مع تزايد نزعة التطرف خلال الفترة الحالية، أصبح العالم يعانى من أحداث مأساوية بشكل متكرر، ولم تعد المنطقة العربية تعانى من التطرف وحدها، بل اكتوى الغرب أيضا بالإرهاب والتطرف، كما طال جميع الديانات، بما يؤكد أن الإرهاب والتطرف لا دين له.
أسباب عديدة تسببت فى تفاقم العمليات الإرهابية فى العالم، بل أن الدول الأوروبية كانت لها أسباب عديدة فى هذا الأمر على رأسها عدم التعامل بجدية مع انتشار ظاهرة الإرهاب، ومواجهته، إلى جانب إخفاقها فى التعامل مع ملف العائدين من التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها داعش.
فى هذا السياق توقع الدكتور طه على، الباحث فى علم الاجتماع السياسى، أن تشهد الأيام المقبلة تزايداً فى معدلِ العمليات الإرهابية بواسطة "اليمين المتطرف"، على أن يقابل ذلك بعمليات لا تقل خطورة بواسطة "التنظيمات الإرهابية، متابعا: لقد شهدت أوروبا خلال الفترة الأخيرة عودة عددٍ من أبنائها المنخرطين في تنظيم "داعش" الإرهابى بالشرق الأوسط، في الوقت نفسه التي لم تختفى غبه الأسباب التي دفعتهم إلى تلك التنظيمات سواء كانت مادية أو اجتماعية أو حتى سياسية، وبالتالى يبدو هؤلاء العائدين خطرا محتملا بدرجةٍ كبيرةٍ خلال الفترة المقبلة على الأمن الأوروبي بشكل عام، وهو ما حذِّرت منه بعض التقارير الاستخبارية في أوروبا أخيرا.
وأضاف الباحث فى علم الاجتماع السياسى، أن أنماط تنفيذ العمليات الأخيرة والمتوقعة أيضا تحمل طابع العمل الفردي سواء بالأسلحة النارية كما حدث في نيوزيلاندا وهولندا، أو عمليات دهسٍ أو طعنٍ، مع ارتباط تلك الأعمال بدوافع اجتماعية ونفسية كما ظهر من اعترافات مرتكب حادث نيوزيلاندا الأخيرة إذ اعترف بحقده على المهاجرين، وخاصة المسلمين منهم.
ولفت الدكتور طه على، إلى أن نزعة التطرف في العالم ترتبط بدرجةٍ كبيرةٍ بفشل الحكومات في حل المشكلات الإقليمية والصراعات المزمنة كما هو الحال في سوريا والعراق وقبل ذلك القضية الفلسطينية والانحياز الواضح للقادة الغربيين على حق الفلسطينيين وهو ما يصوره البعض في الغرب كمبررٍ على ازدواجية النخب الحاكمة في التعامل مع قضايا المقهورين حول العالم.
وتابع الباحث فى علم الاجتماع السياسى: لا يزال تعامل الحكومات الأوروبية مع العائدين من دعش بالشرق الأوسط ينقصه التقدير الشامل، حيث يقتصر الأمر على التعامل معهم جنائياً والتحقيق معهم بعيداً عن معالجة أسباب انضمامهم إلى "داعش" بالأساس.
وأوضح طه على، أن التنسيق الأمني الأوروبي لا يزال يعاني من قصور واضح على المستوى المؤسسى فقد عجز الأوروبيون عن تأسيس "وكالة استخبارات أوروبية موحدة" على غرار "وكالة المخابرات المركزية الأمريكية" (CIA) فى ظل عدم كفاءة المؤسسات القائمة فى مواجهة الإرهاب مثل الـ "يوروبول".
وأكد الباحث فى علم الاجتماع السياسى، أن الأزمة التي تضرب الاقتصاد العالمي وما يترتب عليها من تزايد معدلات البطالة وغيرها من المشكلات الاجتماعية تلفت انتباه المتضررين منها بين أبناء القارة الأوروبية إلى النظر للمهاجرين باعتبارهم "مزاحمين" لم فى بلادهم، بينما يرى المهاجرون أن السبب وراء ما هم فيه إنما هو دعم الحكومات الغربية للإرهاب والتدخل لإسقاط لشيوع الفوضى في بلدانهم، الأمر الذي يعكس حالةً متبادلةً من الحقد والكراهية بين كلا الجانبين؛ فمن غير المتوقع أن تتراجع حدة التطرف وبخاصة في الغرب، متابعا: ولمواجهة تلك الأزمة ينبغي على الحكومات الأوروبية إعادة النظر في سياسات التعامل مع العائدين من داعش والنظر إليهم اجتماعيا وليس جنائيا فحسب.
وفى سياق متصل قال الدكتور طارق فهمى، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إنه من المتوقع أن تتمدد خريطة التطرّف في أوروبا بصورة لافتة في الفترة المقبلة نتيجة نظرية التمدد والانتشار شبيهه بنظرية الدمينو الشهيرة، وبالتالي فإن التطرّف والإرهاب سيتصاعد بقوة في الفترة المقبلة ليس فقط فى أوروبا بل وفِى أسيا وفِى مناطق التماس العربى الأوروبى.
وأضاف أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن المشكلة في تشرذم وتفتت عمل ومهام التنظيمات الإرهابية من مواقع محددة إلى مناطق متعددة حيث لم بعد يربط عناصر الإرهابيين سوى الفكرة والعقيدة الأيديولوجية وهو ما سيوسع من قيام عناصر إرهابية بعمليات جديدة في مناطق متعددة.
وأوضح الدكتور طارق فهمى، أن العمليات المنفردة التي لا يربطها رابط ستكون أساس ما سيجري في أوربا وخارجها، فالبيئة الحاضنة للتطرف موجودة في مصادر وفكر اليمين المتطرف والذي سيستمر يهدد الأنطمة والحكومات وسينتقل لدول جديدة.
ولفت أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إلى أن الرسالة تكمن فى أن التمدد الجيوسياسي مرتبط فعلا بالفشل الراهن في تجفيف مصادر الاٍرهاب والتطرف واتباع معايير مزدوجة في التعامل، المحصلة أنه كلما صعد اليمين إلى دول أخرى، سيزيد التطرّف ومن ثم وقوع أعمال إرهابية ضد الجميع .
فيما قال هثيم شرابى، الباحث الحقوقى، أن أسباب تفاقم فكر الإرهاب وانتشار العمليات الإرهابية فى أوروبا تكمن فى أنه منذ عامين حدثت موجات هجرة الى أوروبا من سوريا وجنوب تركيا والعراق، وكانت تتزامن مع تحرير حلب وحمص وغيرها من المدن مما أدى إلى هروب عناصر من تنظيمات الإرهاب مثل النصرة والجيش الحر الإخواني ضمن المهاجرين.
وأضاف الباحث الحقوقى، أن هناك تصريح سابق لوزير خارجية بريطانيا السابق يقول "إن من بين كل خمسة مهاجرين يوجد سوري واحد"، وهذا يعنى وجود عدد كبير من الإرهابيين الذين وصلوا إلى العواصم الأوروبية وبدأ نشاطهم خلال الفترة الماضية ومنها حوادث الدهس بالسيارات واليوم ما حدث في هولندا.
وتابع هيثم شرابى: هذا النشاط في سبيله للتزايد مالم يتم مواجهة شبكة الإرهاب بشكل دولي بكل الوسائل الممكنة لأن الخطر أصبح يحيط بالجميع.