فى العام 1893 قامت القوات البريطانية، بحفر أحد أطول المصارف الزراعية فى دلتا النيل، وهو مصرف كتشنر الذى حمل اسم القائد البريطانى الأعلى هوراشيو هربرت كتشنر، بطول 69 كيلومترًا، بدءًا من محافظ الغربية، مرورًا بمحافظة الدقهلية، وعدد من مراكز كفر الشيح، ولكن مع مرور الوقت تحول مصرف كتشنر من نعمة ومصدر مياه الرى الرئيسى لأكثر من 450 ألف فدان من الأراضى الزراعية، إلى نقمة وصداع مزمن فى رأس الحكومات المتعاقبة، حيث أصبح يعانى المصرف من التلوث الشديد نتيجة تصريف مياه الصرف الصحى، والتخلص العشوائى من النفايات البلدية الصلبة على ضفاف المصرف وبامتداد طوله ومياه الصرف الصناعى ومياه الصرف الزراعى.
وعلى مدار 50 عامًا مضت كانت الحكومات المتعاقبة تصدر وعودًا بمحاولات حل أزمة المصرف، الذى بات يهدد صحة ما يقرب من 11 مليون مواطنا، فمثلا فى عام 2006، تم تخصيص 200 مليون جنيه لمعالجته، إلا أنه لم يتم أى شيء، وفى عام 2015، وخلال حفل إفطار صندوق تحيا مصر، أبدى الرئيس عبد الفتاح السيسى انزعاجه من آثار مصرف كتشنر، ووجه بضرورة الاهتمام بالمصرف ومعالجة مياه المصرف لتصبح صالحة للزراعة من خلال تعاون كافة الجهات المعنية.
وخلال العام الجارى أصدر الرئيس عبدالفتاح السيسى، قرارًا جمهوريًا رقم 84 لسنة 2019، للموافقة على اتفاق قرض مشروع تحسين نوعية المياه فى مصرف كتشنر- برنامج التخلص من المخلفات الصلبة، بين جمهورية مصر العربية والبنك الأوروبى لإعادة الإعمار والتنمية بمبلغ 79 مليون يورو والموقع بشرم الشيخ بتاريخ 8 ديسمبر 2018، وبعرضه على لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب، وافقت على مشروع القرض.
وتتضمن جهات التنفيذ المسئولة عن المشروع وزارات :"التنمية المحلية، والموارد المائية والرى، ووزارة الإسكان والمرافق والتنمية العمرانية"، وفى هذا السياق قال اللواء محمود شعراوى، وزير التنمية المحلية، أن الوزارة ستكون مسئولة عن المخلفات الصلبة للقرى والمدن الواقعة بنطاق المصرف، فيما ستكون مسئولية وزارة الموارد المائية والرى تطوير مجرى المصرف وإنشاء وتأهيل عدد من الكبارى والسحارات والتدبيش والتطهير، أما وزارة الإسكان والمرافق والتنمية العمرانية فستكون مسئولة عن إنشاء وتأهيل مشروعات الصرف الصحى ومحطات الرفع على مسار القرى والمدن الواقعة بنطاق المصرف.
وأضاف شعراوى فى تصريحات خاصة لـ "اليوم السابع"، أن مصرف كتشنر يقع فى نطاقه 182 قرية منها، 118 قرية بالغربية، 35 قرية بكفر الشيخ، 29 قرية بالدقهلية، يصرف مخلفاته فى البحر المتوسط فى منطقة بلطيم، تستخدام مياه المصرف فى رى قرابة 19 كم مربع من الأراضى الزراعية طوال العام، ويتعرض المصرف للتلوث نتيجة التصريف المباشر من "مياه الصرف الصحى – المخلفات الصناعية – المخلفات البلدية الصلبة"، ومن هنا جاءت أهمية تطهير المصرف.
وأوضح الوزير أنه سيتم إصدار قرار إنشاء وحدة إدارة وتنفيذ المشروع على مستوى الوزارة، وسيقوم البنك الأوروبى بمشاركتنا بأمثلة سابقة لمشروعات ممولة من جانبهم مثل: (مشروع مياه الصرف الصحى بالفيوم" وإنشاء وحدة إدارة للمشروع على مستوى محافظة الدقهلية، حيث يوجد إدارتين للنفايات الصلبة بمحافظتى الغربية وكفر الشيخ وذلك فى إطار مشروع إدارة المخلفات الصلبة مع بنك الائتمان لإعادة الإعمار KFW، بنهاية مارس2019، كما سيتم توقيع اتفاقية تنفيذية لإتاحة المنحة بين البنك الأوروبى لإعادة الاعمار والتنمية ووزارة التنمية المحلية ووزارة الاستثمار والتعاون الدولى، لتخصيص منحة الاتحاد الأوروبى لبدء عملية اختيار استشارى الوحدة وتعيينهم فى غضون يوليو المقبل.
وقال وزير التنمية المحلية، أن هناك أهداف رئيسية للمشروع هى:"رفع كفاءة مياه المصرف، وتحسين الأحوال الصحية والبيئية لسكان المناطق الواقعة فى نطاق المصرف، والحد من تلوث مياه البحر المتوسط بمنطقة كفر الشيخ من خلال البرنامج المتكامل المتضمن تنفيذ مجموعة من التداخلات إنشاء عدد من مشروعات الصرف الصحى الموجودة فى نطاق المصرف، تنقية المصرف الرئيسى بالغربية والقنوات المتفرغة منه، وتنفيذ مشروعات للتخلص الآمن من المخلفات الصلبة فى المناطق الواقعة فى نطاق المصرف.
وأكد اللواء محمود شعراوى، أن أهم الأنشطة فى مكون المخلفات الصلبة "المكون الخاص بوزارة التنمية المحلية"، هى إعادة تأهيل وبناء ما يصل إلى 10 محطات وسيطة، وما يصل إلى 6 مصانع لمعالجة النفايات Recycling، وبناء حوالى 4 مدافن صحية محكومة، وتطوير وإعادة تأهيل المكبات المفتوحة القائمة حاليًا التى ستستخدم فى مرافق إدارة النفايات الصلبة الجديدة.
وتابع وزير التنمية المحلية: "تبرز الحاجة لهذا المشروع من أجل تطهير المصارف والعمل على تحسين البنية التحتية لإدارة النفايات الصلبة لتكون وسيلة أكثر ملائمة للتخلص من النفايات الصلبة، وبالتالى تقليل كمية النفايات الملقاة فى المصارف والتى تدار بصورة غير ملائمة فى منطقة المشروع".
وأشار شعراوى إلى أن الآثار والمنافع المتوقعة من المشروع هى:"التحسينات المدخلة على قدرات التعامل مع النفايات الصلبة ستحسن إدارة النفايات الصلبة فى المنطقة، مما سيؤدى لتقليل كمية النفايات الملقاة فى الممرات المائية وغيرها مع مواقع إلقاء النفايات غير الخاضعة للرقابة، وبالتالى تقليل احتمالية تلوث التربة والممرات المائية، والحد من تلوث الغازات الدفيئة من خلال تقليل توليد وتحسين التعامل مع الغازات العضوية الناتجة من النفايات وأدخنة حرق النفايات. وإلى جانب هذا سيتم الحد من توليد غازات دفيئة من خلال تقليل استخدام الطاقة فى محطات ضخ الصرف المطورة، وتحسين القدرة على استخلاص المواد القابلة للتحلل وإعادة التدوير والمحروقات من كميات النفايات الواردة، مما يسمح باستغلالها فى أغراض اقتصادية نافعة وتقليل مساحة الأرض للازمة لإدارة النفايات، بالإضافة إلى تحسن تدفق المياه فى المصارف نتيجة لإزالة النفايات الصلبة والرواسب التى قد تعيق تدفق المياه فيها، أو قد تسبب انسدادات أو إحداث اضطرابات فى تيارات المياه بما يضر بحالة الضفاف والقنوات.
جدير بالذكر أن إجمالى التمويل للمشروع بلغ نحو 446.85 مليون يورو كالتالى:"قرض بنك الاستثمار الأوروبى بقيمة 213.9 مليون يورو، مقدم لوزارة الإسكان، وقرض من البنك الأوروبى لإعادة الإعمار والتنمية قيمته 148.35 مليون يورو "الصرف الصحى"، ومشرف على القرض بأكمله، مقدم لوزارتى التنمية المحلية "79 مليون يورو للمكونات الصلبة"، ووزارة الرى "69 مليون يورو لتطوير المصرف"، بالإضافة إلى منحة من الاتحاد الأوروبى قدرها 45.8 مليون يورو، كما تتحمل الحكومة المصرية مبلغ 38.8 مليون يورو".
كما تبلغ مدة تنفيذ المشروع 5 سنوات، ومدة سداد القرض 18 سنة منها 5 سنوات فترة سماح وسعر الفائدة 1% .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة