الحرف مثل الإنسان تماما تولد ويتقدم بها العمر وتموت.. خاصة إذا كانت تلك الحرفة التراثية تواجه التقدم التكنولوجى من خلال بدائل جديدة أكثر تطورا وأسرع فى الإنتاج، هذا كله ينطبق على مهنة تراثية كان يعتمد عليها الكثير الغنى والفقير الحاكم والمحكوم وهى مهنة صناعة الأحذية أو كما كان يطلق عليها قديما "الإسكافى أو الجزماتى أو الصرماتى" هذه المهنة قليل جدا عندما تجد من يعمل بها وقليلا جدا عندما تشهد من يذهب إليه.
"اليوم السابع" فى إطار سلسلة تحقيقاته عن المهن التراثية التى أوشكت على الانقراض يقدم للقارئ أهم المعلومات الخاصة بتلك المهنة من خلال لقاء بآخر من يعملون بها.
فى البداية هناك مفردات هامة تحويها تلك المهنة يتداولها الصناعية أثناء العمل من أهم تلك المفردات " لوزه وقالب ومخرز وجردل ومطرقه وسندان وأبره وخيط وغراء ومسامير.
هذه الأدوات بعضها معروف من المسمى الخاص به والبعض الأخر مبهم وغير معروف للكثير من الناس وخاصة الذين أعتادوا شراء الأحذية الخاصة بهم من المحلات التجارية وعندما يحدث عيب فى الحذاء يذهبون به إلى الماكينة الكهربائية للإصلاح.
عم مصطفى أحد أقدم صانعى الأحذية والذى يعمل بإصلاح قال لليوم السابع، أن مهنة صناعة وإصلاح الأحذية قديمة جدا جدا والمسمى المعروف عنها بالصعيد هى " الجزماتى" وهى مهنة لا يستطيع أن يستغنى عن منتجاتها لا الغنى ولا الفقير ولا الكبير ولا الصغير ولا الرجل ولا المرأة فهى حماية لهم ومن الإيذاء عندما يسيرون على الأرض وأنا أعمل بهذه المهنة منذ أكثر من 60 عاما تقريبا علمت أجيال وأجيال أغلبهم الآن أسطوات كبار بالمصانع ومنهم من قام بفتح مصنعا خاص لنفسه على الطريقة الحديثة عقب شرائه ماكينات كهربائية تعمل بالكمبيوتر.
ومهنة صناعة الاحذية قديما كلها كانت تعتمد على اليد لعدم وجود الالة والحذاء الواحد يمكن أن يظل مع الشخص ما يقرب من 10 سنوات لا يحدث له أى شئ وعندما يحدث له أى شئ يحضر للمحل ونقوم نحن بتصليحه ونحن نستخدم فى صناعة الأحذية بعض الثوابت فى الصناعة وهى القالب عبارة عن شكل يشبه القدم تماما مصنوع من الخشب بمقاسات مختلفه 40 و42 وحتى مقاس 50 على حسب عرض وطول القدم عندما يأتى الزبون نقوم بعمل مقاس لقدمه بالمزورة وبعد ذلك نتعامل معها من خلال تصميم الوجه الخارجى للحذاء وبعدها النعل والتصميم العام للحذاء وهناك المخز وهو عبارة عن مسمار مثبت بقطعة خشب بيضاوية الشكل نقوم من خلالها بعمل فتحات لنوصل النعل بالجلد والابرة والخيط تقوم بعملية الخياطة أما اللوزه فهى الرقعة التى نقوم بوصل الحذاء المقطوع بها والجردل وهو لتلين الحذاء داخله بالماء إذا كان عمر الحذاء كبير حتى يسهل إصلاحه والتعامل معه والغراء للصق النعل مع وجه الحذاء قبل خياطته أما المسامير تستخدم فى الإصلاح لأن هناك بعض الناس يفضلون الدق بالمسامير عن الخياطة عند عملية الإصلاح والمطرقة والسندان لنفس الغرض أيضا.
ويشير عم مصطفى إلى أن الأهالى يتجهون للأحذية الجاهزة التى تصنع بالمكن عن الحضور إلى المحلات القديمة وصناعة الأحذية اليدوية لأنها الأسرع ومنتشرة وموجودة بكل المحلات وأسعارها معقولة على عكس أسعار الصناعة اليدوية فهى أصبحت مكلفة نظرا لارتفاع أسعار الجلود الخام ومتطلبات الصناعة وأن الزبائن الذين يحضرون الآن هم كبار السن الذين اعتادوا على لبس الأحذية التفصيل وليس الجاهزة ويأتى إلينا من يريد الإصلاح للأحذية التى يحدث بها عيوب أو عندما يشترى حذاء جديد فيأتى من أجل تمكينه يدويا باستخدام خيوط البلاستيك حتى لا ينفصل النعل على الوجه وأنا الآن أقوم بتطعيم الصنعة ببعض الأحذية الحديثة من أجل أن يمشى الحال.
وعن أسماء الأحذية فى الماضى والتى لم تعد موجودة الأن حذاء بكعب مورتانى وحذاء كعب الكبايه وحذاء أبورده والجمالى عين الجن وأبوتوكه والبنص وأبو أستك وأبورباط والكريب وسعر الحذاء منهم بدأ من 5 قروش قديما ثم ريال وربع جنيه وحتى وصل الواحد 5 جنيهات و20 جنيه وبعدها توقف العمل بهم تماما والحذاء الكعب المروتانى فهو حذا بنعل مرتفع لونه بنى بإرتفاع حوالى 5 سنتمتر تقريبا وكان يلبسه المدرسون والموظفون وعمره طويل وحذاء كعب الكباية وهو يشبه شكل الكوب الزجاجى من ناحية الكعب وأبوروده الاصلى وهو حذاء خاص بالسيدات قديما حيث كانت تعلو مقدمته ىورده مصنوعة من نفس لون الحذاء والخذاء الجمالى وهو مصنوع كاملا من الجلد وهو لا يلبسه إلا من يعمل بمهنة سعى الجمال بالأرض الزراعية وهو عمره طويل جدا ويستحمل الأرض الوعرة والصعبة وللسيدات أيضا كان هناك حذاء يسمى عين الجن وأبوتوكه وللرجال هناك البنص وأبو أستك وأبورباط والكريب وهو أحدث حذا فى السوق كان وقتها حيث كان حذا باللصق دون خياطة ودون مسامير وهو غالبا ما كان يرتديه العمد واكابر البلد.
وعن حال المهنة يقوم عم مصطفى المهنة كعادة أى مهنة تموت بسبب التكنولوجيا الحديثة وظهور أحذية الكوتشى الرياضية وأحذية ماركات مختلفة بأشكال مختلفة وانواع مختلفة والشخص فى العصر الحديث يحب التغيير وأن يغير كل فترة حذائه بسبب وجود عروض وتخفيضات أو أنه طبى وغيرة وأننى اطالب أن تكون المهنة مهنة صناعة الاحذية ضمن المهن التراثية التى تحافظ عليها الدولة لانها مهمة جدا ويجب أن تنشئ لها مراكز للتدريب.