يبقى الفيلسوف المسلم أبى الوليد ابن رشد أحد أهم الفلاسفة العرب عبر التاريخ، ولاسيما وأن علمه وكتبه لازالت تثير الاهتمام لدى العديد من الباحثين وأساتذة الفلسفة الإسلامية والعربية.
ولم يكن تأثير ابن رشد الفلسفى له أثر على المسلمين فقط، بل أيضا فى الفلسفة المسيحية، ولعل أبرز من تأثروا بفلسفة الفقيه الأندلسى القديس الكاثوليكى توما الإيكونى، والذى تمر اليوم ذكرى رحيله الـ 745، إذ رحل فى 7 مارس من عام 1274 م، وهو قسيس وقديس كاثوليكى إيطالى من الرهبانية الدومينيكانية، وفيلسوف ولاهوتى مؤثر ضمن تقليد الفلسفة المدرسية. أحد معلمى الكنيسة الثلاثة والثلاثين، ويعرف بالعالم الملائكى.
ويذكر كتاب " موسوعة أعلام المجددين فى الإسلام. الجزء الثانى، من القرن السادس حتى القرن" للدكتور سامح كريم، فأن توما اتبع نظرية ابن رشد فى التوفيق بين الفلسفة والدين، فيحل بعض المشكلات التى كانت قائمة بين الفلسفة واللاهوت، ولعل توفيقه بين الدين والفلسفة هو الذى أسبغ عليه الكثير من النعوت التى أقلها أنه: أكبر الفلاسفة العصور الوسطة، وسلك توما رشدية معتدلة، فاتبع منهاج ابن رشد سرا، وهاجمه علنا مسايرة للسلطات الدينية فى ذلك الوقت.
وتوضح الدراسة أن تأثير ابن رشد فى فلسفة توما ألاكوينى لم تظهر إلا بعد وفاة الأخير، مستشهدا بما ذكره لآسين بلاسيوس، حيث يؤكد أن القديس توما كان من أشد خصوم ابن رشد فى الظاهر، ولكن يمكن اعتباره تلميذًا له فى المنهج وفى طريقة التأليف، ودلل بلاسيوس على التشابه بين الفيلسوفين الكبيرين، وذكر أن التأثير تم بطريقين: أحدهما غير مباشر، حيث اعترف توما نفسه بأنه أخذ طريقة التوفيق عن ابن ميمون والأخير تلميذ لابن رشد، والآخر مباشر حيث اطلع على هذه النظرية بعد أن ترجمها عن العربية زميله فى طائفة الدومينيكان القديس ريموند مارتان.