أزمات مفتوحة يعانى منها الأتراك قبل أيام من الانتخابات المحلية التركية والتى يسعى فيها حزب العدالة والتنمية الحاكم للفوز بالأغلبية مستغلاً فى ذلك القبضة الأمنية التى يفرضها نظام رجب طيب أردوغان، وسط انهيار واضح فى كافة المؤشرات الاقتصادية، وتراجع لافت لملف الحريات وحقوق الإنسان.
ومع اقتراب ساعة الاقتراع، يحاول الرئيس التركى رجب طيب أردوغان التعتيم على سجل الاخفاقات التى مني بها الأتراك فى ظل رئاسته، وذلك من خلال جولات مكوكية فى عدة مدن، والتطرق إلى ملفات إقليمية ودولية لإلهاء المواطنين، مثل حديثه عن مجزرة نيوزيلندا الأخيرة، وغيرها من الحوادث التى شغلت بال الرأى العام العالمى.
ويستعد الأتراك للانتخابات المحلية فى ظل انهيار اقتصادي كامل، حيث دفعت الليرة التركية ثمن سياسات أردوغان غالياً لتسجل ثانى أسوأ أداء بين الأسواق الناشئة الرئيسة بعد البيزو الأرجنتيني، بعد أن فقدت الكثير من قيمتها، ولجأ محللون اقتصاديون إلى تحذير الحكومة من أن الاقتصاد يواجه حالة من النمو التضخمي الشديد، في الوقت الذي بدأ فيه المستثمرون في الفرار من البلاد.
وفى تقرير لها الأربعاء، قالت شبكة "بلومبرج" الأمريكية، إن تركيا جعلت من المستحيل على المستثمرين الأجانب بيع الليرة، لتتجنب بذلك حدوث انخفاض فى العملة، وذلك قبل أيام من الانتخابات المحلية فى نهاية هذا الأسبوع.
وأضافت أنه قبل أيام من الانتخابات المحلية فى 31 مارس والتى ستحدد من يحكم مدن تركيا، فإن العديد من صناديق التحوط الأجنبية محاصرة بالليرة التى تريد الخروج منها لأن البنوك التركية تتعرض لضغوط لعدم توفير السيولة.
وفي الأسبوع الماضي، استبعد أردوغان مرة أخرى أي إمكانية للحصول على مساعدة مالية من صندوق النقد الدولي، الذي قدم الدعم عندما مرت تركيا بأوقات عصيبة في تسعينيات القرن الماضي.
ويقدر المحللون أن تركيا قد تحتاج إلى ما يصل إلى 50 مليار دولار لحل مشاكلها المالية، والتي تتعلق إلى حد كبير بالديون الخارجية لشركاتها التي تعاني من ضائقة مالية.
وفى تقرير سابق، قالت صحيفة "التليجراف" البريطانية إن الرئيس التركى رجب طيب أردوغان لديه طقس خاص قبل أى انتخابات أو استحقاق سياسى فى بلاده، متمثل فى اختيار معركة مع الحكومات الأجنبية.
وأشارت الصحيفة إلى أنه قبل إجراء استفتاء لتغيير الدستور التركى فى عام 2017 ، اتهم أردوغان وزراء هولنديين وألمان بأنهم نازيون، وطرد سفير إسرائيل من أنقرة قبل شهر من الانتخابات الرئاسية 2018.
والآن، قبل أيام من الانتخابات المحلية فى تركيا، يتنازع أردوغان مع أستراليا ونيوزيلندا حول مذبحة كرايست تشيرش، والتى راح ضحيتها 50 شخصا بعد أن هاجمهم يمينى متطرف وقت صلاة الجمعة.
وعرض أردوغان لقطات من عمليات القتل فى تجمعاته الانتخابية، واستشهد بمعركة جاليبولى فى الحرب العالمية الأولى، حيث قُتل الآلاف من القوات الأسترالية والنيوزيلندية على أيدى القوات التركية.
وقالت صحيفة "التايمز" البريطانية إن اليونان طلبت من الرئيس التركى، التوقف عن إثارة الحماس القومى من خلال إعادة كتابة التاريخ بهدف مغازلة الناخبين قبل الانتخابات المحلية التركية، والتى يواجه فيها تحديا كبيرا لاسيما مع تردى الوضع الاقتصادى.
وبحسب الصحيفة، إن أردوغان استخدم خطابًا يحتفى بواحدة من أكثر المعارك دموية فى الحرب العالمية الأولى للتهديد بإرسال أعداء تركيا إلى بلادهم "فى توابيت"، إذ تحدث فى ذكرى معركة جاليبولى، حيث توفى 50 ألفا من قوات الحلفاء، ما يقرب من 3000 منهم من نيوزيلندا.
وقالت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، إنه فى الوقت الذى عكفت فيه السلطات فى نيوزيلندا وشركات مثل فيس بوك على مسح لقطات عبر الإنترنت تصور الهجوم الإرهابى على مسجدى نيوزيلندا، والذى أودى بحياة 50 شخصًا، كان يتم تبادل نفس اللقطات المزعجة مع الآلاف من المواطنين الأتراك - من قبل الرئيس رجب طيب أردوغان.
وبدورهم يعلن الناخبون الأكراد أنهم سيتحدّون سلطة حكومة حزب العدالة والتنمية الإسلامية، فى الانتخابات المقبلة، حيث يعتقد معظم سكان تونجلي الذين يأتي معظمهم من مجموعتي العلويين والأكراد العرقيتين، أن الحكومة تتجاهل هويتهم السياسية والثقافية ويرى كثيرون منهم أن إقالة العمد الذين انتخبوهم يمثل إهانة للناخبين.
وستكون هذه المظالم ماثلة في أذهانهم وهم يتوجهون إلى صناديق الاقتراع ليدلوا بأصواتهم في الانتخابات المحلية المقررة يوم الأحد المقبل، والتي تحمل إمكانية تغيير سياسات الحكومة إزاء الأغلبية الكردية في جنوب شرق البلاد.
ومنذ أوائل عام 2016، قامت حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان بإقالة عشرات العمد المنتمين لحزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد، بسبب علاقاتهم المزعومة بحزب العمال الكردستاني المحظور.
وتم سجن بعض العمد، وبينهم اثنان ينتميان لحزب الشعوب الديمقراطي في مدينة تونجلي، كما تم فصل عشرات من الموظفين بالمحليات، ويأمل حزب الشعوب الديمقراطي في إعادة شغل مقاعد هؤلاء العمد بمرشحين جدد ينتمون إليه من خلال الانتخابات المقررة في 31 مارس الحالي.