لم يحالف الحظ رئيسة وزراء بريطانيا، تيريزا ماى، منذ اللحظة التى استلمت فيها مهام منصبها الجديد، حيث انهالت عليها الضغوط فى ظروف أقل ما توصف به بالفوضوية، فبعد 46 عاما من الانضمام إلى الاتحاد الأوروبى، قرر البريطانيون فى استفتاء شعبى الخروج من التكتل قبل 3 سنوات، لتدخل المملكة المتحدة منذ ذلك التاريخ فى دوامة سياسة معقدة لم تنته إلى يومنا، بل ربما تزداد تعقيدا مع الاتجاه لتأجيل الخروج عن موعده فى 29 مارس الجارى.
ومع استمرار الفوضى المتعلقة بعملية الانسحاب فى الداخل البريطانى، كثرت التكهنات باقتراب رحيل تيريزا ماى التى فشلت حتى الآن مرتين فى تمرير اتفاق الخروج خاصتها عبر مجلس العموم، وسط استقطاب كبير بين صفى حزب المحافظين والعمال نظرا للانقسام بين نوابهما بشأن كيفية الخروج.
ويبدو أن قادة حزب المحافظين بدءوا بالفعل فى اتخاذ خطواتهم ليحلوا محل تيريزا ماى مع تزايد الضغوط من كل صوب، سواء من الداخل أو من الاتحاد الأوروبى، عليها لتحديد موعد مغادرتها لـ"داوننج ستريت" لاسيما مع الفشل فى "الخروج" والاتجاه إلى التأجيل، من خلال الاستعانة بالمادة 50 من معاهدة لشبونة ، وسط دعوات متنامية لها بالاستقالة من منصبها وإعطاء الفرصة لغيرها لإدارة هذا الملف المعقد الذى لم توفر هى فيه، حقيقة الأمر، جهدا، حيث عكفت على تنفيذ رغبة البريطانيين والتى عبروا عنها فى استفتاء يونيو 2016.
ولكن مع نشاط المنافسين خلف الكواليس وتصريحات نواب المحافظين بأنهم سيدعمون خطة رئيسة الوزراء مقابل تحديد موعد مغادرتها مما يزيد التوقعات بإعلان مغادرتها خلال الأسابيع المقبلة، من سيخلف تيريزا ماى؟
بريتى باتيل
بريتى باتيل
وتجيب صحيفة "الإندبندنت" البريطانية على هذا السؤال، بالإشارة على منافسة محتملة تتمثل فى بريتى باتيل، الوزيرة السابقة فى مجلس الوزراء. وقال أحد أعضاء البرلمان للصحيفة: " يبدو أن بريتى تضع نفسها فى الصورة مع تعثر عجلات عربة رئيسة الوزراء".
وأضاف قائلا "إنها تعرف أنها من الجزء المهم فى الحزب، وهو الجزء الذى سيختار الزعيم القادم، لذلك فهى تذكر الجميع بنفسها".
وأشار آخرون إلى أن باتيل يمكن أن تتعاون مع بوريس جونسون، المنافس القيادى الدائم ووزير الخارجية السابق، الذى لا يزال من بين الخيارات الأكثر شعبية بين أعضاء المحافظين بحسب استطلاعات الرأى.
ليز بروس
ليز بروس كبيرة أمناء وزارة الخزانة
ظهرت كذلك ليز بروس، كبيرة أمناء وزارة الخزانة كمنافس محتمل، حيث وضعت فى مقابلة مطولة مع صحيفة التايمز سياسات جذرية فى أجندة الحراك الاجتماعى.
وعندما سئلت عما إذا كانت ترغب في الترشح لمنصب القائدة، قالت "أعتقد أن حزب المحافظين يقضى وقتا طويلا فى الحديث عن الشخصيات وليس الأفكار"، ولكنها أضافت "ليس من الحكمة أبدا استبعاد أى شيء فى السياسة، لكننى لا أفكر مطلقا فى الأمر".
دومنيك راب
دومنيك راب
ألمح وزير "بريكست" السابق، دومينيك راب، الذى ينظر إليه باعتباره أقوى منافس لجونسون حيث يؤيد الاثنان خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى لجونسون، بأنه سيخوض الانتخابات، بعد أن ألقى خطابا كبيرا عن الحراك الاجتماعى قبل أيام قليلة، وقال: "أبدا لا تقل أبدا".
وكانت صحيفة "الجارديان" قد قالت إن راب تجاوز كثيرا من منافسيه ليصبح الخيار الأول للعديد من المتشككين فى فكرة الاتحاد الأوروبى، معتبرة أن مصداقيته ربما تكون أعلى من سلفه ديفيد ديفيس حيث أن الأخير كانت لديه علاقة أكثر نشاطا مع بروكسل، فضلا عن أنه قاتل حتى النهاية دفاعا عن وجهة نظره واستقال عندما اعتقد أن صوته ليس مسموعا، وبالفعل كانت لاستقالته أبلغ الأثر على تراجع موقف تيريزا ماى بين الكثير من مؤيدى الخروج.
وأضافت الصحيفة، أنه لم يؤيد أى تحدى لقيادة ماى. وربما أكثر ما يميزه أمام الراغبين فى الخروج هو أنه "مؤمن حقيقى" بفكرة الخروج، وينظر إليه أيضا على أنه من الجيل الجديد من أعضاء حزب المحافظين.
ساجد جافيد
ساجد جافيد وزير الداخلية
جافيد وزير الداخلية الطموح حرص على إظهار تحوله من معسكر البقاء إلى معسكر الخروج من البقية. ويقال إنه بالأساس من المتشككين فى الاتحاد الأوروبى، لكنه قرر أن يظل فى المقام الأول من أجل إرضاء المستشار آنذاك، ومع ذلك يبقى هو وهانت من الخيارات الأقل حظا للفوز بالسباق.
بوريس جونسون
بوريس جونسون
أضافت "الجارديان" أن اسم جونسون تردد كثيرا منذ فترة، كأحد أبرز المرشحين لخلافة ماى. ورغم أن بوريس لديه حلفاء داخل الحزب ممن يعتقدون أن سياسة الحزب هى التى يجب أن تتغير وليس فقط رئيسه أو رئيس الوزراء، إلا أنه إذا نجح، فسيؤدى ذلك إلى انقسام حاد فى صفوف الحزب المنقسم بالأساس، حتى أن عدد من النواب المؤيدين لأوروبا أكدوا أنهم سيجدون ذلك مقيتا لدرجة أنهم سيتركون الحزب إذا فاز.