صناعة "الطربوش" مهنة الأجداد، ويظل محل الطرابيشى الذى يقف فيه عم "أشرف" أقدم محل فى محافظة قنا، يمارس تلك الصناعة اليدوية، ورغم التقدم والتكنولوجيا ظل محافظًا على إرث والده وجده اللذين امتهنا تلك الصنعة منذ عام 1937 حيث كان يحرص فيها الأفندية على ارتدائه غطاءً للرأس.
وكشف عم أشرف القنائى البالغ من العمر 50 عاما، لـ"اليوم السابع"، عن أسرار الصنعة التى ورثها عن والده وجده قائلا: "كان والدى رحمة الله عليه يصحبنى للعمل معه فى المحل وعمرى 10 سنوات، وكنت أشاهد الزبائن التى تأتى من جميع المراكز والقرى والبندر لتصنيع الطربوش وكان أغلبهم من أئمة المساجد وطلاب جامعة الأزهر الذين يسافرون للدراسة فى أعرق جامعات مصر".
ورغم المشاهد والأدوات التى يستخدمها فى المحل تؤكد أن المكان ما زال يحتفظ بكافة معالمه، قال: "المحل دا متغيرتش فيه حاجة منذ أن ورثه والدى عن جده، والمعدات التى أقوم بتصنيع الطرابيش بها ورثها والدى عن جدى وحافظت عليها، والمحل من أقدم المحلات الموجودة فى محافظة قنا، وكنت عندما أجلس مع والدى كان يتحدث عن أشهر زبائنه وكان المحل يأتيه العديد من الأفندية والبهوات لأن الطربوش كان يرمز إلى قيمة كبيرة فى ذلك الوقت، وكان الشيخ عبد الباسط عبد الصمد يأتى إلى والدى أثناء تعلمه فى معهد القراءات لصناعة الطربوش قبل أن يسافر للقاهرة للعمل فى الإذاعة ويصبح من أشهر القراء فى الوطن العربى".
وأضاف عم أشرف: "رغم أن الشيخ عبد الباسط عبد الصمد كان يأتى لزيارة والدى عندما يأتى لأحياء الحفلات فى محافظة قنا، ويحرص على تصنيع الطربوش من والدى، وكان يقول له ياعم حسنى أيدك تتلف فى حرير، وكان يأتى الشيخ الحلفاوى رحمة الله عليه، وأولاده لعمل الطربوش الذى يرتديه فهم من زبائن المحل وأئمة المساجد يقبلون على تصنيع الطربوش ويفضلونه على الطربوش الجاهز خاصة أن الأزهر يقوم بصرف أقمشة ويأتون لتصنيعها عندى فى المحل".
وتابع أشرف حديثه: "أسرار المهنة تأتى فى كيفية تقفيل الطربوش بعد جلب الخوص حتى وضع القماشة حوله، ثم أدخلها على الماكينة الخاصة بعملية التجهيز والخياطة وتسخينه بعد ذلك حتى يكون ممهدا للتطبيق ووضعه فى أى مكان بعد خلعه من على الرأس، وهذا ما يميز عن الطربوش الذى يرتديه أغلب طلاب الأزهر فى المرحلة الإعدادية، لأن الطربوش تتعرض الخوص الموجودة فيه للتحطيم بمجرد تطبيقه، فضلاً عن رداءة القماش الذى يصنع منه، والذى يتم تصنيعه يدويا يبلغ ثمنه 150 جنيها، والزبون يأخذه من عندى ويأتينى بعد 5 سنين أو أكثر وميسألش عليه تانى".
واختتم أشرف حديثه: "الطربوش كان زمان يرتديه الأفندية والبهوات، وكان تراثا ولكن الآن اقتصر الأمر على طلاب الأزهر وأئمة الأوقاف الذين يحافظون على تلك المهنة والتى كانت تحكى عن حقبة زمنية من تاريخ بلادنا والصناعات اليدوية تمثل تاريخ وأصالة المصريين وخاصة الطربوش".
13-صناعة-الطرابيش-بقنا-