أكدت الهيئة العامة للاستعلامات أن بين مصر والسودان علاقات متميزة في الماضي و الحاضر، لا مثيل لها في تجذر وعمق الروابط التي ربطت بين الشعبين والدولتين على مر العصور، وإيمان كل منهما بوحدة الدم والتاريخ والثقافة والمستقبل والمصير.
جاء ذلك في كتاب جديد أصدرته الهيئة العامة للاستعلامات باللغتين العربية والإنجليزية.
وقال الكاتب الصحفي ضياء رشوان رئيس الهيئة العامة للاستعلامات ،إنه ومن منطلق مهمتها ودورها كمؤسسة إعلامية مصرية حكومية، بادرت الهيئة العامة للاستعلامات بإطلاق مجموعة من الأنشطة في مجالات الإعلام المباشر، والالكتروني، والمطبوع لمواكبة رئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسي للاتحاد الأفريقي، ومن بين هذه الأنشطة اصدار سلسلة من الكتب التي تطبع ورقياً وتنسخ الكترونياً وتنشر على مواقع الانترنت التابعة للهيئة.
وأشار رشوان إلى أن هذه السلسلة قد بدأت بإصدار كتاب شامل عن "مصر في أفريقيا" ، واليوم تصدر الهيئة اولى الكتب المتتابعة والتي يتناول كل منها دولة أفريقية وعلاقات مصر معها، من أجل تعزيز التفاهم بين الشعوب الأفريقية، وإثراء معرفة الشعب المصري بأشقائه في الدول الأفريقية، ومخاطبة الشعوب الأفريقية بلغاتها، وتعريف القراء في أفريقيا وفي كل مكان بكل شعب من شعوب هذه القارة ومقدراتها ودورها في مسيرة الحضارة الإنسانية، وفي هذا السياق صدر الكتاب الأول عن جمهورية السودان بعنوان "مصر والسودان".
وتضمن الكتاب افتتاحية بقلم البروفيسور حسن مكي محمد احمد مدير مركز البحوث والدراسات الإفريقية والمدير السابق لجامعة إفريقيا العالمية بالسودان والتي عرض فيها لتاريخ العلاقات بين الدولتين الشقيقتين في العصر الفرعوني وصولا للعصر الحديث ، مشيرا الى ان السودان ومصر ظلا على مر الحقب والعصور يتقاسمان فيض النيل ، وتجلى الإرث المشترك في منطقة التوبة الممتدة ما بين أسوان والخرطوم ، لافتاً الى انه من حسن الطالع ، أن يصدر هذا الكتاب ونحن نحتفل بمرور مائة عام على ثورة 1919 ، التي أيقظت الوعي الروحي والفكري والسياسي ، وأدت إلي ميلاد الدستور المصري وإلى قيام ثورة 1924م في السودان ، تلك الثورة التي كان شعارها وحدة وادي النيل ، كما يتوافق صدور هذا الكتاب مع انتقال الرئاسة الدورية للإتحاد الإفريقي لمصر – حيث يلقي هذا الانتقال مزيدا من المسئوليات على مصر باعتبارها عنوان إفريقيا وكبير إفريقيا وحاملة الثقافة والوعي إلى إفريقيا والتي بمددها وسندها انطلقت حركات التحرر الإفريقي – والسودان في ذلك ظهير مصر ومفتاح إفريقيا ورواقها ، كما عبر المفكر السوداني الكبير عن امله ان يكون اصدار هذا الكتاب &فاتحة خير لمزيد من التواصل الروحي والفكري والسياسي والاقتصادي والاجتماعي والحضاري بين البلدين.&
ويتضمن الكتاب بابين رئيسيين ، الباب الأول بعنوان " العلاقات المصرية السودانية " والثاني بعنوان" ملف المعلومات الاساسية عن جمهورية السودان".
وقد تناول الباب الأول في فصوله الثمانية (تاريخ العلاقات بين الدولتين منذ القرن 19حتي1952- العلاقات المصرية السودانية من 1952 -2014- التكامل بين البلدين - - التعاون المصري السوداني بشأن مياه النيل- العلاقات السياسية - العلاقات الاقتصادية - العلاقات الثقافية والاعلامية- الجالية المصرية بالسودان والسودانية بمصر - رؤية مستقبلية)
بينما تناول الكتاب في الباب الثاني في فصوله الستة ( بيانات اساسية - النظام السياسي في السودان - التعليم – الاقتصاد - السياسة الخارجية - الثقافة والاعلام)
علاقات تاريخية وامتزاج شعبي
ويرصد كتاب هيئة الاستعلامات في الفصل الاول من الباب الاول تاريخ العلاقات بين مصر والسودان منذ القرن 19حتي1952 حيث عاشا تاريخاً مشتركاً منذ أقدم الأزمنة وحتى العصر الحالي، وهو ما أوجد قدراً كبيراً من الإمتزاج بين شعبي البلدين ، فمنذ عام 1820 وحتى استقلال السودان في عام 1956، هناك تاريخ واحد بين البلدين.
وفي عام 1820، قام محمد علي باشا بدخول الاراضي السودانية وتمكن في الفترة من 1820 ـ 1823م، وعن طريق حملاته العسكرية من القضاء على الممالك القائمة وإدخالها في قيادته ، وبدأ من هذا التأريخ تأسيس الوحدة السياسية لوادي النيل في ظل الدولة الحديثة.
واشار الكتاب الى ان الوجود المصري في السودان ساهم في توحيد الكيان السياسي السوداني وربط أقاليمه بمصر برباط الوحدة العضوية والسياسية، الأمر الذي عزّز ورسّخ الأسس الوحدوية لوادي النيل ورسخ علاقات التواصل الديني والنفسي والثقافي والوجداني، إضافة إلى المياه والاقتصاد والتجارة، وقد ظل السودان يشكل جزءاً من مصر خاصةً قبل اتفاقية الحكم الثنائي التي أعقبت الاحتلال البريطاني للسودان 1899.
ولفت الكتاب الى انه من ملامح التعاون الاقتصادي في تلك الفترة أن أرسلت مصر المهندسين والخبراء الزراعيين لتدريب الاشقاء على أصول الزراعة ونشر الوعي الزراعي، كما أرسلت أبناء السودانيين إلى المدارس الزراعية في مصر وأدخلت غلات زراعية جديدة لزراعتها في الأراضي السودانية، كما ساهمت مصر في مشروع مد خطوط السكك الحديدية وعمل حواجز لمقاومة فيضان النيل الأزرق الذي كان يهدد الخرطوم.
وقد تأثر السودان بثورة 1919م فأخذ الوطنيون يجمعون صفوفهم ويتطلعون إلى الاستعانة بأشقائهم في مصر للاستفادة من تجاربهم في الكفاح من أجل الحرية والاستقلال ، وفي عام 1936م تم وضع معاهدة قضت بإشراك مصر فعلياً في إدارة السودان، وقد كفل ذلك عودة الجيش المصري للسودان بناءاً علي قرار مجلس الوزراء المصري في 31/3/1937م
واوضح كتاب هيئة الاستعلامات انه في عام 1947م قررت مصر عرض "القضية" علي مجلس الأمن بوفد يرأسه محمود فهمي النقراشي، رئيس الوزراء المصري، وفشلت المفاوضات بعد عرض مستفيض للقضية قدمه النقراشي باشا، مدعوماً بالوثائق والمستندات التاريخية التي تؤيد وحدة وادي النيل، وبسبب التطورات السياسية وعدم اعتراف بريطانيا بوحدة وادي النيل، بادرت حكومة الوفد المصري في الخامس عشر من أكتوبر 1951م إلي إلغاء معاهدة 1936م، واتفاقية الحكم الثنائي ، والتي تنص علي إدارة السودان شراكة بين مصر وبريطانيا، وبعد ذلك جرى تعديل الدستور المصري ليتم بمقتضاه إعلان الملك فاروق ملكاً علي مصر والسودان، وصدر قانون آخر لقيام جمعية تأسيسية مهمتها وضع دستور خاص، تجرى بمقتضاه انتخابات عامة لتكوين برلمان سوداني، ومجلس للوزراء ، إلى إن قامت ثورة 23 يوليو 1952في مصر والتي اعترفت بحق السودان في تقرير مصيره وطالبت بانهاء الحكم الإنجليزي المدني والعسكري من السودان ، وقد أدت المفاوضات المصرية البريطانية إلى توقيع اتفاقية السودان في 12/2/1953م ، وبناءً عليها تأسست أول حكومة وطنية سودانية برئاسة اسماعيل الأزهري في 9/1/1954م، وفي الاول من يناير تم اعلان استقلال السودان .
عبد الناصر يهنئ باستقلال السودان
وفي الفصل الثاني من الباب الاول تناول كتاب الاستعلامات العلاقات المصرية السودانية من 1952 -2014 حيث عبرت مصر عن سعادتها باستقلال السودان وتجلى ذلك في الخطاب التاريخي الذي وجهه الرئيس جمال عبد الناصر، إلى حكومة السودان، للتهنئة بهذا اليوم الخالد في تاريخ السودان، وهكذا جاء ميلاد السودان وسط أفراح شاملة، عمت وادي النيل شماله وجنوبه وأتاح فرصة طيبة لتأكيد أخوة الشعبين السوداني والمصري، إذ كشفت رسائل التهاني المتبادلة بين حكومتي مصر والسودان، والأقوال التي رددتها صحف البلدين عن الوحدة الروحية والمادية التي تربط هذين القطرين العربيين، وعن شدة إيمان شعبيهما بما بينهما من وشائج المودة والقربى.
ورصد كتاب الاستعلامات ، وقوف السودان بجانب مصر بعد نكسة يونيو 1967 وتلبية احتياجاتها الحربية، ووفر السودان المأوى والملجأ للطائرات المصرية ، كما كان السودان المكان الآمن لدفعات من طلبة الكلية الحربية المصرية خلال تلك الفترة حيث تم نقل الكلية من القاهرة الى الخرطوم ، وصعدت العلاقات إلى ذروتها بعدما استضافت السودان القمة العربية في الخرطوم المشهورة بلاءاتها الثلاث في مواجهة اسرائيل والتي تم التأكيد فيها على وحدة الصف العربي وتصفية الخلافات.
واوضح الكتاب ان علاقات البلدين شهدت تحسنًا كبيرًا في فترة السادات – جعفر النميري، وقد شارك الجيش السوداني في حرب أكتوبر عام 1973 ، حيث شاركت القوات السودانية كقوة احتياط بلواء مشاة وكتيبة قوات خاصة وتجنيد المتطوعين للقيام بمهمة إسناد للقوات المصرية لعبور خط بارليف حيث عبر عدد منهم القناة إلى جانب القوات المصرية، كما تم توقيع اتفاق للتكامل الاقتصادي بين البلدين في فبراير 1974وذلك بهدف دفع عجلة التكامل الإقتصادي والسياسي قدما .
ومع مطلع الألفية الجديدة بدأت العلاقات المصرية السودانية في التحسن، ففي عام 2004، تم توقيع «اتفاق الحريات الأربع» الذي نص على: حرية التنقل، وحرية الإقامة، وحرية العمل، وحرية التملك بين البلدين. واعتبرت أوساط سياسية وإعلامية حينها أن تلك الاتفاقية دشنت عهدًا جديدًا من العلاقات بين البلدين، وطوت معها صفحة الماضي وأزماته.
وبعد ثورة 30يونيو عام 2013، وعقب فوز الرئيس السيسي بمنصب الرئاسة في مصر في يونيو 2014شهدت علاقات البلدين زيارات قياسية متتالية لم تحدث في تاريخ البلدين، حيث تعمل السياسة المصرية علي إقامة علاقات تتميز بالخصوصية والتفاهم العميق مع السودان الشقيق، وتطوير العلاقات الاقتصادية المشتركة وإحداث نقلة نوعية فى شتى المجالات، فالسودان الدولة الوحيدة التى لديها قنصلية فى محافظة أسوان مما يدل على نمو حجم التبادل التجارى. وتلك القنصلية لا يتوقف دورها عند تقوية العلاقات التجارية والاقتصادية بين الدولتين بل يمتد هذا الدور ليشمل العلاقات فى المجالات المختلفة.
6 زيارات للرئيس السيسي إلى الخرطوم
وتُعد زيارات الرئيس عبد الفتاح السيسي الى السودان الشقيق دليلاً على عمق العلاقات المصرية السودانية ، وحرص الرئيس السيسي أن تكون أول جولة خارجية له عقب إعادة انتخابه لولاية ثانية للسودان الشقيق، كما كانت السودان ضمن أول جولة خارجية في ولايته الأولى أيضًا والتي تضمنت الجزائر وغينيا الاستوائية والسودان، ثم أعقب ذلك زيارة الرئيس البشير لمصر في اكتوبر 2014 ثم مشاركته في مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصري بشرم الشيخ في مارس 2015 ثم زيارة الرئيس السيسي للخرطوم في نفس الشهر لتوقيع اتفاق اعلان المبادئ حول سد النهضة الاثيوبي ، بالاضافة الى انغقاد اللجنة المشتركة بين البلدين وافتتاح معبر قسطل التجاري ، ومشاركة الرئيس البشير في مؤتمر التكتلات الاقتصادية الافريقية الثلاثة في يونيو 2015 بشرم الشيخ ثم توالت الزيارات خلال عامي 2016 و2017 وقد بلغت الزيارات المباشرة للرئيس السيسي 6 زيارات كان آخرها في أكتوبر 2018، وقام الرئيس السوداني عمر البشير بزيارة مصر 7 مرات كان آخرها في يناير 2019، فيما بلغ عدد اللقاءات بين الرئيسين 25 لقاءً في لقاءات ثنائية اومتعددة الاطراف بما يعكس أهمية العلاقات بين البلدين باعتبارها تشكل بعدًا إستراتيجيًا لمصر بحكم التاريخ والجغرافيا والروابط بين الشعبين.
واكد كتاب الاستعلامات انه خلال القمم الثنائية التي جمعت بين قيادتي البلدين كان التأكيد دائما على علاقات الأخوة الأزلية والروابط المشتركة التي تجمع بين شعبي وادي النيل، وإدراكهما لأهمية الشراكة الاستراتيجية بين البلدين وأهمية تعزيز وترسيخ علاقات الأخوة، وتعظيم مساحات التعاون المشترك، بما يليق بأهمية العلاقات بين البلدين ويرتقى إلى طموحات الشعبين، ويتسق مع ما يجمعهما من تاريخ وعلاقات وطيدة، اجتماعية وثقافية وأيضاً سياسية وأمنية واقتصادية.
مسيرة التكامل بين مصر والسودان
والفصل الثالث من كتاب العلاقات المصرية السودانية تناول مسيرة التكامل الاقتصادي بين البلدين، لاسيما وأن البلدين يمتلكان مقومات هامة لتوفير التكامل الاقتصادى بينهما، حيث يشكل سكان الدولتين طاقة بشرية كبيرة مما يخلق سوق من حيث الحجم في أستيعاب السلع والخدمات المقدمة مما يشجع علي التبادل التجاري بين البلدين ، كما تشكل العلاقات الاجتماعية التاريخية والتقارب الجغرافي بين البلدين البنية الاساسية في تطوير هذا التكامل، وكذلك سعي البلدين المستمر لتطوير البنية الاساسية من طرق ووسائل النقل لتسهيل حركة التجارة والتبادل التجاري ، ومشاركتهما في عدد من التكتلات الاقتصادية الاقليمية وأتجاه كل منهما الي الانفتاح علي الاقتصاد العالمي وتبني برامج للاصلاح الاقتصادي تسهل مشاركة القطاع الخاص الذي يعول عليه تفعيل مشروعات التكامل ، وخاصة في قطاع الزراعة والثروة الحيوانية والصناعات الغذائية ، فضلا عن وجود قبول شعبي قوي في البلدين لفكرة التكامل في ظل العلاقات التاريخية والاخوية بين البلدين .
