بأحد شوارع قرية أم دينار بمنشأة القناطر، شمال محافظة الجيزة، خرج "محمود" الطفل صاحب العشر سنوات للهو كعادته أمام مسكنه بصحبة أصدقائه، لم يعلم أنه الوداع الأخير لعائلته، وأن حياته على وشك الإنتهاء على يد 3 أشخاص دفعهم الطمع لوضع خطة للتخلص منه، طمعا فى ثراء والده، لاعتقادهم أنه عثر على كنز أثرى، بعد تداول شائعة تفيد استخراجه قطع أثرية، وأن حصولهم على القطع الأثرية سيكون أيسر ما فى الأمر، وسيحقق لهم الثراء المنشود.
أحد المتهمين يرتبط بعلاقة جيرة بالطفل، ويعلم هويته، وهو ما دفعه لاتخاذ قرار بقتل الطفل بأبشع الطرق، خشية اعترافه عليه حال إطلاق سراحه، إلا أنه منذ اختطاف الضحية وقتله، حتى نجاح رجال المباحث فى القبض على المتهمين شهدت تلك الساعات كواليس مثيرة يكشف عنها اليوم السابع فى تلك السطور.
الطفل المجنى عليه
قبل اختفاء الطفل "محمود" كان يلهو بصحبة أصدقائه بالشارع الذى يقيم به بقرية أم دينار، إلا أنه سرعان ما اختفى، اقترب منه المتهم الرئيسى " محمود.ع" 18 سنة مبيض محارة، مستغلا علاقة الجيرة التى تربطهما، وطلب منه مصاحبته لشراء حلوى له، فى الوقت التى كان شريكيه " مصطفى.م" 25 سنة مبلط سيراميك، و"رجب.م" 27 سنة عامل، ينتظرانه داخل سيارة، أحدهما على مقعد القيادة، طلب من الطفل الركوب، ثم اقتادوه إلى محل مهجور بمنطقة أبو غالب بمنشأة القناطر.
مر بعض الوقت قبل أن يكتشف أفراد أسرة الطفل تغيبه، بدأوا فى البحث عنه لدى أصدقائه، وبمنازل الجيران والأقارب بالقرية، إلا أنه لم يتم العثور عليه، تجمع عدد كبير من أفراد العائلة والجيران، وبدأوا فى مهمة البحث عن "محمود" فى محاولة لكشف لغز اختفائه، حتى توقفت عمليات البحث عندما تلقى والده الحاج " محمد حافظ" اتصالا من رقم مجهول، يخبره أن إبنه تعرض للإختطاف، وأنه بحوزته فى الحفظ والصون، وطلب منه تسليم القطع الأثرية التى عثر عليها، مقابل إطلاق سراح إبنه، وأن مصير الطفل سيكون الموت حال رفض العرض المقدم له.
المتهمون بارتكاب الجريمة
أسرع والد الطفل لإبلاغ ضباط مركز شرطة منشأة القناطر، وبدأ فريق البحث الجنائى فى تتبع الجناة للقبض عليهم، وخلال تلك اللحظات كان المتهمين قد بدأوا فى استكمال مخططهم، الذى يتضمن ضرورة قتل الطفل حتى لا يرشد عن هويتهم، خاصة أنه يعرف المتهم الرئيسى باعتباره جاره بالقرية، إلا أنه قبل التخلص منه، سجلوا له مقطع فيديو يستغيث خلاله بوالده، ويطلب منه ضرورة الموافقة على المطالب الخاصة بالمتهمين، حتى لا يتم قتله بسلاح نارى بحوزتهم.
انتهى المتهمون من تسجيل مقطع الفيديو، ثم خنق أحد المتهمين الطفل، ونقلوه بالسيارة إلى ترعة الرياح البحيرى بمنشاة القناطر، اعتقادا منهم أنه فارق الحياة، وعقب إلقائه بالمياه، فوجئوا أنه على قيد الحياة، فأسرع أحدهم إلى المياه وأغرق الطفل بها حتى تأكد من مفارقته الحياة، وعادوا مرة أخرى إلى الوكر الخاص بهم لاستكمال عملية مساومة والد الطفل، وإيهامه أنه بصحبتهم على قيد الحياة، مستغلين مقطع الفيديو الذى سجله الطفل قبل قتله، حيث أسمعوا والده استغاثته خلال الاتصال به.
