، فعهد إليه وضع تصميم إقامة القناطر الخيرية، فقدم مشروعاً يختلف عن تصميم لينان باشا الذى كان يرى إنشاء القناطر على الأرض اليابسة بعيداً عن المجرى الأصلى للفرعين، واختار لذلك قطعتين بين ملتويين من ملتويات فرعى النيل حتى إذا تم إنشاؤها حوَّل الفرعين إليها بحفر مجريين جديدين، لكن مشروع موجيل بك يقتضى إقامة القناطر مباشرة فى حوض النهر، وتكون المشروع من قنطرتين كبيرتين على فرعى النيل يوصل بينهما برصيف كبير، وشق 3 ترع كبرى تتفرع عن النيل فيما وراء القناطر لتغذية الدلتا، وهى الرياحات الثلاثة المعروفة بالرياح المنوفى لرى وسط الدلتا والبحيرى لرى غرب الدلتا والتوفيقى لرى شرق الدلتا.محمد على يفكر فى استخدام حجارة الأهرامات لإنشاء القناطر الخيرية
ولا يعلم الكثيرين أن محمد على فكر فى استخدام حجارة الأهرامات فى بناء القناطر الخيرية نظراً لآن الآثار المصرية القديمة فى ذلك الوقت كانت لا تعد مردوداً اقتصاديا ولعدم انتشار الحركة الثقافية بالشكل المطلوب آنذاك، ولكنه عدل عن الفكرة تماماً بعد مشاورة لينان دى بلفون بك، فاقترح عليه أن يتم جلب الأحجار من محاجر طره نظرا لوعيه بأهمية الآثار كتراث إنسانى، وقيل أيضاً أن سبب رفضه لاستخدام حجارة الأهرامات فى بنائها حتى لا تصيبه لعنة التاريخ.
وضع حجر أساس القناطر الخيرية 1847
وفى 1843 تم البدء فى بناء قناطر دمياط، وفى 1847م ووضع محمد على حجر أساس القناطر الخيرية، وترك مئات الأفدنة حول القناطر لأجل التوسعات المستقبلية وخصص 500 فدان جميعها تطل على النيل مباشرة للحدائق المقامة على نمط المنتزهات والحدائق الأوربية مزودة بالأشجار النادرة التي جلبها من مختلف أنحاء العالم.
20 عاماً من الصعوبات فى بناء القناطر الخيرية
وجهز المهندس لينان 1200 عامل، ومهد لهم سبل الإعاشة من عمال مصريين وأجانب، وأنشأ خط سكة حديد لنقل محاجر طرة حتى نهر النيل، لكن حدث ما لم يكن فى الحسبان توقفت الأعمال بسبب انتشار الطاعون الذى فتك بالكثير من عمال القناطر، وتراخى العمل فى تنفيذ المشروع فى أواخر عهد محمد على وتوقف بعد وفاته، وبعد 20 عاماً من الصعوبات والعثرات التى اعترضت المشروع، وتم استئناف العمل فى 1863، وفى عام 1867 " في عهد الخديوى إسماعيل ظهر خلل فى بعض عيون القناطر، فتم الاستعانة بالمهندس موجل بك لإصلاح الخلل وكان قد بلغ الخامسة والسبعين من عمره، فعينته الحكومة مهندسا للقناطر، وشكلت عدة لجان لعلاج حالة القناطر.
القناطر الخيرية تخرج من الخدمة 1939 وانشاء قناطر الدلتا الجديدة
وظلت القناطر الخيرية تعمل حتى نهاية عام 1939، بتكلفة إنشائها 3.500 مليون جنيه حتى تم انشاء (قناطر الدلتا الجديدة) خلف القناطر القديمة التى أصبح استخدامها مقصورا على أغراض مرور المياه باعتبارها من أعظم الآثار الهندسية لمصر الحديثة والتى كانت محط الإعجاب والفخر منذ بنائها وحتى يومنا هذا، نحكى قصتها للأجيال جيلاً بعد جيل.
2نهر النيل
Capture
القناطر الجديدة
القناطر الخيري ليلًا
القناطر الخيرية مضاءة ليلًا 2
القناطر الخيرية
القناطر مضاءة ليلًا
المراكب النيلية داخل النهر
النيل والقناطر الخيرية
جزيرة شعير
غروب الشمس داخل النهر
غروب الشمس
نهر االنيل 3
نهر النيل بفرعيه دمياط ورشيد
نهر النيل
نهر النيل4