وخلال مسيرة العلاقات بين البلدين كان هناك نماذج للتكامل والوحدة بين البلدين علي المستويين الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والثقافي ومنها: ميثاق طرابلس بين مصر وليبيا والسودان عام 1969 ومنهاج العمل السياسي والتكامل الاقتصادي في فبراير عام 1974، وميثاق التكامل المصري السوداني 1982، وفي ديسمبر 1983 انطلقت إذاعة وادي النيل التي تبلورت فكرتها كخدمة سودانية مصرية مشتركة تستهدف شعب وادي النيل، وتهدف الى &دعم مسيرة التكامل بين البلدين، وتعميق الفكر التكاملي بين أبناء شعب الوادي، وتشجيع المبادرات التكاملية علي المستوي الرسمي والشعبي في مختلف المجالات&، وبعد ذلك تتابعت القرارات والتوصيات الهادفة للتكامل، وفى مايو من عام 2004، قرر السودان منح كل مستثمر مصري يستثمر داخل القطر 150 ألف فدان بالمجان، للعمل علي زراعتها، بهدف تنمية السودان واستثماراً للأموال المصرية بالشكل الذى يخدم الشعبين الشقيقين، كما تم توقيع اتفاقية الحريات الأربع في الخامس من أبريل عام 2004، وهى «العمل، والتنقل، والتملك، والإقامة»
ولفت كتاب الهيئة في هذا السياق الى انه كان من ضمن أهم مشروعات التكامل بين مصر والسودان مشروع قناة جونجلى الذي كان -في حال تنفيذه- سيوفر للبلدين حوالى 20 مليار متر مكعب من المياه تقسم مناصفة بينهما , حيث إن هذه القناة كانت ستعمل على تأمين تدفق 7ر4 مليار متر مكعب من المياه سنويا تقسم بالتساوي بين دولتي المصب.
كما استعرض الكتاب جهود التكامل بين البلدين منذ عام 2014 حيث شهدت علاقات البلدين تطورا كبيرا ونقلة نوعية، منذ تولى الرئيس عبد الفتاح السيسي الحكم، وتم تصعيد قمة اللجنة العليا المشتركة، إلى المستوى الرئاسى.. حيث يترأس الرئيسان السيسي والبشير اللجنة العليا المشتركة والتي عقدت اولى دوراتها في 5اكتوبر2016بالقاهرة... تعبيرا عن ما يربط الشعبين من مصير مشترك، وما يجمع البلدين من علاقات تاريخية ممتدة، وبما يعكس التطورات الإيجابية التى شهدتها تلك العلاقات خلال الفترة الأخيرة.
وفى اغسطس 2014، افتتح معبر أشكيت – قسطل الحدودي بين القاهرة ،وقد ساهم هذا المعبر بشكل كبير فى زيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين، ويعد المعبر خطاً استراتيجيا ليس لربط الخرطوم والقاهرة فقط، بل سوف يمتد ليشمل دول افريقية مثل إثيوبيا، تشاد، جنوب السودان وافريقيا الوسطى.
وفي اكتوبر 2018 شهدت اجتماعات اللجنة الرئاسية المصرية السودانية المشتركة في دورتها الثانية استعراض أوجه التعاون الثنائي بين البلدين، وذلك في إطار تنفيذ وثيقة الشراكة الاستراتيجية التي تم التوقيع عليها بين البلدين في 2016، حيث رحب الجانبان في هذا الصدد بالخطوات التى تم اتخاذها لتفعيل المشروعات الاستراتيجية الكبرى التى تم الاتفاق عليها بين البلدين، بما فيها مشروعات الربط الكهربائي وخطوط السكك الحديدية، وهى المشروعات التي من شأنها أن تحدث نقلة نوعية فى العلاقات بين مصر والسودان.
التعاون المائي بين مصر والسودان
كما افرد كتاب الاستعلامات الفصل الرابع من الباب الاول للحديث عن التعاون المصري السوداني بشأن مياه النيل ، حيث بدأت المفاوضات بين السودان ومصر حول استعمالات مياه النيل في أوائل القرن العشرين إثر التفكير في إنشاء مشروع الجزيرة في السودان ، ووقع البلدان اتفاقية تقاسم مياه النيل عام 1929 والتي تنظم العلاقة المائية بين مصر ثم تواصلت المفاوضات بين البلدين حول مياه النيل حتى بداية الخمسينيات... ثم بدأت المفاوضات التّي أدت الى اتفاقية 1959 مع قيام أول حكومة وطنية في السودان عام 1954، الى ان توصل الطرفان الى توقيع اتفاقية مياه النيل بين مصر والسودان في 8 نوفمبر 1959 ، وجاءت مكملة لاتفاقية عام 1929 وليست لاغية لها، حيث تشمل الضبط الكامل لمياه النيل الواصلة لكل من مصر والسودان في ظل المتغيرات الجديدة التي ظهرت على الساحة آنذاك وهو الرغبة في إنشاء السد العالى ومشروعات أعالى النيل لزيادة إيراد النهر وإقامة عدد من الخزانات في أسوان وقيام السودان بالاتفاق مع مصر على إنشاء مشروعات زيادة إيراد النهر بهدف استغلال المياه الضائعة في بحر الجبل وبحر الزراف وبحر الغزال وفروعه ونهر السوباط وفروعه وحوض النيل الأبيض، على أن يتم توزيع الفائدة المائية والتكلفة المالية الخاصة بتلك المشروعات مناصفة بين الدولتين.
