مع زيادة الأفكار المتطرفة وانتشار أصحاب الفكر المتشدد تكون الثقافة هى الواجهة الأول وحائط الدفاع الأول عن الشخصية المصرية، وحضارتها التى تمثل التاريخ الإنسانى، صاحبة الفضل على الإنسانية كافة فى نشر الثقافة والعلم.
ولطالما كانت وزارة الثقافة المصرية حريصة على تقديم دراسات وكتابات تنويرية، تحمل رسائل لمواجهة الأفكار المتشددة، وقدمت خلال حقبة ثمانينيات وتسعينيات القرن المنقضى، عددًا من سلاسل النشر الخاصة بنشر التنوير ومواجهة الفكر الرجعى، ولعل من أبرزها سلسلة "المواجهة" والتى كانت تصدرها الهيئة العامة للكتاب فى التسعينيات واستطاعت تقديم عدد من العناوين الخاصة بالحرية والمواطنة، لكن مع مرور الوقت توقفت هذا السلسلة.
إحدى إصدارات سلسلة المواجهة
السؤال التى توجهنا به إلى رؤساء ومديرى إدارات النشر، بأكبر جهتين للنشر بوزارة الثقافة، هيئة الكتاب وقصور الثقافة، حول مدى استمرار اهتمام تلك المؤسسات بتقديم تلك النوعية من الكتب، وهل لازالت كتب التنوير تستحوذ على مساحات كبيرة من إصدارات الهيئات الحكومية، كرد على نشر الأكاذيب التى تقوم جماعة الإخوان الإرهابية بترويجها من أجل إسقاط الدولة المصرية؟.
وقال الدكتورة سهير المصادفة، رئيس الإدارة المركزية للنشر بالهيئة المصرية العامة للكتاب، إن الهيئة أصدرت سلسلة المواجهة فى تسعينيات القرن العشرين بعد موجة إرهابية حادة مثل التى نعيشها الآن، ونشرت من خلال هذه السلسلة الكتب التنويرية مثل كتب الإمام محمد عبده، وقاسم أمين، وآخرين.
الدكتورة سهير المصادفة
وأضافت سهير المصادفة، وتصدر الآن الأعمال الفكرية التنويرية فى إطار النشر العام أو بعض سلاسل الهيئة الأخرى مثل سلسلة تاريخ المصريين أو التراث الحضارى، أنجز النشر العام ثلاثين مؤلفًا يمكن إدراجهم تحت عنوان: التنوير، على سبيل المثال كتاب الدكتور سعد الدين هلالى: الإسلام الدينى والسلام مقابل الإسلام السياسى والعنف، والفترة المقبلة ستشهد إعادة طبع معظم الكتب التنويرية المهمة التى أصدرتها سلسلة المواجهة، إلى جوار نشر الكتب الجديدة الجيدة فى هذا المجال وأيضًا استكتاب كبار المفكرين للنشر فى هيئة الكتاب.
ولفتت رئيس الإدارة المركزية للنشر بهيئة الكتاب أن مواجهة الأفكار المتطرفة، لن تتم إلا من خلال "معرفة الذات" أولاً، مشددة على أنها تسعى إلى نشر الأعمال والدراسات التنويرية، ومواجهة الصعوبات التى تواجه النشر بالهيئة.
من جانبه قال الناقد والكاتب المسرحى جرجس شكرى، مدير الإدارة المركزية للنشر بالهيئة العامة لقصور الثقافة، إن إدارة النشر، تنشر وفقا لأهداف الثقافة الجماهيرية، وهى الحفاظ على الهواية المصرية، وروح الشخصية المصرية الأصيلة.
الكاتب المسرحى جرجس شكرى
وأضاف "شكرى" أن الثقافة الجماهيرية تعد خط الدفاع الأول عن الهوية المصرية، ومن هذا المنطلق فإن كل سلاسل النشر بالهيئة تقدم عناوين فى ذلك الشأن وفى صميم ذلك الموضوع، وخلال المعرض الأخير كانت هناك العديد من العناوين التى تؤكد ذلك.
ولفت مدير إدارة النشر بهيئة قصور الثقافة أن الهيئة على سبيل المثال، قدمت 3 كتب للمفكر الكبير رفاعة الطهطاوى، توضح أفكاره التنويرية، وكيف كان يفكر ذلك المفكر الكبير منذ 150 سنة، بالإضافة إلى سلسلة مثل سلسلة حكايات مصر، والتى تقدم جزء من التاريخ المصرى، مثل كتاب "تكوين مصر لشفيق جبريال"، كما قدمت سلسلة ذاكرة مصر كتاب "سندباد مصرى.. جولات فى رحاب التاريخ" للكاتب الكبير حسين فوزى.
وشدد جرجس شكرى أن قصور الثقافة تعمل على وصول الأفكار التنويرية إلى الجمهور العادى، كتوجه عام من خلال السلاسل كافة وليس سلسلة بعينها، لافتا إلى أن تقديم كتب الفيلسوف المسلم ابن شد، هى فى صميم ذلك الموضوع، كما أن الهيئة نشرت تجربة الدكتورة منى أبو سنة، والتى قامت فيها بعرض أفكار الفيلسوف الكبير مراد وهبة، بالعامية المصرية، فى كتاب "رباعية الديمقراطية"، كما أن سلسلة نصوص فلسفية نفسها تقدم عناوين عدة خاصة بنشر الأفكار التنويرية، وتتناول قضايا المواطنة والدولة المدنية والتعريف بالهوية المصرية.