لكل سائح متطلباته فى المقصد السياحى الذى سيقضى فيه إجازته المقبلة، فهناك من يبحث عن المغامرة ورحلات السفارى وآخر يبحث عن الاسترخاء والتأملات الطبيعية، وغيره يبحث عن الألعاب المائية والغطس والسنوركلينج، ومن يهوى حكايات التاريخ المحفورة على جدران المعابد والكنائس، ولكن السياحة الخضراء تحولت مؤخرا إلى مطلب يٌجمع عليه العديد من السياح حول العالم أيا كانت متطلباته السياحية.
تلك النوعية من الزوار الذين يبحثون عن السياحة الخضراء يهتمون بالنواحى البيئية والمحافظة على المناطق الأثرية وحمايتها من الاندثار، وترشيد استهلاك الطاقة والمياه وتنمية المجتمعات المحيطة بالمناطق السياحية، وهذا النوع الجديد من السياحة انتشر خلال العقدين الأخيرين بشكل كبير، وبعد أن أصبحت الأجيال الجديدة من السائحين تهتم بالسياحة النظيفة، بدأت مواقع السفر العالمية تهتم بالأمر وتضع إشارة لتلك المناطق لمن يبحث عنها.
مصر وهى تبحث عن رفع جودة الخدمات المقدمة للسائح وزيادة تنافسية المقاصد السياحية المصرية عالميا، بدأت تضع السياحة الخضراء نصب أعينها حتى أن برنامج الإصلاح الهيكلى الذى تعمل من خلاله وزارة السياحة يرتكز على تحقيق تنمية سياحية مستدامة، تماشيا مع أهداف التنمية المستدامة التى أقرتها الأمم المتحدة.
وأكدت الدكتورة رانيا المشاط خلال مشاركتها فى فعاليات الدورة الـ 19 للقمة الدولية للمجلس الدولى للسياحة والسفرمنذ أيام على أن تطبيق مفاهيم السياحة المستدامة يأتى على رأس أولويات الوزارة، وأن أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر للأمم المتحدة كلها فى قلب قطاع السياحة، كالحفاظ على البيئة والتراث الثقافى وتحقيق الأمن والسلام، وتمكين المرأة.
وأشارت الوزيرة إلى أهمية تقديم منتج سياحى جاذب وتنافسي، لكنه فى نفس الوقت يراعى الحفاظ على البيئة الطبيعية ويكون له مساهمة إيجابية فى التنمية المجتمعية، لافتة إلى أن من هذا المنطلق تأتى رؤية الوزارة لتطوير قطاع السياحة فى مصر، كما وضعت وزارة السياحة مفهوم السياحة المستدامة، بمحاورها الثلاثة البيئية والاجتماعية والاقتصادية، كعنصر أساسى فى برنامج الإصلاح الهيكلى لتطوير القطاع.
وتنقسم السياحة الخضراء إلى محاور عديدة أولها تطوير الفنادق إلى صديقة للبيئة، وفى مصر يٌطلق عليها ألفنادق الخضراء، ومصر بدأت طريق تحويل فنادقها إلى صديقة للبيئة منذ عام 2007، وبدأت بعض الفنادق بالفعل التقدم للحصول على شهادة النجمة الخضراء التى وضعت لها وزارة السياحة قواعد خاصة.
وقال ماجد فوزى رئيس غرفة المنشآت الفندقية، أنه حتى الآن بلغ عدد الفنادق المشاركة ببرنامج النجمة الخضراء 83 فندقا، طاقتها الاستيعابية ما يقرب من 20 ألف غرفة فندقية أى 8.5% من إجمالى الأعضاء بغرفة المنشآت الفندقية؛ وهذه الفنادق موجودة فى القاهرة والعين السخنة وشرم الشيخ وطابا والغردقة ومرسى علم.
وأوضح فوزى أن النجمة الخضراء، برنامج قومى ذات علامة تجارية معترف بها من المجلس العالمى للسياحة المستدامة (GSTC)، ويهدف لتحفيز القطاع الفندقى للتحول للسياحة المستدامة، من خلال رفع الكفاءة فى استخدام المياه والطاقة وتدوير المخلفات، مما يؤدى للحد من الاستهلاك وما يحققه ذلك من مردود اقتصادى إيجابى على المنشأة ألفندقية.
ولفت فوزى إلى أن ذلك يعتبر أحد المكونات الفاعلة للتسويق تمهيدا للترويج لمصر كمقصد سياحى أخضر، مع الوضع فى الاعتبار أن هناك عددا من المنظمين الدوليين للرحلات السياحية العاملة فى مصر قد بدأت فى تحديد نسبة من رحلاتها لمقاصد خضراء.
والشهادة تجعل ألفنادق والعاملين فيها أصدقاء للبيئة، وتمتد المعايير إلى 11 بندا منها استخدام مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة، وزيادة الخضرة، وتخفيض نسبة المخلفات وتقليل استهلاك الماء، واستخدام أنواع جيدة من الكيماويات للغسيل الخاص بالملابس تكون صديقة للبيئة، بالإضافة إلى نوعية منظفات الأطباق التى يشترط أن تكون خاضعة لمعايير البيئة.
وكذلك رى المساحات الخضراء بالمياه المعالجة أو الصالحة، وليست بمياه الصرف الصحي، بالإضافة إلى تواجد مساحة كبيرة خضراء لكى تمتص التلوث المتواجد فى الهواء، ويشترط توزيع القمامة والنفايات بشكل منفصل، وذلك حتى لا تتفاعل المخلفات مع بعضها مما ينتج عنه مواد ضارة بالبيئة.
ويوجد للنجمة الخضراء 3 درجات، نجمة وأحدة، ونجمتان، و3 نجمات، وتوضع فى صالة الاستقبال بالفندق مع النجمة الحاصل عليها فى تصنيفه الفندقى من جانب وزارة السياحة.
وقال المهندس عماد حسن، مستشار وزيرة السياحة للطاقة والتنمية المستدامة، إن الوزارة تعمل على تشجيع الفنادق للاحتذاء بمواصفات معايير السياحة المستدامة، لافتا إلى اجتماع عٌقد فى نهاية مارس الماضى للجنة التى تشرف على برنامج النجمة الخضراء، بحضور مسئولى منظمة المجلس العالمى للسياحة المستدامة، أكد على أن مصر تسير بشكل جيد فى مجال السياحة الخضراء.
وشدد حسن فى تصريحات لـ"اليوم السابع"، أن الوزارة تسعى لأن يكون عدد كبير من الفنادق لديه القدرة لجذب السياح وشركات السياحة ووكالات السفر المهتمة بهذا النمط، مشيرا إلى أن وزيرة السياحة الدكتورة رانيا المشاط طالبت بالتوسع فى السياحة الخضراء والدخول لمرحلة السياحة المستدامة.
وأشار إلى أن الهدف هو الذهاب أبعد من الاهتمام بالبيئة والطاقة، وندخل إلى المرحلة الثانية التى تهتم بالمعايير الاجتماعية والاقتصادية فى المجتمعات المهمشة حول المقاصد السياحية، ونفكر كيف نقوم بتنميتهم وإشراكهم فى النشاط السياحى بما يعود عليهم بالنفع، حتى يشعروا أن الفندق أو المنتجع فى منطقتهم جزء من حياتهم وحياة أولادهم، كما أضاف أن هناك اهتماما بتوسيع دائرة المهن التى يكتسبها أبناء المنطقة من السياحة، وكذلك دور المرأة فى الحرف والأنشطة السياحية.
وقال: "أتمنى أن منظومة السياحة فى مصر تعطى للسائح أكثر منتج جاذب وممتع، ويراعى التأثير على البيئة بصورة إيجابية، ونزيل التأثيرات السلبية سواء انبعاثات أواستهلاك الموارد الطبيعية بصورة غير لائقة وانتهاك الشعب المرجانية، ونقوم بتأثير ايجابى على النواحى المجتمعية والمواطنين الذين يعيشونه فى المناطق السياحية، يجب أن يشعروا بأنهم جزء من هذه المنظومة وكل ذلك بوجهة نظر اقتصادية لابد من مكسب، وهذا هو التحدى بعد خمس سنوات من الأن لو تمكنا من أن يكون لدينا 250 فندقا تمتثل لمعايير السياحة المستدامة وقادرين على جذب السياحة بأسعار لائقة واحافظ على البيئة نكون حققنا نجاحا كبيرا.
وأعرب عن تفاؤله بألفترة المقبلة، مؤكدا أنه أصبح هناك رغبة من أصحاب ألفنادق والمستثمرين أن يتحولوا إلى هذه الأنشطة، قائلا "منذ سنوات كنا نعقد ندوة وندعوا ألفنادق للحضور بعضهم يأتى والبعض لا، أما الآن هم الذين يطالبون بالآنضمام للمنظومة السياحة المستدامة".