واوضح الكتاب ان ملف سد النهضة الإثيوبي يتصدر اهتمامات البلدين في إطار التعاون المائي بينهما ، وتم تنظيم زيارات متبادلة بين الدول الثلاث مصر والسودان واثيوبيا لبحث الملف والاتفاق على تشكيل لجنة دولية تدرس آثار بناء سد النهضة ومدى التأثير المحتمل للسد على مصر والسودان... وفي سبتمبر 2014عقد الاجتماع الأول للجنة ثلاثية تضم مصر وإثيوبيا والسودان للتباحث حول صياغة الشروط المرجعية للجنة الفنية وقواعدها الإجرائية والاتفاق على دورية عقد الاجتماعات ، وفي أكتوبر 2014اتفقت مصر وإثيوبيا والسودان على اختيار مكتبين استشاريين أحدهما هولندي والثاني فرنسي لعمل الدراسات المطلوبة بشأن السد ، وفي 23مارس 2015 وقعت الدول الثلاث وثيقة &إعلان مبادئ سد النهضة&. وتضمنت الوثيقة 10 مبادئ أساسية تتسق مع القواعد العامة في مبادئ القانون الدولي الحاكمة للتعامل مع الأنهار الدولية... وأكدت الاتفاقية التعاون على أساس التفاهم المشترك، والمنفعة المشتركة، وحسن النوايا، والمكاسب للجميع، ومبادئ القانون الدولى، والتعاون فى تفهم الاحتياجات المائية لدول المنبع والمصب بمختلف مناحيها، ثم تواصلت الاجتماعات الفنية والسياسية بين الدول الثلاث في هذا الِشأن وانتظام اجتماعات اللجنة التساعية (وهي اجتماعات دورية تجمع وزراء الخارجية والري والمخابرات العامة في كل من مصر والسودان واثيوبيا ) واجتماعات التعاون فى البنية التحتية، واجتماعات العلماء حول السدود فى البلدان الثلاثة.
السياسة والاقتصاد
و كانت العلاقات السياسية هي محور ماتضمنه الفصل الخامس من هذا الباب والذي رصد تطور العلاقات السياسية بين البلدين حيث تعمل السياسة المصرية علي إقامة علاقات تتميز بالخصوصية والتفاهم العميق مع السودان وتُعد الزيارات المتبادلة بين قيادتي البلدين دليلاً على عمق العلاقات المصرية السودانية ، حيث اكدا دائما على علاقات الأخوة الأزلية والروابط المشتركة التي تجمع بين شعبي وادي النيل، وإدراكهما لأهمية الشراكة الاستراتيجية بين البلدين وأهمية تعزيز وترسيخ علاقات الأخوة، وتعظيم مساحات التعاون المشترك، بما يليق بأهمية العلاقات بين البلدين ويرتقى إلى طموحات الشعبين، ويتسق مع ما يجمعهما من تاريخ وعلاقات وطيدة، اجتماعية وثقافية وأيضاً سياسية وأمنية واقتصادية.
وتؤكد مصر دوما على استقرار السودان، وأن أمن السودان هو جزء لا يتجزأ من أمن مصر القومي، كما يؤكد الرئيسان السيسي والبشير على استمرار التشاور بين البلدين فيما يخص القضايا الإقليمية، وفى المحافل الدولية، لا سيما وأن مصر ستتولى رئاسة الاتحاد الأفريقي خلال عام 2019، و الحرص على مواصلة التنسيق المكثف بينهما بما يساهم في تحقيق مصالح البلدين المشتركة، فضلاً عن تعزيز التعاون على مختلف المستويات ودفع جهود التعاون بين دول المنطقة والقارة الإفريقية وتحقيق التنمية لما فيه صالح شعوبها.
وكان ملف العلاقات الاقتصادية هو ماركز عليه الفصل السادس من كتاب الاستعلامات عن العلاقات المصرية السودانية حيث اوضح الكتاب في هذا الفصل ان العلاقات التجارية المصرية - السودانية شهدت نموًا ملحوظًا خلال السنوات الأخيرة وبصفة خاصة في ظل عضوية البلدين بمنطقة التجارة الحرة العربية الكبرى وبتجمع &الكوميسا&، وتسعى كل من مصر والسودان لتوطيد العلاقات التجارية فيما بينهما، من خلال إنشاء مشروعات حيوية اقتصادية مشتركة في كافة القطاعات (صناعية، زراعية، كهرباء، مياه، ثروة حيوانية، عمالة فنية مدربة)، يعود نفعها على الدولتين، وسيُسهم ذلك بالتأكيد في إعادة تشكيل مستقبل العلاقات بين السودان ومصر، مما سينعكس بشكل إيجابي على تحقيق التنمية الاقتصادية للدولتين.
واشار الكتاب الى امتلاك السودان لنحو 24 مليون هكتار مراعي، و64 مليون هكتار غابات يُمكن أن تُستغل في تجارة الأخشاب وصناعة الورق، ومواد صناعية أخرى عديدة، بالإضافة إلى توافر المياه اللازمة للزراعة، كما يمتلك السودان ثروة حيوانية ضخمة جعلته يحتل المركز السادس عالمياً، كما دخل السودان بقوة في مجال التنقيب عن البترول، فيما حققت مصر طفرة كبيرة في مجال الاكتشافات البترولية والغاز الطبيعي ومحطات الكهرباء وغيرها من المشروعات العملاقة ، وانطلاقا من هذه المؤشرات التي يتمتع بها البلدان ، يتضح مدى أهمية تدعيم العلاقات التجارية بين مصر والسودان.
وفي يونيو 2014م بعد تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي رئاسة الجمهورية ناقش البلدان سبل تفعيل أتفاق الحريات الاربع بين البلدين وتم رفع تمثيل اللجنة المشتركة بين البلدين الي المستوي الرئاسي لتجتمع مرة في القاهرة ومرة في الخرطوم ، وفي عام 2015م تم أفتتاح أحدث المشروعات المشتركة التي تم دشينها بين البلدين هو مشروع ميناء قسطل – أشكيت البري، ويعد الميناء بمثابة أهم بوابة مصرية تطل على إفريقيا حيث يسهم في إحداث نقلة كبيرة في حركة التجارة والاستثمار بين مصر من جانب والسودان والقارة الأفريقية من جانب آخر وذلك من خلال تنمية حركة الصادرات والواردات للبضائع والثروة الحيوانية وتنشيط حركة المسافرين.
