إن وجود أي خلل أو ثغرة غير مٌلتفت إليها بالدستور أو القوانين والتي ما هى إلا صغيرة الدساتير، يتسبب ذلك في خلل أكبر في السلطات التنفيذية والقضائية، فكم من قانون لم تُحصن ثغراته استُغل في السوء، ومن هذا المنطلق كان على كاهل الدولة المصرية أن تقلم أظافر أي ثغرات دستورية قد تكون بابًا أو فرصة للمساس بمدنية الدولة أو بمبدأ المواطنة أو بالمساواة بين كل أطياف الشعب، وبالفعل نري في كل أنحاء دول العالم التي لم تتنبه حكوماتها لتلك الثغرات- أن القوات المدنية بل والمعارضة هي التي تطلب التعديلات وتأمين تلك الثغرات.
ففي الجزائر مثلا، يطالب الكثير بتعديلات دستورية تغلق الباب أمام الثقافة الواحدة الموالية فكريًا لفرنسا وتعديل الاقتباسات من الدستور الفرنسي، هكذا الأمر في العراق الشقيق منذ عام 2004 والدستور التي وضعته الإدارة الأمريكية وحتى عامنا هذا والذي طالب عادل عبد المهدي رئيس الوزراء العراقي بتعديلات في الدستور العراقي، ناهيك عن "المهلة المفتوحة" كما أطلق عليها الساسة اللبنانيون وهى المهلة التي بلا أجل معين لتشكيل الحكومة وتأليفها والتي سنحت للبعض إهدار الوقت والفشل في تأليف الحكومة أكثر من مرة.
أما المفاجأة فهي في اليابان، فبعد سبعين عامًا من مواد دستور وضعتها الولايات المتحدة الأمريكية وخاصة المادة التاسعة بعد عام 1945م لتجرد اليابان من أي تدخل عسكري بعد الحرب العالمية الثانية وبالرغم من قدرة اليابان على التسليح القوى، طالب شيزو أبى رئيس الوزراء وحاكم الحزب الديمقراطي الليبرالي الياباني بالتخلص من تلك الثغرة الدستورية وبناء جيش نظامي ياباني.
حتى الولايات المتحدة الأمريكية لم تفلت من تلك الثغرات اللعينة وبعد الإصلاحات الدستورية الكثيرة التي قامت بها وهي الكارثة التي تحدث عنها ترامب منذ حملته الانتخابية؛ كارثة زواج الأطفال والاتجار بهم من خلال ثغرات في قوانين الهجرة والتي نتج عنها آلاف زيجات القُصر خاصة من أمريكا اللاتينية.
فلا يوجد مٌشرع كامل الإدراك ليرى كل الزوايا الحاضرة والمستقبلية الناجمة عن تشريعاته حتى وان كانت تشريعات نتيجة جهد جماعي، فمن الوارد حدوث ثغرات ومن هنا تأتى أهمية التعديلات لإصلاح تلك الثغرات.
وإدراك الإدارة المصرية السريع لتلك الثغرات الموجودة في دستور 2014 ما هو إلا دليل على مرونة تلك الإدارة ورغبتها في إصلاح حقيقي وضمان استقرار سياسي وغياب البيروقراطية الدستورية وحماية تشريعية بنّاءة وسد أي ثغرة لقفزات من أي تيارات متسترة باسم الدين على الحكم وهى إرادة الشعب المصري التي تجلت في الثلاثين من يونيو.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة