مرحلة جديدة من المواجهة بين إيران والولايات المتحدة فى المنطقة عنوانها التصعيد، حيث تعمدت الإدارة الأمريكية إعلان اعتزام رفض تمديد إعفاءات كانت منحتها فى نوفمبر 2018 لبعض الدول التى تستورد النفط من إيران، فى الثانى من مايو الماضى أى فى الذكرى السنوية الأولى لانسحاب واشنطن من الاتفاق النووى المبرم فى 2015 بين إيران و5 دول، لتخرج بعد ساعات قليلة أولى ردود الأفعال من طهران من قبل حرسها الثورى الذى لوح مجددا بورقة مضيق هرمز وغلقه حال منع إيران من استخدامه فى إشارة إلى الاستراتيجية الأمريكية لتصفير صادرات النفط الإيرانى.
المواجهة الجديدة بين واشنطن وطهران تثير العديد من التساؤلات حول سيناريوهاتها وتداعياتها على طهران وما إذا كانت ستصمد أمام إشهار الولايات المتحدة سلاح النفط فبعد الثانى من مايو لن تكون هناك إعفاءات جديدة، ومن ثم فإن الدول التى ستواصل شراء النفط الإيرانى تخاطر بتعريض نفسها لعقوبات أمريكية، ويهدف القرار قطع خطوط الإمداد الإيرانى لوكلائها فى المنطقة لاسيما حزب الله اللبنانى الذى يهدد أكبر حلفاءها إسرائيل، وعرقلة تطوير برنامجها الصاروخى البالستى فضلا عن سلوكها المزعزع للاستقرار فى المنطقة.
ترامب
أحد سيناريوهات المواجهة، هو التصعيد الكلامى وتشديد الحرب النفسية بين الطرفين، لاسيما وأن قرار الولايات المتحدة تزامن مع قرار اسناد المرشد الأعلى الإيرانى آية الله على خامنئى مؤخرا قيادة المؤسسة العسكرية النافذة فى السياسة الإيرانية والتى تضع نفسها فى مواجهة واشنطن أى الحرس الثورى إلى اللواء حسين سلامى، المعروف بتصريحاته النارية وتهديداته لواشنطن وخصوم طهران ودعواته لإزالة تل أبيب من الوجود، والذى جاء بعد أسابيع قليلة من إدراج واشطن الحرس الثورى منظمة إرهابية.
تداعيات قرار الولايات المتحدة، ظهرت سريعا على سوق العملة فى طهران، فبعد ساعات تراجع سعر صرف العملة الإيرانية مقابل الدولار، وبلغ سعر صرف الدولار بلغ أمس 14 ألفا و500 تومان للدولار الواحد بزيادة نسبتها 2.5% عن مستواه الأحد، وأصبح السيناريو الأخر الذى تتبعه واشنطن فى مواجهة طهران هو وضع المزيد من الصعوبات الاقتصادية، لاقتصادها المتردى أصلا والذى يقع تحت وطأة العقوبات، فالبلدان الثانى المعفاه قلصت 3 منها وارداتها النفطية من إيران وتشترى 5 دول أخرى ملايين البراميل، وكانت تصدر إيران نحو 650 ألف برميل للصين، و500 ألف برميل للهند، و300 ألف برميل لكوريا الجنوبية، و165 ألف برميل لتركيا، وبخلاف الأخيرة التى رفضت القرار، فان طهران مع حلول مايو المقبل لن تتمكن حتى من تصدير نصف هذا العدد من براميل النفط.
وباتت تراهن طهران على الدول الأوروبية شركاءها فى الاتفاق النووى لتعويضها الخسائر التى ستتكبدها من القرار، وإلا ابتزتهم وهددت بالانسحاب من الاتفاق النووى لطالما لم ترفع عن كاهلها العقوبات، ما يعنى أن واشنطن وضعت نفسها فى مواجهة البلدان الأوروبية من جديد، وصرحت متحدثة باسم المفوضية الأوروبية، اليوم الثلاثاء، بأن الاتحاد الأوروبى "يأسف" لقرار الولايات المتحدة تشديد الحظر على صادرات النفط الإيرانية، وحذرت من أن هذا التحرك يقوض بصورة أكبر الاتفاق النووى مع إيران.
وقالت مايا كوسيانسيتس المتحدثة باسم المفوضية للسياسة الخارجية، إن هذا التحرك من شأنه أن "يهدد بتقويض تنفيذ" الاتفاق النووى الذى كانت قد توصلت إليه الدول الكبرى مع إيران عام 2015. ولفتت إلى أن الاتحاد الأوروبى "سيواصل الالتزام (بالاتفاق) طالما استمرت إيران فى الالتزام الكامل والفعال به".