صفعة تلو الأخرى تتلقاها رئيسة وزراء بريطانيا، تيريزا ماى فى إطار سعيها لإخراج بلادها من الاتحاد الأوروبى تلبية لرغبة الشعب البريطانى، الذى اختار فى استفتاء عام 2016 مغادرة التكتل الأوروبى، فبعد فشلها فى تمرير خطتها التى تحدد كيفية آلية هذا الخروج، عبر البرلمان، أقر مجلس العموم فى آخر تصويت - الاثنين- تعديلا بأغلبية 329 صوتا مقابل 302 يمنح النواب دورا أكبر في تحديد مسار بريكست، رغم رفض ماى لهذا التعديل.
ويتيح هذا التعديل للنواب أن ينظموا الأربعاء سلسلة عمليات تصويت حول الخيارات الممكنة بشأن خروج المملكة من الاتحاد الأوروبي، ومن بينها: البقاء في السوق الموحدة أو إجراء استفتاء جديد أو الخروج بدون اتفاق أو حتى إلغاء بريكست برمته والبقاء في الاتحاد الأوروبي، بحسب "فرانس برس".
تيريزا ماى مع كبير مفاوضى بريكست فى الاتحاد الأوروبى
ولتزداد فوضى المشهد السياسى البريطانى سوءا بسبب بريكست، أعلن ثلاثة من أعضاء حكومة ماي استقالتهم من مناصبهم احتجاجا على طريقة إدارتها لملف بريكست. وهم سكرتير الدولة لشئون الصناعة ريتشارد هارينجتون، وسكرتير الدولة لشئون الخارجية آليستر بيرت، وسكرتير الدولة لشئون الصحة ستيف براين.
وذكرت الافتتاحية السياسية لصحيفة "صن" البريطانية أن من المتوقع أن تحدد رئيسة الوزراء تيريزا ماى موعد استقالتها عندما تلقى كلمة أمام نواب حزب المحافظين بعد ظهر غد الأربعاء.
وقال توم نيوتن دون المحرر السياسى بصحيفة صن على تويتر "التوقعات بين كبار الشخصيات فى حزب المحافظين أن ماى ستنتهز الفرصة لتحدد موعدا لاستقالتها".
ومن ناحية أخرى، اعتبرت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية، إن استراتيجية رئيسة الوزراء، تيريزا ماى، المتعلقة بالخروج من الاتحاد الأوروبى دخلت فى دوامة جديدة من الفوضى بعد أن تعرضت زعامتها لتهديدات جديدة إثر استقالة 3 من وزرائها فى الوقت الذى صوت فيه أعضاء البرلمان على أخذ السيطرة من الحكومة على عملية "بريكست" كلها.
وكان 30 نائبا محافظا تحدوا الحزب وأيدوا التعديل الذى يسمح للنواب بالسيطرة على أعمال مجلس العموم.
واعتبرت الإندبندنت، أن هذه الخطوة يمكن أن تمهد الطريق لصفقة "أكثر ليونة" تجعل بريطانيا أقرب إلى الاتحاد الأوروبى، فى الوقت الذى هدد فيه وزراء بورقة الانتخابات العامة فى المملكة المتحدة، لتصبح بذلك الانتخابات الثالثة فى غضون 4 أعوام.
وردا على ذلك، أكد رئيس الوزراء الأيرلندى ليو فارادكار أنه سيتم تطبيق بنود اتفاق انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبى "بريكست" المتعلقة بقضية الحدود الأيرلندية، والتى يطلق عليها شبكة الأمان (أيريش باكستوب)، حتى فى حال إتمام الخروج دون التوصل لاتفاق.
ونقلت صحيفة (بلفاست تليجراف) البريطانية، عن مصادر قولها إن الحكومة الأيرلندية سوف تصّر على تنفيذ البنود المتعلقة بشبكة الأمان الأيرلندية "أيريش باكستوب" من أجل ضمان عدم العودة إلى الحدود الصعبة بين أيرلندا الشمالية وجمهورية أيرلندا الجنوبية عقب بريكست.
وأضافت أن الحكومة الأيرلندية تعتقد أن شبكة الأمان الأيرلندية هى السبيل الوحيد لحماية "اتفاق الجمعة العظيمة" الذى تم التوصل إليه بين بريطانيا وجمهورية أيرلندا الجنوبية وأحزاب أيرلندا الشمالية، وبفضله تم التخلص من كافة البنى الحدودية بين شطرى الجزيرة الأيرلندية، والإبقاء على الحدود الأيرلندية مفتوحة دون بنية تحتية مادية.
ومن ناحية أخرى، حذر تقرير برلمانى من أن مواطنى الاتحاد الأوروبى الذين يعيشون فى المملكة المتحدة سيتم تجريدهم من حريتهم فى التنقل والسكن وحقوق الضمان الاجتماعى بموجب تشريع وزارة الداخلية الذى قدم لتنظيم الهجرة فى أعقاب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى، وذلك وفقا لصحيفة "الجارديان" البريطانية.
ورغم التأكيدات الحكومية المتكررة بأن امتيازاتهم ستتم حمايتها، خلصت دراسة أجرتها اللجنة المشتركة لحقوق الإنسان (JCHR) إلى أن أكثر من 3 ملايين أوروبى يعيشون فى بريطانيا سيظلون "فى مأزق" قانونى.
وتحتج اللجنة المشتركة بين الأحزاب، والتى يتم اختيار أعضائها من مجلس العموم واللوردات ، بأن حقوق مواطنى الاتحاد الأوروبى يجب أن تكون محمية بموجب التشريعات الأولية بدلا من الاعتماد على اللوائح القانونية التى أقرها الوزراء فى وقت لاحق.
كما يحذر مركز جنيف لحقوق الإنسان من أن حقوق المواطنين الأيرلنديين، المكفولة باتفاقات منطقة سفر مشتركة منفصلة، سوف "تتضاءل". ويقول التقرير إن قدرتهم مثلا على جلب زوج من دولة خارج الاتحاد الأوروبى، ستكون محدودة.
لمنع تعرض مواطنى الاتحاد الأوروبى لمثل هذا الغموض، صاغت اللجنة تعديلات على مشروع القانون - على وشك الدخول في مرحلة التقرير - لضمان حماية الحقوق.
يقول التقرير: "إن إزالة حقوقهم دون وجود بديل تشريعى فى مكانه يثير قضايا حقوق إنسان مهمة تؤدى صلاحيات صنع الصكوك القانونية العريضة ... إلى فعل القليل لإرضائها". وبدون الحماية اللازمة ، يمكن أن يترك مشروع القانون الأفراد فى وضع محفوف بالمخاطر بشأن قضايا مثل "الإسكان والضمان الاجتماعى وحقوق الملكية".
وقالت نائبة حزب العمال هارييت هارمان، التى ترأس اللجنة المشتركة لحقوق الإنسان "يجب عدم تجريد وسائل حماية حقوق الإنسان لمواطنى الاتحاد الأوروبى بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى. سيكون مواطنو الاتحاد الأوروبى الذين يعيشون فى هذا البلد فى الوقت الحالى قلقين بشأن مستقبلهم. نحن نتحدث عن حقوق الأشخاص الذين أقاموا فى المملكة المتحدة لسنوات وعقود حتى من خلال الدفع بنظام الضمان الاجتماعى لدينا أو حتى ولادتهم فى المملكة المتحدة والعيش هنا طوال حياتهم.