قال محمد رضا عضو مجلس إدارة الجمعية المصرية للأوراق المالية ECMA، إن دعوة مصر لإنشاء سوق عربية إفريقية مشتركة، هى المرة الأولى التى يطرح فيها توصية أكثر عمقاً لرؤية متكاملة وموحدة ليس بإنشاء سوق عربية مشتركة أو إنشاء سوق أفريقية مشتركة وإنما إنشاء سوق عربية أفريقية مشتركة لتخلق رؤية حقيقية للتكامل وخلق القيمة المضافة وإطلاق الطاقات الكامنة للدول لاستغلال ثرواتها الطبيعية والمواد الخام المتوفرة بها، حيث تمتلك المنطقة العربية – الأفريقية طاقات ومقومات هائلة تمكنها من أحداث تكامل فيما بينها وخلق عملية متوازنة ما بين الإنتاج والاستهلاك مستغلة توافر المواد الخام والمنتجين من ناحية وتوافر السوق الاستهلاكى الأكبر فى العالم من ناحية أخرى.
وأضاف رضا، فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن المبادرة تفتح الآفاق أمام الاستثمار الأجنبى للدخول فى سوق الإنتاج والتواجد فى دول المنطقة كمنتج بدلاً من مصدراً لها يوفر التمويلات وينقل الخبرات الفنية ويخلق فرص العمل مستغلاً توافر المواد الخام مقابل الاستفادة من سوق استهلاكى ضخم يتعدى الـ2 مليار مستهلك فى كافة القطاعات، ونجد أن كل دولة على حدة فى المنطقة العربية – الأفريقية غير قادرة لوحدها على متابعة نموها الاقتصادى وتطورها الاجتماعى وخلق عملية متوازنة بين ما تنتجه وما تستورده لتغطية احتياجاتها، حيث نجد دولة تتميز فى سلعة ما ولكن تحتاج للعديد من السلع الأخرى فى حين نجد دولة أخرى تحتاج هذه السلعة ولديها سلع أخرى تنتجها تحتاجها الدولة الأولى لتصبح فكرة خلق عمليات تبادلية ما بين هذه الدول لتحصل كل دولة على احتياجاتها دون خلق عبء كبير على مواردها كما تفتح السبل لتصدر كل دولة ما تنتجه للدول المجاورة برسوم جمركية وتكاليف أقل لقرب المسافات مما يجعل منتجاتها بأسعار تنافسية للسلع المستوردة من خارج المنطقة.
وكانت مصر قد أطلقت على هامش ملتقى الشباب العربى والإفريقى وانطلاقاً من رئاسة مصر للاتحاد الإفريقى، توصيات توصف بالتاريخية بقيامها بالتنسيق مع مفوضية الاتحاد الافريقى وأمانة الجامعة العربية لتطرح على القمة العربية الإفريقية القادمة مقترحات محددة وعملية لانشاء سوق عربية إفريقية مشتركة وإنشاء صندوق لتمويل بنية التواصل الإفريقى للطرق والسكة الحديد والكهرباء لتعزيز الاندماج القارى.
وأشار إلى أنه مع نمو الإنتاج فى المنطقة العربية – الأفريقية، بسبب التقدم التقنى وإدخال آلات جديدة بطاقة إنتاجية عالية تضيق بها الأسواق المحلية والإقليمية لدول المنطقة مع عدم قدرتها على تصريف منتجاتها، فكان لابد من البحث عن سوق واسعة يمكن أن توفر للمنتجين طاقة استيعاب لمنتجاتها مع إمكانية التخصص فى الإنتاج مع توافر هذه السوق فى ذات المنطقة من الدول المجاورة، كما نجد أن ارتفاع تكاليف الإنتاج بسبب تطور الآلات وتوسع الطاقة الإنتاجية أصبح الاكتفاء بإنتاج كميات قليلة من المنتجات لتلبية الأسواق المحلية والإقليمية الضيقة يؤدى إلى توزيع أعباء الإنتاج على عدد قليل من المنتجات مما يؤدى إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج وارتفاع أسعار هذه المنتجات مقارنة بالمستورد مما يقلص من قدرتها التنافسية.
وتابع كما يعد تفاقم البطالة فى المنطقة العربية – الأفريقية أحد أهم الدوافع لخلق هذا السوق، حيث ترتب على تطور المستوى التقنى ورفع إنتاجية العمل من ناحية، وزيادة كفاءة الآلات من ناحية أخرى، نقص فى الطلب على اليد العاملة فى الوقت الذى أصبح فيه عدد السكان يتزايد بشدة مع هجرة اليد العاملة الزراعية إلى المدن بشكل كبير، ولم يكن بالإمكان امتصاص البطالة، إلا بتوسيع المؤسسات الإنتاجية القائمة أو باستخدامها بأقصى طاقة لها وهذا ما يدفع باتجاه خلق أسواق لتصريف هذه الزيادة فى الإنتاج.