صورة تعبيرية عن انتشال جثة طفل من المياه
خلال تلك الفترة كان الرائد سامح بدوى رئيس مباحث مركز شرطة منشأة القناطر، ومعاونه الرائد كريم يونس بإشراف العقيد علاء فتحى مفتش المباحث الجنائية والعقيد محمد أبو زيد وكيل المباحث الجنائية، يتتبعون المتهمين، حتى تمكنوا من تحديد الوكر الخاص بهم، وبإعداد كمين للمتهمين تمكن رجال المباحث من القبض عليهم، وبحوزتهم السيارة وطبنجة صوت، وشريحة الهاتف المحمول المستخدمة فى مساومة والد الضحية.
عقب القبض على المتهمين الثلاثة، سردوا التفاصيل الكاملة لارتكاب الجريمة، حيث أكدوا أن دافعهم وراء خطف وقتل الطفل هو الحصول على القطع الأثرية التى عثر عليها والد الطفل، بعد انتشار شائعة تفيد عثوره عليها، وارشدوا رجال المباحث عن مكان التخلص من الجثة، حيث تم اقتيادهم للمكان، وبدأ رجال الإنقاذ فى محاولات البحث عن جثة الطفل، حتى تم انتشالها، ونقلها إلى المشرحة تنفيذا لقرار النيابة العامة، ويصدر قرارا بحبسهم 4 أيام على ذمة التحقيق.
سيارة إسعاف
تواصل اليوم السابع مع والد الطفل المجنى عليه، الذى أكد أنه يمر بحالة نفسية سيئة، حيث أن الحادث أصابه بحالة من الإنكسار نتيجة لفقده إبنه، وحولته الجريمة التى ارتكبها الجناة فى حق طفله كالمذبوح.
وأضاف والد الطفل أن حق إبنه سيحصل عليه من خلال القضاء، حيث ألقى رجال المباحث القبض على المتهمين، وسيحصلون على العقاب المناسب لجريمتهم.
وفى ذات السياق طالب أهالى قرية أم دينار التى شهدت الجريمة، بسرعة محاكمة الجناة، وإصدار حكم قضائى يتناسب مع بشاعة جريمتهم، مؤكدين أن الإعدام شنقا للجناة هو العقاب الوحيد لهم.
صورة لأطفال يلعبون بالشارع
وأعلنت وزارة الداخلية فى بيان لها تفاصيل الجريمة، تضمن أنه فى إطار جهود أجهزة البحث الجنائى لكشف ملابسات ما تبلغ لمركز شرطة منشأة القناطر بمديرية أمن الجيزة، من أحد المواطنين - مقيم قرية أم دينار بدائرة المركز بخروج نجله سن10 للهو أمام مسكنه وعدم عودته ، وتلقيه إتصال هاتفى من مجهول طلب منه مبلغ مالى كفدية لإطلاق سراح نجله.
صورة تعبيرية عن العثور على تماثيل أثرية
تم تشكيل فريق بحث بمشاركة قطاع الأمن العام والإدارة العامة لمباحث الجيزة توصلت جهوده إلى أن مرتكبى الواقعة ثلاثة أشخاص من بينهم جار المبلغ.".
عقب تقنين الإجراءات أمكن ضبطهم، وبمواجهتهم اعترفوا بإرتكاب الواقعة، وقرر جار المبلغ بتداول شائعة بإستخراج المُبلغ قطعتين أثريتين فقام بالإتفاق مع شخصين على اختطاف إبنه وقتله- لخشيته من إعترافه عليه- وإيهام والده أنه على قيد الحياة ومساومته على إعادته مقابل تسليم القطع الأثرية ، حيث قام بإستدراجه بزعم شراء حلوى وإصطحبوه داخل سيارة ميكروباص ملك وقيادة أحدهما ، وإحتجزوه بمحل مهجور بمنطقة أبو غالب دائرة المركز ، وقاموا بتصوير فيديو للطفل يطلب فيه من والده الإستجابه لطلباتهم خشية قتله بسلاح نارى بحوزتهم ، وعقب ذلك قام أحدهم بخنق الطفل وإعتقدوا وفاته وألقوه بمياه الرياح البحيرى بذات المنطقة إلا أنهم فوجئوا أنه على قيد الحياة ، فقام الآخر بالنزول للمياه وأغرقه حتى تأكد من وفاته ، وعقب ذلك قاموا بالإتصال بالمبلغ ومساومته على إعطائهم القطع الأثرية وخلال المكالمة قاموا بتشغيل الفيديو السابق تسجيله للمجنى عليه وإيهامه بأنه بصحبتهم ويستغيث به ، كما أرشدوا عن السيارة وطبنجة صوت "المستخدمتين فى الواقعة" ، وكذا شريحة المحمول المستخدمة فى مساومة والد المجنى عليه، تم التنسيق وإدارة شرطة البيئة والمسطحات المائية للبحث عن جثة المجنى عليه وإنتشالها.