مليار دولار التبادل التجاري بين مصر والسودان
واشار كتاب الاستعلامات ان حجم التبادل التجارى، نحو مليار دولار سنويا، طبقا لاحصاءات 2017 وهو لا يعكس الإمكانيات والموارد المتاحة للبلدين، لذا يتم العمل من خلال وضع التشريعات والأطر والاتفاقيات للنهوض بهذا القطاع، ويقدر حجم الاستثمارات المصرية بالسوق السودانية بنحو 10 مليارات و100 مليون دولار طبقاً لاحصاءات عام 2017 وتوزعت الاستثمارات على 229 مشروعًا، منها 122 مشروعًا صناعيًا باستثمارات 1.372 مليار دولار بصناعات الأسمنت والبلاستيك والرخام والأدوية ومستحضرات التجميل والأثاث والحديد والصناعات الغذائية، و90 مشروعًا خدميًا استثماراتها 8.629 مليار دولار بقطاعات المقاولات والبنوك والمخازن المبردة والري والحفريات وخدمات الكهرباء ومختبرات التحليل والمراكز الطبية وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، إلى جانب 17 مشروعًا زراعيًا باستثمارات 89 مليون دولار بقطاعات المحاصيل الزراعية والإنتاج الحيواني والدواجن ونشاط صيد الأسماك ، كما تعمل في مصر 315 شركة سودانية ، تتوزع استثماراتها بين الصناعة والتجارة والزراعة والخدمات التمويلية وقطاعات الإنشاءات والسياحة والاتصالات، ويحتل القطاع الصناعي المقدمة حيث تعمل 73 شركة باستثمارات تقدر بـ 50.4 مليون دولار، فيما يحتل النشاط التمويلي المرتبة الثانية بـ 7 شركات واستثمارات تقدر بـ 21.3 مليون دولار.
وقد سجلت الصادرات المصرية للسودان حوالي 550 مليون دولار عام 2017 ،فيما بلغ حجم الصادرات المصرية البترولية خلال عام 2017، حوالي 40 مليون دولار، كما تنامى حجم الواردات المصرية من السودان بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة، حيث سجلت 450 مليون دولار عام 2017 وتُعد المنتجات الصناعية ، و المنتجات الكيماوية و الآلات والمعدات و المواد الخام و المواد الغذائية و المنسوجات أهم بنود الصادرات المصرية للسودان خلال عام 2017 ، فيما تتركز الواردات المصرية من السودان في أربع سلع رئيسية هي الحيوانات الحية والسمسم والقطن الخام واللحوم، والتي تشكل عام 2017 حوالي 95% من إجمالي قيمة واردات مصر من السودان من كافة البنود.
وقد شهدت الفترة الماضية بدء تنفيذ مشروع الربط الكهربائى بين البلدين وهو المشروع الذى من شأنه أن ينقل علاقات التعاون القائمة بين البلدين إلى مرحلة جديدة تتأسس على تنفيذ المشروعات الاستراتيجية المشتركة التى تعزز من فرص التبادل التجارى والاستثمارى، وذلك فى ظل ما تحظى به مشروعات الطاقة من أهمية بالغة على صعيد دفع جميع أوجه العلاقات الاقتصادية والتنموية.
المسيحية والإسلام.. من مصر إلى السودان
وفي الفصل السابع يتناول كتاب الاستعلامات العلاقات الثقافية والاعلامية بين مصر والسودان حيث ارتبط البلدان بعلاقات أزلية تقوم على روابط القرابة والدم والتاريخ واللغة والدين الواحد، واستقبل السودان البعثات العلمية من مصر منذ عهد الفراعنة & إلى أن جاءت المسيحية وانتشرت في مصر ومن بعدها قامت مصر بنشرها في السودان عن طريق إرسال مطارنة النوبة فانتشرت الكنائس والأديرة ،كما دخل الإسلام السودان من مصر، واستقبل السودان المعلمين المصريين كما توافد الطلاب السودانيين لتلقي العلم بالأزهر الشريف في مصر، مما أدي إلى تأثر السودان بالنظام التعليمي في الأزهر، كما أرسل محمد على نخبة من علماء الدين للسودان ، وتشجيع أبناء الطرق الصوفية المصرية على الذهاب إلى هناك ومنها الطريقة السعدية والبدوية والدسوقية.
كما شارك أبناء السودان فى عهد محمد على المصريين فى بعثاتهم العلمية إلى أوروبا، وفي عام 1956 اصدر الرئيس الراحل جمال عبدالناصر قرار تأسيس جامعة القاهرة فرع الخرطوم، لتكون جسر تواصل علمي وثقافي تربط العلاقات بين السودان ومصر، وفي الوقت الحالي تشهد العلاقات الثقافية بين البلدين دورًا مؤثرًا للجامعات في تعميق هذه العلاقات، وذلك من خلال تبادل الزيارات بين أساتذة الجامعات المصرية والسودانية بهدف تبادل الخبرات، وتبادل المؤلفات والبحوث بين الجامعات في الدولتين،
المامبو السوداني
للتقارب الجغرافى بين مصر والسودان أثر كبير فى تعميق العلاقات، خاصة الأدبية والفنية، فمنذ الخمسينيات ومصر حاضنة للفنانين والمثقفين السودانيين، وجاء التاريخ الأدبى حافلاً بإفراز عدد من الأدباء والشعراء من بينهم الطيب صالح، ومحمد الفيتورى، و الروائى الشاب حمور زيادة، وفى الوقت نفسه قضى عدد من الكتاب المصريين فترة فى السودان وكتبوا عنها منهم شاعر النيل حافظ إبراهيم الذي قضى وقتاً كبيراً بالسودان، كما عاش فيها ايضا الأديب الكبير عباس محمود العقاد فترة طويلة في الاربعينيات ، كما عاش محمد نجيب، أول رئيس جمهورية مصرى، فترة طويلة فى السودان وأصدر كتاب اسمه «رسائل من السودان» ، كما أن الكتاب السودانيين كان لهم حضور قوى فى مصر، مثل الكاتب عباس علام الذي اصدر كتاباً عام 1946 بعنوان «دماء فى السودان» عبارة عن رسائل لأحد الجنود المصريين فى السودان فى تلك الفترة.
وقد سجلت الاغاني ايضأ حكاية مصر والسودان ومنها أغنية شادية «عاشت مصر والسودان» بالإضافة إلى أغنية «المامبو السودانى» ، وتعتبر من أشهر الأغانى الشعبية فى السودان وكانت تقدم ضمن فلكلور فى السينما المصرية،والعديد من الأعمال الفنية المشتركة والتي جمعت بين رموز الفن والطرب في البلدين: الفنان سيد خليفة، الفنان صلاح بن البادية، والفنان محمد وردي ، والفنان عبد الكريم الكابلي ، كما غنت الفنانة شادية ايضاً باللهجة واللحن السوداني اغنية " ياحبيبي عد لي تاتي"، واغنية عن النيل تقول فيها ( ياجاي من السودان لحد عندنا - التمر من اسوان والقٌلة من قنا )
وفي مجال الرياضة نستذكر لاعب الاهلي الأسبق الكابتن مصطفى عبد المنعم "شطه" ولاعب نادي الزمالك الاسبق الكابتن عمر النور، وحارس المرمي سمير محمد علي، كما تولى الكابتن حسام البدري تدريب نادي المريخ السوداني ، والذي لعب له ايضاً حارس مرمى مصر عصام الحضري.. وغيرهم كثيرون.
أم كلثوم في الخرطوم..
وفي هذا السياق ايضاَ اشار كتاب الاستعلامات الى زيارة كوكب الشرق ام كلثوم الي الخرطوم في فبراير 1968 واعتبرت أم كلثوم تلك الزيارة من أجمل رحلات حياتها الفنية الناجحة والمتميزة .. وظهر ذلك في اختيارها لكلمات قصيدة " اغداً القاك" من نظم الشاعر السوداني الهادي آدم لتغنيها
كما اورد الكتاب في هذا الصدد بعض الابيات الشعرية لعدد من شعراء السودان الذين عاشو فترة من حياتهم بمصر مثل الشاعر السوداني الراحل محمد سعيد العباسي، و قصيدة اخرى للشيخ الطيب السراج ، وقد بادل الشعراء المصريون أشقائهم السودانيين حباً بحب ، ومن ذلك قصيدة "السودان"التي كتبها أمير الشعراء "أحمد شوقي" ولحن بعض ابياتها الموسيقار"رياض السنباطي" وغنتها سيدة الغناء العربي "ام كلثوم" .
ركن السودان من القاهرة
يقول كتاب الاستعلامات ان مسيرة العلاقات الاعلامية بين البلدين شهدت تطورات عديدة ، عبرت في مجملها عن التلاحم في العلاقات بين البلدين، وكانت اذاعة "ركن السودان من القاهرة " هي المنفذ الإعلامي الأنشط والأهم لكل ماهو سودانى، على الرغم من ان ارسالها لم يكن يتعدى الاربع ساعات،إلأ إنها لعبت دورا كبيرا في التقارب الاعلامي بين الشعبين استمر حتى عام 1983 عندما حلت محلها ”إذاعة وادى النيل” وقد ارتبطت اسماع المواطن في كل من مصر والسودان ببرامج " ركن السودان" ومنها برنامج "حبابك عشرة " ومع “السيرة “وبرنامج "من وحي الجنوب" الذي كان يقدم الاغاني النوبية .
وواصلت اذاعة " وادي النيل" مسيرة ركن السودان منذ عام 1983 وفق البروتوكول الموقع بين البلدين عام 1983 باعتبارها ملمحاً يعكس خصوصية وتميز العلاقات بين البلدين في المجال الاعلامي ، كما يجمع البلدان عدد من البروتوكولات والاتفاقيات ومذكرات التفاهم والبرامج التنفيذية في مسيرة العمل الاعلامي المشترك ومنها مذكرة تفاهم في مجال التعاون الإعلامي بين حكومة جمهورية السودان وحكومة جمهورية مصر العربية (19 يوليو 2003) وجاءت توثيقاً لروابط الأخوة الأزلية بين البلدين ومتابعة لتنفيذ مذكرة التفاهم الموقعة يوم 8 يوليو 2001 والبرنامج التنفيذي لاتفاقية التعاون الإعلامي بين البلدين.
وفي26 يوليه 2018 وافقت الهيئة الوطنية للإعلام المصرية على المقترح الخاص بضرورة الإسراع فى وضع ميثاق شرف إعلامى بين البلدين الشقيقين مصر والسودان لإعلاء المصالح العليا ودعم التعاون بينهما وترسيخ الحريات الأربع وتفعيل التعاون الإعلامى بينهم ، وقررت الهيئة الوطنية للإعلام تشكيل مجموعة عمل لإعداد الميثاق للتواصل مع الجانب السودانى تمهيداً لإقرار الميثاق ووضع مدونة التنفيذ الخاصة به فى البلدين الشقيقين.
4 ملايين سوداني في مصر
وفي الفصل الثامن من الباب الاول من كتاب الاستعلامات عن العلاقات المصرية السودانية يتحدث هذا الفصل عن الجالية المصرية في السودان والجالية السودانية في مصر .. وتعد الجالية المصرية من أقدم الجاليات العربية الموجودة في السودان، وكذلك علاقات الزواج والمصاهرة ، كما أن اتفاق الحريات الأربع اتاح لمواطني البلدين التنقل بحرية تامة من وإلى كلا البلدين، و تشير بعض التقديرات إلى أن عدد المصريين يدور بين 80 و100 ألف، بينما يدور عدد السودانيين في مصر ما بين 3 و4 مليون نسمة.
وتتركز معظم الجالية السودانية في أسوان ، إضافة إلى محافظات الشرقية والسويس والإسماعيلية و القاهرة الكبرى وهو مايعكس تباين وضع الجالية السودانية وطبيعة اندماجها في المجتمع المصري منذ عقود، مقارنة بغيرها، بل أن غالبية السودانيين المقيمين في مصر تزوجوا من مصريات، وتزوج مصريون من سودانيات ، حتى إن أجيالاً من الشباب والأطفال الآن يحملون الجنسيتين السودانية والمصرية بأعداد ليست بالقليلة.
السودان .. نقطة ارتكاز لكل أفريقيا
ويتضمن الباب الثاني من كتاب الاستعلامات ملف معلومات اساسية عن جمهورية السودان ، وتقول مقدمة هذا الكتاب ان السودان يُعتبر دولة معبر من شرق إلى غرب أفريقيا، ومن شمال إلى جنوب القارة، وهو نقطة ارتكاز أساسية في تحقيق حُلم القاهرة كيب تاون، من خلال أحد ثلاثة طرق برية تربط القاهرة بالخرطوم، ويُوصف السودان قديماً وحديثاً بأنه قارة في حد ذاته، من حيث اتساع مساحة أراضيه قبل، وبعد انفصال دولة جنوب السودان، فقد كان السودان من حيث المساحة قبيل انفصال الجنوب هو الأكبر في أفريقيا والوطن العربي، والتاسع عالميا.
واشار الكتاب الى ان السودان له حضارة ضاربة في التاريخ، كشفت عنها الحفريات والآثار السودانية كما يمتلك السودان فضلا عن الثروة البشرية، العديد من الموارد الطبيعية التي تجعله بلداً واعداً، ومنها الأراضي الخصبة الصالحة للزراعة، والمياه ، بالإضافة إلى الثروات المعدنية، والمواقع السياحية على اختلافها ومنها السياحة التاريخية، والدينية والثقافية..
ويتناول الفصل الاول من هذا الباب اهم المعلومات الاساسية عن جمهورية السودان من حيث الموقع والمساحة والمناخ والتضاريس والموارد الطبيعية والسكان واللغة والشعار والعلم والتقسيم الاداري للولايات واهم المدن الكبرى .
فيما يتناول الفصل الثاني من هذا الباب النظام السياسي في السودان ويتضمن نبذة عن الدستور السوداني الانتقالي لعام 2005 واهم التعديلات الدستورية التي ادخلت عليه في عام 2015 و2016 ، كما يتضمن هذا الفصل عرضا لاهم الأحزاب السياسية في السودان، و السلطة التنفيذية والتي تضمن الحديث عن رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء القومي، وكذلك السلطة التشريعية وتاريخ الحياة البرلمانية في السودان والنظام الانتخابي ، كما يتناول السلطة القضائية واختصاصات المحاكم السودانية .
كما يتضمن الفصل الثالث من هذا الباب الحديث عن التعليم في السودان واهم انواعه ، فيما يتناول الفصل الرابع الاقتصاد السوداني الغني بالموارد الطبيعية؛ والأراضي الزراعية الخصبة، والثروة الحيوانية، والمعدنية، والنباتية، والمائية، ويتناول هذا الفصل الحديث عن الزراعة والصناعة والنفط والتعدين واهم الصادرات والواردات السودانية ، وكذلك قطاعي السياحة والنقل
وكانت السياسة الخارجية لجمهورية السودان هي محور اهتمام الفصل الرابع من الكتاب حيث يلتزم السودان بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وبالإستقلالية في السياسة الدولية، وحق الأمم والشعوب في انتهاج طريقها الخاص واحترام علاقات الجوار، والسودان بحكم انتمائه الأفريقي والعربي والإسلامي، واحتلاله لموقع جغرافي إستراتيجي في الإقليم وموقع وسط بين الوطن العربي وأفريقيا، يسعى ليلعب دوراً فاعلاً في الأسرة الدولية والمنظمات الإقليمية في إطار رعاية مصالحه ومبادئه وفى إطار التزامه بالمواثيق الدولية والاتفاقيات الإقليمية التي صادق عليها، كما يسلط هذه الفصل الاضواء على علاقات السودان ومحيطه العربي الإسلامي والأفريقي وكذلك عضوية السودان في المنظمات والمؤسسات الإقليمية والدولية ، وبعض الاتفاقيات الدولية والإقليمية البارزة التي انضم إليها السودان .
ويختتم الكتاب في بابه الثاني بالفصل الخامس والذي تناول الإعلام والثقافة حيث يلقي الضوء على قطاع الثقافة والإعلام السوداني الذي شهد تطوراً كبيراً منذ الاستقلال وتاريخ انشاء المؤسسات الاعلامية والثقافية من اذاعة وتليفزيون، والمجلس القومي لرعاية الآداب والفنون، ووكالة السودان للأنباء "سونا"، ومؤسسة الدولة للسينما، وكذلك تاريخ الصحافة السودانية العريقة واهم الصحف .