ولفت إلى أن دول المنطقة العربية – الأفريقية تواجه عقبات عديدة فى عملية التطوير والتنمية لنموذج متكامل نحو نمو مستدام واحتوائى لاقتصادياتها منها انخفاض معدل نمو الدخل ومحدودية استيعاب الإنتاج الكبير والمنافسة بين المنتجات المتماثلة ونزوح الفائض الاقتصادى من دول المنطقة باتجاه الدول المتقدمة والتكتلات الاقتصادية العالمية وعدم الانسجام فى توزيع الإمكانات والثروات بين الدول لنجد أن فى بعض الدول تتوافر القوة العاملة وفى بعضها الآخر يتوافر رأس المال وفى دول أخرى كميات واسعة من الأراضى الخصبة ومن الثروات الطبيعية لنجد أن بلداً واحداً مهما اتسعت مساحته لا يمكن أن يشكل وحدة اقتصادية متكاملة قادرة على تحقيق التنمية بمفردها فى ظل أن العالم يتحالف ويتكتل اقتصادياً لمواجهة المتغيرات الاقتصادية العالمية والمخاطر المرتبطة بها لنجد العديد من التكتلات الاقتصادية فى العالم مثل السوق الأوربية المشتركة ومنطقة التجارة الحرة الأوربية ومنظمة الكوميكون والسوق اللاتينية المشتركة.
وتابع ولذا كان كل ذلك دافعاً قوياً لمصر أن تطرح رؤيتها للسوق العربى – الأفريقى المشترك انطلاقاً من رئاستها للاتحاد الإفريقى ودورها العربى لخلق هذا التكامل ليس لمجرد تحقيق عملية تجارية تكاملية لدول المنطقة وأنما رؤية متكاملة لتنمية اقتصادية حقيقية لدول المنطقة العربية – الأفريقية ولم يكن مقترح مصر بإنشاء صندوق البنية التحتية فكرة أو توصية منعزلة عن مقترح إنشاء السوق العربى الأفريقى وأنما كانت امتداد لها حيث يستلزم لنجاح أنشاء السوق العربى – الأفريقى المشترك تطوير البنية التحتية لدول المنطقة وزيادة قدراتها لدعم عمليات الإنتاج والتبادل التجارى والتى تشمل الطرق والسكك الحديدية والموانئ والكهرباء وهو ما يحقق رؤية مصر للتنمية المستدامة وخلق قيمة مضافة على أراضى المنطقة وتحقيق معدلات نمو أحتوائية تنعكس على شعوب المنطقة وتحقق نقلة حقيقية فى المنطقة.
وحدد رضا، أبرز التحديات لإنجاح تجربة إنشاء السوق العربية – إفريقية المشتركة وإنشاء صندوق تمويل البنية التحتية يجب وضع الإطار التنفيذى الذى يراعى مجموعة من الاعتبارات الرئيسية التى تمثل مواجهة للتحديات التى قد تواجه تطبيق وتنفيذ رؤية مصر، بالنسبة للسوق المشترك، يجب إنشاء اتحاد جمركى يعمل على توحيد التعريفة على البضائع المتبادلة لتحرير تبادل المنتجات بين دول المنطقة، وإصدار دول المنطقة قوانين لحماية الاستثمارات الأجنبية فى أراضيها من أخطار المصادرة والتأميم وما شابهها وحرية تدفق العملات الأجنبية من الداخل للخارج لدعم حرية انتقال رؤوس الأموال وتسوية المدفوعات، وحرية انتقال الأشخاص وممارسة النشاط الاقتصادى طبقاً لأحكام السوق والاعتماد على آليات العرض والطلب لتحقيق العدالة فى ممارسة الانشطة الاقتصادية، أما بالنسبة لصندوق البنية التحتية.
وطالب رضا، بإنشاء كيان يضم كافة دول المنطقة وتضع كل دولة مساهمة بحصة من رأس المال الصندوق مع فتح الآفاق لمشاركة المؤسسات الدولية والإقليمية مثل البنك الدولى وبنك التنمية الإفريقى بالإضافة للقطاع الخاص سواء المحلى أو الإقليمى أو العالمى مع وضع جهاز تنفيذى يمثل كافة الدول الأعضاء يضع خطة تنفيذية استثمارية متكاملة وعادلة بإطار زمنى محدد لتطوير البنية التحتية لدول المنطقة تشمل الطرق والسكك الحديدية والموانئ والكهرباء.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة