لم يكن عزف النشيد الوطنى الإسرائيلى على الأراضى القطرية، هى الواقعة الأولى التى تكشف تاريخ التطبيع فى العلاقات بين الدوحة وتل أبيب، بل سبقها العديد من الأحداث والوقائع التى تؤكد عمق العلاقة بين الطرفين، وارتماء تنظيم الحمدين فى أحضان إسرائيل.
فى البداية نشر المتحدث باسم رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلية "أوفير جندلمان" مقطعا يظهر فيه عزف النشيد الإسرائيلى فى قطر ضمن توزيع ميداليات بطولة العالم فى الجمباز، حيث إنه وفق الفيديو الذى بثته قناة العربية، فإن إسرائيل تحتفى بعزف نشيدها فى قطر، معتبرة ذلك إنجازا رياضيا كبيرا بعدما فاز "أليكس شاتيلوف" بذهبية فى بطولة العالم للجمباز.
وقائع كثيرة سبقتها كشفت عمق التطبيع بين الطرفين، ففى فبراير 2018، وصل وفد إسرائيلى رفيع المستوى إلى مطار الدوحة للاطلاع على بعض الاتفاقيات الاقتصادية التى تم توقيعها مسبقاً مع بعض من المسؤولين فى قطر.
وفى يناير 2018، استضافت الدوحة لاعب تنس إسرائيلى، حيث رحبت إسرائيل بهذه الخطوة بعدما غرد المحلل الإسرائيلى "يوناتان جونين"، حينها عبر صفحته الرسمية على "تويتر"، مشيدا باستضافة قطر للاعب إسرائيلى خلال بطولة التنس، قائلا: كم أكون سعيدا وأنا أرى اللاعبين الإسرائيليين وهم يشاركون فى مختلف البطولات لجميع الألعاب بالشرق الأوسط، والآن يشارك نجم التنس الإسرائيلى دودى سيلا فى بطولة قطر المفتوحة للتنس، والمقامة حاليا فى الدوحة.
وفى الشهر ذاته من العام الماضى، ذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أن طلاب فريق كرة اليد من المدرسة الثانوية "كتسير" فى حولون، فازوا ببطولة المدارس الثانوية الإسرائيلية لكرة اليد، وسافروا إلى الدوحة، للمشاركة فى بطولة العالم.
وفى أكتوبر عام 2018 شارك منتخب إسرائيل للجمباز بطولة العالم للجمباز، التى أقيمت فى العاصمة القطرية الدوحة نهاية أكتوبر الماضى.
بينما فى مارس عام 2017، شارك فريق إسرائيلى فى بطولة العالم المدرسية لكرة اليد، التى أقيمت فى قطر، حيث أظهرت حينها الصور احتفالات الفريق الإسرائيلى بالفوز بالمركز الثالث.
ويكشف الدكتور طه على، الباحث السياسى، العديد من الوقائع الخاصة بالتطبيع القطرى الإسرائيلى، قائلا: إن رفع العلم الإسرائيلى على الأراضى القطرية ليس بالجديد، حيث تم استقبال شيمون بيريز رسميا فى مطار الدوحة فى 2 أبريل 1996، وهو الاستقبال الذى تضمن التحية العسكرية مصحوبة برفع العلم الإسرائيلى، وعُزفت فرقة الموسيقى العسكرية القطرية النشيد الوطنى الإسرائيلى "هتكفا".
وأضاف الباحث السياسى، أنه شهدت تلك الزيارة لقاء بيريز مع كل من أمير قطر ووزير خارجيتها، وكان أبرز ما تضمنته تلك الزيارة هو الاحتفال الرسمى خلال استقبال بيريز فى القصر الأميرى القطرى، والذى شهد التوقيع على اتفاق بشأن فتح مكاتب التمثيل الدبلوماسى تحت مسمى مزعوم وهو "تمثيل المصالح التجارية".
وأوضح الدكتور طه على، أن العلاقات الكثيفة بين الدوحة وتل أبيب تكشف زيف الادعاءات القطرية بدعم القضية الفلسطينية من خلال دفع ملايين الدولارات من باب "ذر الرماد فى العيون" للتغطية على عمق علاقاتها مع تل أبيب.
وتابع: لطالما أسفر التدخل القطرى فى القضية الفلسطينية عن توسيع الفجوة بين الفلسطينيين بجانب دور الأدوات الدبلوماسية والتبادل الاقتصادى بين الدوحة وتل أبيب، فقد كانت "قناة الجزيرة"، التى تُعد الذراع الإعلامية لقطر، هى من كسر طوق المقاطعة الإعلامية فى منظومة الإعلام العربى حيث كانت القناة الأولى والوحيدة التى لجأت لاستضافة مسئولين فلسطينيين منذ تأسيسها فى نوفمبر 1996.
واستطرد الباحث السياسى: كمحصلة نهائية لأقصى ما وصلت إليه العلاقات بين الدوحة وتل أبيب، يعتبر رفع العلم وعزف النشيد الوطنى على الأراضى القطرية، إنجازاً تاريخيا حقيقيا بالنسبة للإسرائيليين، حيث تمثل تلك الخطوة ثغرة خطيرة فى مسار العبث الإسرائيلى بمنظومة الأمن القومى العربى عبر البوابة القطرية وبشكل رسمى ومعلن.