ارتفعت حرارة المعركة بين الشيخ الشعراوى وكل من توفيق الحكيم ويوسف إدريس والدكتور زكى نجيب محمود، حول مقالات الحكيم «حديث مع الله» بدعوة الشعراوى لهم يوم 17 مارس 1983، لعقد مناظرة تليفزيوينة يحضرها وحده فى مواجهتهم.. «راجع ذات يوم 17 مارس 2019».
كان يوم 18 مارس مثل هذا اليوم 1983، هو اليوم التالى لإطلاق دعوة المناظرة، وفيه ترقب الجميع رد الفعل عليها، فالداعى شيخ له جماهيريته الواسعة، والمدعوون رموز كبيرة فى مجال الفكر العربى، ويرصد الكاتب الصحفى محمد توفيق فى كتابه «الملك والكتابة» هذه الردود قائلا: «سارع وزير الإعلام صفوت الشريف بالموافقة قائلا: «إن مثل هذه الندوات تساعد على تبصير المجتمع بالقضايا الدينية».. وعلى صفحات جريدة «الشعب» لسان حال حزب العمل المعارض، طرح يوسف إدريس فى حوار له تساؤلات منها: «كيف أن عالما جليلا فى هذه المكانة يسمح لنفسه أن يتهم الآخرين بالكفر وإذا كان هو فعلا غيورا على الإسلام، فالإسلام ينص على أنه قبل الحكم على إنسان لابد أن يحاكم أولا، ونعطى له فرصة الدفاع عن نفسه، ولكن ليس هكذا، وبشكل غيابى يصدر حكما بالردة، أوبالارتداد عن الدين، وهى التهمة التى يعلم جيدا أن عقوبتها الإعدام فى ميدان عام، وإعدام من؟ إعدام رؤوس كبيرة فى البلد تتلمذت على أيديهم أجيال وأجيال».. رد الشعراوى قائلا: «إن الشىء الذى أحب أن أحدده ولا أدرى كيف غاب عمن يتصيد ما يأخذه على شخصى أننى لم أرم أحدا بالضلال أو الإضلال أو الكفر، ما الذى يجعلهم يجذبون هذه الألفاظ إلى جهتهم؟».
يضيف توفيق: «فجأة أعلن يوسف إدريس موافقته على عمل المناظرة، ولكن بشروط هى: أولا، أن يفسر فضيلته لماذا أخذ موقفا مؤيدا تماما لمبادرة القدس «زيارة السادات لإسرائيل نوفمبر 1977»، التى كانت بداية الكوارث على الأمة والعربية والإسلامية، بل عمل وقتها وزيرا للأوقاف وبعينى رأيته مع الرئيس السابق السادات يحيى الذين وقفوا للتهنئة بمبادرة القدس.. ثانيا: أريد أن أناقشه فى موقفه المشهور فى مجلس الشعب الذى قال فيه ما معناه «إن السادات لا يُسأل عما يفعل» فصاح به الشيخ صلاح أبو إسماعيل عضو المجلس، قائلا: «يا راجل ..هذا معناه أنك ترفع السادات إلى مراتب الألوهية.. فقط أريد إجابة عن هذا السؤال: يعنى الرئيس السادات لا يُسأل «بضم الياء»، ونحن يتم تكفيرنا دون أن نسأل، أم لأن السادات رئيس؟..ثالثا: كيف تقوم حرب لبنان «العدوان الإسرائيلى على لبنان 1982»، ولا يحفز فضيلة الشيخ الشعراوى نفسه لإثارة المسلمين ضد هذه الحرب وضد المذابح؟ أنا لم أقرأ أو أسمع له كلمة واحدة هجوما على إسرائيل ولا على المذابح، إنه يقيم ندوة كل يوم جمعة بالتليفزيون، ومع ذلك لم يقل شيئا عنها، كان من المفروض أن يخصصوا ولو ندوة واحدة، ولكن كون الشيخ الشعراوى يترك المسلمين يذبحون ويتكلم فى إعراب القرآن، لذلك لابد من مساءلة فضيلته عن هذا وهو رجل مسئول بقدر عدد من يؤمنون به، وأنا لا أدينه، ولكن أنا فقط أضع النقاط ونتكلم حولها».
وفند زكى نجيب محمود هذه الدعوة فى كتابه «قيم من التراث» ومما قاله: «ما هو موضوع المناقشة الذى تقترحه، بحيث تضمن لقدر نفسك أن يبرز أمام الناس عملاقا، ويتضاءل الآخرون أقزاما؟، ومن يا ترى الذى يترك له اختيار الموضوع؟ أنت أم أنا؟
يقول محمد توفيق: «لم يكتف الشيخ الشعراوى بالمعركة مع ثلاثة من أقطاب الفكر، بل صعد من حملته وهاجم صحفيتى «الأهرام» و«أخبار اليوم» لوقوفهما إلى جوار خصومه، وذلك فى حواره مع جريدة الأحرار«لسان حال حزب الأحرار المعارض»، الذى جاء فيه: «إن تلك الصحف تحولت إلى وكر لنشر الإلحاد بين الناس بإفساح صفحاتها لمقالات توفيق الحكيم الذى يتطاول على الذات الإلهية ويتهجم على منهج الله تحت ستار ما يسمونه الاجتهاد وحرية الفكر، وأنه لا إكراه فى الدين».
وصلت المعركة إلى ساحات المحاكم، بتقديم الحكيم بلاغا إلى النائب العام ضد الشعراوى، يطالب فيه بحمايته من بعض الغوغائيين الذى قرأوا مقالاته وهاجموه، وطالب بحمايته من داعية إسلامى هو «متولى الشعراوى» أشاع بأنه كافر، وطالب بأن يحقق فى الأمر وعلى النيابة أن تتحرى الموقف من عقلاء الدين لتظهر الحق ولا تتركه بدون حكم نزيه من علماء الدين الشرفاء.. يذكر محمد توفيق، أن الشيخ الشعراوى قام بمقاضاة جريدة «أخبار اليوم» لنشرها خبر رفع الحكيم لدعوى قضائية ضده، قبل أن تصله عريضة الدعوى، مما يعد مخالفة قانونية ارتكبتها «أخبار اليوم» فى حقه، علاوة على تحيزها الواضح ضده لحساب توفيق الحكيم، والدفاع عن أفكاره الغربية والترويج لها بين الناس رغم مخالفتها لأبسط قواعد الإسلام.
وتواصلت المعركة حتى أسدل الستار عليها يوم 5 إبريل 1983.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة