فى 27 مارس 2019، تقدمت الطالبة نصرت جاهان رافى، بشكوى ضد مدير المدرسة الإسلامية التى تتعلم فيها، تتهمه فيها بقيامه بالتحرش الجنسى، لافتة إلى أنها قام باستدعائها فى مكتبه، وحينما حضرت "لمسها مرارًا وتكرارًا بطريقة غير لائقة".
وما فعلته
نصرت جاهان رافى، لا يتمثل فقط فى ذهابها إلى الشرطة بمساعدة أسرتها فى يوم وقوع التحرش، وإدلائها بتفاصيل الواقعة، بل يتعدى ذلك، نظرا لما هو معروف عن العديد من الفتيات فى بنجلاديش اللاتى يفضلن الكتمان على وقائع التحرش الجنسى خوفًا من التعرض للعار من المجتمع أو أسرهن، الأمر الذى ما جعل من
نصرت جاهان رافى رمزا للشجاعة.
الطالبة نصرت جاهان رافى
بعد ذلك، قامت الشرطة بإلقاء القبض على مدير المدرسة للتحقيق معه، ومن هنا ازدادت الأمور سوءًا بالنسبة إلى نصرت. حيث تجمع مجموعة من الناس فى الشوارع للمطالبة بالإفراج عن مدير المدرسة، وتم تنظيم مظاهرات احتجاجية، وبدأ البعض فى إلقاء
اللوم على نصرت، الأمر الذى جعل أسرة الفتاة تشعر بالقلق حيال سلامتها.
تشييع جثمان فتاة التحرش الجنسى فى بنجلاديش
وفى 6 أبريل، بعد 11 يومًا من الواقعة، ذهبت نصرت البالغة من العمر 19 عاما، إلى مدرستها لحضور امتحاناتها النهائية.. وقال محمود حسن نعمان شقيق نصرت "اصطحبت شقيقتى إلى المدرسة وحاولت الدخول إلى المبنى، لكن تم توقيفى ولم يُسمح لى بالدخول".
فتاة التحرش الجنسى فى بنجلاديش قبل وبعد الحرق
ما حدث بعد ذلك، كشفته نصرت فى بيان أصدرته، حيث روت أن زميلة لها، اصطحبتها إلى سطح المدرسة، قائلة لها إن أحد صديقاتها تعرضت للضرب. عندما وصل نصرت إلى السطح كان فى انتظارها 5 أشخاص أحاط بها، وقاموا بالضغط عليها من أجل سحب القضية ضد مدير المدرسة، عندما رفضت، أشعلوا النار فيها.
مظاهرات الدعم لفتاة التحرش الجنسى فى بنجلاديش
وفى البيان الذى أدلت به نصرت، خلال عملية نقلها إلى المستشفى، كان هناك أحد ضباط الشرطة، وألح عليها أن تزيل يديها من على وجهها، كما بدا خلال حديثه، أن يقلل من واقعة التحرش.
نصرت جاهان رافى فتاة التحرش الجنسى فى بنجلاديش
وقال رئيس مكتب التحقيق فى شرطة باناج كومار ماجومدر إن القتلة أرادوا أن يجعلوا ما حدث للفتاة وكأنه انتحار، إلا أن
خطتهم فشلت
عندما تم إنقاذ "نصرت" بعد فرارهم من المدرسة، وهو ما مكنها من الإدلاء ببيان قبل وفاتها.
القبض على طلبة يتشبه فى حرقهم لفتاة التحرش الجنسى
وقال ماجومدر لوسائل
الإعلام
البنغالية :"كان أحد القتلة يمسك رأسها بيديه، ثم قام بسكب الكيروسين على جسدها وأشعل النار فيها، وعندما نقلت نصرت إلى مستشفى محلى، وجد الأطباء حروقًا تغطى 80٪ من جسدها، فأرسلوها إلى مستشفى كلية الطب فى دكا.
عائلة نصرت جاهان رافى
فى سيارة الإسعاف، خوفًا من عدم قدرتها على البقاء، سجلت نصرت بيانًا على هاتف أخيها المحمول، وقالت فيه: "لقد لمسنى المعلم، سوف أقاتل هذه الجريمة - التحرش الجنسى - حتى أنفاسى الأخيرة". كما تعرفت "نصرت" على بعض مهاجميها وتبين أن من بينهم طلاب فى المدرسة.
فتاة التحرش الجنسى مع شقيقها
ما حدث لنصرت جعل أخبارها تسيطر على وسائل الإعلام البنجلاديشي.. وفى 10 أبريل، توفيت، وخرج الآلاف من الناس لحضور جنازتها فى فينى.
ومنذ ذلك الحين، ألقت الشرطة القبض على 15 شخصًا، زُعم أن 7 منهم تورطوا فى القتل، ومن بين المعتقلين الطالبان اللذان نظما الاحتجاج لدعم مدير المدرسة، الذى ما يزال قيد الحجز فى الشرطة، كما تم نقل ضابط الشرطة الذى صور شكوى التحرش الجنسى من نصرت من منصبه ونقل إلى قسم آخر.
من جانبها قابلت رئيسة الوزراء الشيخة حسينة عائلة نصرت فى دكا ووعدت بأن بمحاسبة المتورطين فى عملية القتل، مؤكدة على أنه " لن يتم استبعاد أى من الجناة من الإجراءات القانونية".
وفى نفس السياق، أثارت وفاة نصرت احتجاج الآلاف على وسائل التواصل الاجتماعى للتعبير عن غضبهم إزاء قضيتها ومعاملة ضحايا الاعتداء الجنسى فى بنجلاديش.
مظاهرات تضامن مع نصرت بعد حرقها
وقال أحد المحتجين، ويدعى "أنور شيخ" لوسائل الإعلام: "العديد من الفتيات لا يحتجن خوفًا بعد مثل هذه الحوادث"، وكتبت لوبا حسين: "كنت أحلم بأن أنجب فتاة لكننى الآن خائفة. إن ولادة ابنة فى هذا البلد يعنى حياة من الخوف والقلق".
ووفقا لجماعة حقوق المرأة فى بنجلاديش، كان هناك 940 حادث اغتصاب
فى عام 2018. لكن الباحثين يقولون إن العدد الحقيقى من المرجح أن يكون أعلى من ذلك بكثير.
والآن يسأل الشارع فى بنجلاديش: لماذا لم تحظ قضية نصرت بالاهتمام إلا بعد أن تعرضت للحرق والموت؟ وهل ستغير حالتها الطريقة التى ينظر بها الناس إلى التحرش الجنسى فى بنجلاديش؟
يشار إلى أنه فى عام 2009، أصدرت المحكمة العليا فى أمراً بإنشاء خلايا تحرش جنسى فى جميع المؤسسات التعليمية حيث يمكن للطلاب قبول شكاواهم، لكن قلة قليلة من المدارس تبنت المبادرة، ويطالب الناشطون الآن بتنفيذ الأمر وتكراره فى القانون لحماية الطلاب.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة