يبدو أن مهمة الإنقاذ التى استغرقت 11 ساعة من جانب أعضاء مجلس الشيوخ الجمهورى لتفادى هزيمة محرجة للرئيس الأمريكى دونالد ترامب بشأن إعلانه عن حالة طوارئ وطنية على الحدود مع المكسيك، تتجه نحو الفشل فى التصويت المقرر اليوم الخميس.
قبل ساعات من التصويت أعلن ترامب اعتزامه استخدام حق النقض الأول له، فى صراع مرتبط مباشرة بقرار بناء حواجز على طول الحدود الجنوبية الغربية لمواجهة قضية المهاجرين غير الشرعين. وترك الأمر أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين أمام خيار مؤلم، فإما تحدى الرئيس الذى يحظى بالولاء العاطفى من الناخبين المحافظين أو الموافقة على ما يعتبره الكثير من المشرعين من كلا الحزبين توسعا مشكوكا فيه وخطيرا فى السلطة الرئاسية.
وفى تدوينة على حسابه بموقع تويتر، قال ترامب إن هناك تصويت كبير اليوم من قبل مجلس الشيوخ بالولايات المتحدة، على إعلانه حالة طوارئ وطنية من أجل بناء جدار على الحدود مع المكسيك.
وغرد ترامب إن الجدار يتم بناءه بالفعل، وأنه على استعداد لاستخدام حق الفيتو إذا لزم الأمر، من أجل الحفاظ على أمن الحدود وبناء الجدار، قائلا: "الحدود الجنوبية كابوس الأمن القومي والإنسانية".
وتعود تفاصيل الأمر إلى إعلان ترامب حالة الطوارئ الوطنية لتمويل الجدار الذى يرغب فى بناءه على حدود بلاده مع المكسيك، بعد أن وصل لطريق مسدود مع الكونجرس. فبعد فترة إغلاق حكومى استمرت خمسة أسابيع، توصل المفاوضون من الحزبين الجمهورى والديمقراطى، إلى اتفاق يقضى بتخصيص 1.375 مليار دولار لبناء 55 سور بطول 55 ميلا على الحدود الجنوبية، وهو أقل كثيرا من مبلغ 5.7 مليار دولار الذى طلبه ترامب من أجل بناء 234 ميلا من الجدران الفولاذية.
غير أن مجلس النواب، أواخر فبراير، صوت بأغلبية كبيرة على مشروع قانون يلغى حالة "الطوارئ الوطنية" التى أعلنها الرئيس الأمريكى، فى وقت سابق من الشهر نفسه. وانضم أكثر من 10 نواب جمهوريين إلى أقرانهم الديموقراطيين فى تأييد مشروع القانون الذى تم إقراره فى النهاية بأغلبية 245 نائبا مقابل 182.
وفى مجلس الشيوخ، أعرب أربعة من الأعضاء الجمهوريين عن دعمهم لمشروع القرار، الذى يحتاج أيضا لتأييد الشيوخ حتى يمكن تمريره. لكن البيت الأبيض واصل جهوده، خلال الأيام الماضية، لإحباط مثل هذه الخطوة.
وأفادت صحيفة "واشنطن بوست"، أن مفتاح قمع تمرد الحزب الجمهورى هو التشريع الذى صاغه السناتور مايك لى، الذى يحاول إعادة بعض سلطات الطوارئ إلى الكونجرس، مما من شأنه أن يمنح الجمهوريين، الذين يشعرون بعدم ارتياح بشأن دستورية إعلان ترامب، بعض الغطاء السياسى للوقوف بجانب الرئيس الذى ينتمى لحزبهم.
غير أن وكالة الاسوشيتدبرس، كشفت، اليوم الخميس، وقبل ساعات من التصويت المقرر على مشروع القانون المناهض لإعلان ترامب، أن خلال غداء الحزب الجمهورى، اتصل الرئيس الأمريكى بالسيناتور مايك لى وأخبره أنه يعارض تشريعه.
وقال السيناتور "لى"، فى وقت لاحق فى بيان إنه سيدعم قرار إلغاء حالة الطوارئ لأن تشريعه المقترح بات الآن يفتقر إلى "طريق فورى للمضى قدما"، ومن شأن ذلك أن يجعله السناتور الجمهورى الخامس الذى يعارض حالة الطوارئ على الحدود، ومن ثم سيكون ذلك كافيا لإعادة القرار إلى البيت الأبيض. كما قال مسئول جمهورى فى الكونجرس، فى تصريحات للوكالة، إن ما يصل إلى 15 جمهوريا قد يصوتون ضد طوارئ ترامب.
لكن المعركة لن تكون انتهت عند هذا الحد، فبموجب قانون عمره أربعة عقود، يتمتع رؤساء الولايات المتحدة بالصلاحيات الواسعة لإعلان الطوارئ، وفى المقابل يمكن للكونجرس التصويت ضد هذا الإعلان. ومع ذلك فإن التصويت بأغلبية الثلثين لا يمكنها هزيمة الفيتو الرئاسى، إذ يحق للبيت الأبيض فى نهاية المطاف استخدام حق الفيتو ضد تصويت الكونجرس. وتلفت الاسوشيتدبرس إلى أن أيا من رؤساء الولايات المتحدة لم يعلن الطوارئ بعد تصويت الكونجرس بالرفض.
غير أن استخدام ترامب الفيتو الرئاسى سيشكل توترا وساعا للرئيس نفسه قبيل انطلاق حملته لدورة رئاسية ثانية فى 2020.