انقلب السحر على الساحر وبات العالم كله يشعر بتداعيات دعم الدولة التركية للإرهاب، الحوادث الارهابية التى وقعت مؤخرا فى كلا من نيوزيلندا وهولندا، كشفت أن أنقرة هى كلمة السر فى تصدير الإرهاب للعالم، فالجريمة البشعة بنيوزيلندا التى نفذها شاب ارهابى استهدف فيها مصليين بمسجدين بمدينة كرايست تشيرش وأوقع أكثر من 50 شهيد كشفت التحريات زيارته لتركيا مرتين، وبعد أيام من الحادث نفذ رجل من اصول تركية بهولندا نفذه اطلاق نار على ترام بمدينة أوتريخت.
إذن "تركيا" كانت العامل المشترك بين منفذى العمليتين، فالارهابى الذى استهدف المصليين بنيوزيلندا كشفت التحقيقات زيارته لأنقرة مرتين، الأولى في عام 2016 حيث دخل البلاد في 17 مارس، وغادرها في 20 مارس والمرة الثانية في 13 سبتمبر وغادرها في 25 أكتوبر من العام نفسه، الأمر الذى لا يمكن عدم رؤيته منفصلا عن الدعم المالى واللوجستى ومظلة الحماية الأمنية التى تقدمها أنقرة للأفراد المطلوبين على ذمة قضايا ارهابية دولية، فضلا عن إيواء الجماعات الإرهابية على أراضيها، حيث فتحت تركيا السنوات الأخيرة أبوابها أمام الأشخاص التى لديها صلات أيدلوجية مع النظام، والمقاتلين للعبور إلى سوريا، وفى العراق قدمت الدوحة السلاح للتنظيمات المسلحة.
اللافت أن الرئيس رجب طيب أردوغان حاول استغلال الحادث الإرهابى وتوظيفه لخدمة أهدافه الحزبية فى الداخل التركى، حيث حرص على عرض لقطات من مقطع فيديو الحادث الذى صوره الأسترالى المتطرف خلال لقاء حاشد بمدينة اسطنبول ومنطقة تيكيرداغ شمالي البلاد أمس، وذلك رغم المساعى الدولية لحذف فيديو الجريمة البشعة من وسائل التواصل المختلفة احتراما لأرواح الضحايا ولمشاعر عائلاتهم، في محاولة من جانب الرئيس التركى لاستمالة الرأي العام قبل الانتخابات البلدية المرتقبة في 31 من مارس الجاري.
وبحسب تقرير لبلومبرج، لم يكتف أردوغان بهذا بل راح يتحدث عن الأمين العام لحزب الشعب الجمهوري المعارض، كمال كيليتشدار أوغلو، وعرض مقطع فيديو يتحدث فيه الأخير عن الإسلاميين المتشددين، وحاول الرئيس التركي أن يظهر خصمه بمثابة شخص يهاجم هوية بلاده ويركز على متطرفيها، لكن دون الإشارة إلى تشدد حركات اليمين في المجتمعات الغربية.
الحوادث الأخيرة أيضا ألقت الضوء بقوة على السجل التركى فى تمويل الإرهاب وتجنيد عناصر على أراضيها لزعزعة استقرار المنطقة، ففى السنوات الأخيرة انتهجت أنقرة سياسات تمويل الإرهاب، وكانت فى مقدمة الدول التى فتحت أبوابها وفنادقها أمام القيادات البارزة للجماعات الإرهابية فى مقدمتها جماعة الإخوان الإرهابية، ومنحتها الملاذ الآمن، وكل الوسائل للتخطيط وتنفيذ مؤامراتها فى الدول العربية، وكانت تخرج العمليات الإرهابية من خلف غرف الفنادق التركية، كما نفذت أنقرة وأبواقها الإعلامية أجندتها المشبوهة، وقامت المخابرات التركية بتدشين فضائيات موجهة للعبث بالأمن القومى العربى، وفتحت أنقرة حدودها أمام التنظيمات المسلحة للعبور إلى سوريا للجهاد المزعوم.
أما الحادثة الثانية فى هولندا والتى نفذه شاب من أصول تركية يدعى جوكمان تانيس 37 عاما والذى لم تتضح دوافعه بعد للسلطات الهولندية، لكنه يبرز أسلوب الانتقام الذى يطغى على الشخصية التركية فى الانتقام من خصومها ذلك الشعور الذى ينميه النظام التركى داخل الجماعات الإرهابية التى يأويها فى الداخل.
ورغم تورط النظام التركى بشكل أو بآخر فى دعم الإرهاب والحوادث الأخيرة والدور التركى الذى أبرزته تلك الحواث فى دعم الإرهاب وتجنيد المتطرفين على أراضيها، حاول نظام أردوغان الظهور فى ثوب الحمل، فقد خرج المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية التركي الحاكم عمر جليك قبل أيام وهو يقول إن "منفذ هجوم نيوزيلندا الإرهابي، يستهدف تركيا وماضينا وحاضرنا، ورئيسنا"، لكن تصريحات المسئولين الأتراك التى تسعى لإبعاد شبهة التورط المباشر فى الحوادث لا تنفى أبدا دور النظام فى نشر الارهاب وزعزعة الاستقرار.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة