جيهان عجلان تكتب: نعم اختلف معى ولكن بلا فساد

السبت، 09 مارس 2019 02:00 م
جيهان عجلان تكتب:  نعم اختلف معى ولكن بلا فساد ورقة وقلم

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

إننا جميعا على منهج واحد من هذا الوجود، ألا وهو أننا خلقنا؛ لتعمير هذه الأرض بالكيفية التى أمرنا بها الله تعالى ،بلا فساد، ولكن باتباع سبل الخير ومنهج  السَّلمَ لا الحرب، فأنا لا أختلف معك فى دين، ولا أناقشك فى عقيدة لأن كل إنسان يتبع إلهه الذى ارتضاه ليعبده،  فلم يعد لدى أى إنسان حجة بعد أن أتم الله الدين على يد خاتم المرسلين سيدنا محمد ( صل الله عليه وسلم ) .

ولكن، إن الاختلاف المقصود هنا أن كل منا مختلف فى حركة حياته، وسلوكه و حتى فى هذا الاختلاف ،لابد أن تكون متبعا لمنهج الله الشرعى الذى أمرك فيه أن تكون مستقيما أى كان دينك، فكل الأديان من عند الله لأن الله تعالى أحل لك كل ما لا يستحى منه طبعك البشرى الذى ميزك به عن سائر خلقه؛ حتى يثبت الإيمان بالفطرة التى خلقك عليها والشاهد  على أن الإيمان بالفطرة، هو  بحث سيدنا إبراهيم عن ربه فى وقت كان آباؤه يعبدون الأصنام فلما هدَّته فطرته بأن ما يتبعونه هو الضلال، بحث فى نواميس الكون عن ذلك الإله الذى لابد أن يكون مختلفا عمن حوله من افتراءات صنعها آبائه، فتوصل سيدنا إبراهيم بعد تفكر وتدبر؛ لوجود الله الأحد الدائم الوجود الذى لا يغيب ولا يشبه أحد، ومن هنا كان الإيمان بالفطرة، ومن يختلف عن هذا المنهج فهو ضال؛ حيث إنه ليست كل نفس بشرية تتبع الخير ..فهناك من النفوس التى اعتادت على الحياة؛ بمنهج ضال فاسد ممزوج بالشهوة والمعاصى، حيث تدَّلت النفس فى بئر المعصية  فاعتادته وغرقت فيه  فثملت منه، واستحسنته شرابا سائغا؛ حتى أصبح لها منهجا متبعا، لا تعترف بفساده لأنها تشبعت به لحد اليقين بصحته، ولكن النفس المطمئنة  ..هى التى سلَّمت لله قيادتها، وليس لسواعد الشيطان فهى وحدها التى تمتنع عن المنكر الذى أمر الله  بالابتعاد عنه، فنجد أن الله تعالى عندما ذكر الخسران استثنى منه  الذين آمنوا فى كتابه فقال فيهم "إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِى خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)" العصر.

والذين امنوا هنا ..هم الذين عملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر ..أى أن المؤمن إذا ابتعد عن الحق رده أخيه المؤمن إلى حسن السبيل وإذا فلت منه الصبر أوصاه به؛ أى كلما ابتعد واحد أعاده الأخر بمنهج المودة والرحمة ،وليس القتل والازدراء، فهؤلاء هم المؤمنون الذين يتعاونون على الحق لا على الفساد وقال الله عز وجل فى ذلك "الأْخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ (67) الزخرف.

نجد أن الحق تبارك وتعالى يوضح لنا أن الذين يجتمعون على حرام فى الدنيا وفساد ومعاصى، كلما اجتمعوا ازدادوا حراما وآثاما، هؤلاء عندما سيلتقون يوم القيامة، سيكون كل واحد منهم عدوا للأخر، ويتهمه بأنه الذى قاده إلى المعصية وضلله، وتجده يتبرأ منه كنظيره الشيطان الذى سيتبرأ من أتباعه  يوم القيامة، واستثنى الحق من هؤلاء الأخلاء المتقين ..وهم الذين خشوا الله واتقوه حق تقاته واتبعوا الحق المبين الذى لا اختلاف فيه بين كل العالمين، إذن إياكَ أخى الإنسان إذا اختلفت معى تتهمنى بكفر أو فسوق أو عصيان؛ لأن الله وحده مالك أمرى وأمرك فما عليك، إلا توجيهي، فأمر بالعرف  الذى تعارف عليه المتقين، واعرض عن الجاهلين هذا كلام الله الحق" خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (199)الأعراف.

هذه قوة الإسلام  فى أخلاقه لمن يفهم ويتدبر المعانى، كما قال الحق تبارك وتعالى  فى سورة أخرى" وَلَا تَسْتَوِى الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِى هِى أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِى بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِى حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (35) فصلت، إن الحسنات لا تستوى مع السيئات بميزان عدل الله تعالى، فهو الحكم العدل، أمر الله المؤمنين بالصبر عند الغضب، والحلم والعفو عند الإساءة، فإذا فعلوا ذلك عصمهم الله من الشيطان، وخضع لهم عدوُّهم، كأنه ولى حميم، وما يعطى دفع السيئة بالحسنة إلا الذين صبروا لله على المكاره، والأمور الشاقة، وقال: (وَمَا يُلَقَّاهَا) ولم يقل: وما يلقاه، لأن معنى الكلام: وما يلقى هذه الفعلة من دفع السيئة بالتى هى أحسن، إلا ذو نصيب وجدّ، بالله عليكم اتقوا الله فى دينكم وأنفسكم ولا تصنعوا الاختلاف بأيديكم لتهدموا أوطانكم التى هى مصدر أمانكم ومأواكم.










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة