يعرف الجميع الكاتب الروسى الشهير "تولستوى" صاحب الكتابات البديعة والأفكار العظيمة، ويعرف البعض زوجته "صوفيا تولستايا" ويربطون بين نهايته وحيدا فى محطة قطار مهجورة وبين غلظتها معه، لكن ما الذى تقوله هذه السيدة فى يومياتها المسماة "يوميات الكونتيسة" والتى صدرت ترجمتها عن دار المدى ترجمة عبد الله حبه.
"ليسامح الناس تلك المرأة التى ربما كانت عاجزة، منذ أعوام الشباب، على أن تحمل على كتفيها الضعيفتين تلك المهمة الرفيعة، أن تكون زوجة رجل عبقرى وإنسان عظيم". هذا ما كتبته صوفيا أندرييفنا تولستايا فى عام 1913، عقب وفاة زوجها كاتب روسيا الكبير ليف تولستوى، بعد أن عاشت حوالى نصف قرن إلى جانبه، وشاطرته صعوبات الحياة فى المجتمع القيصرى المتزمت، وفى صعوده سلم المجد حتى أصبح من أشهر كتاب روسيا فى النصف الثانى من القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين.
إن اليوميات هى بمثابة رواية للأحداث اليومية التى تجسد خصال الكاتب وموقف زوجته من سلوكاته معها ومع الآخرين، وأفكاره الطليعية فى ذلك الزمان ومعاناتها بسبب هذا كله.
وتزوجت الكونت ليف تولستوى فى عام 1862 وأصبحت تحمل لقب كونتيسة، حين كانت فى سن الـ 18 عاما، بعد أن شبت بلا هموم فى كنف أخيها أندريه بيرس طبيب الأسرة القيصرية الذي عاش مع أسرته فى شقة حكومية فى داخل الكرملين.
واكتسبت صوفيا الكثير من العادات الارستقراطية وحصلت على تعليم جيد من إجادة ثلاث لغات أجنبية، هى الفرنسية والإنجليزية والألمانية، والعزف على البيانو.
تقول مقدمة الكتاب "لقد أحبت صوفيا زوجها بصدق ومن أعماق قلبها، ولهذا كانت مستعدة من أجل كسب حب للتضحية بكل شيء وحتى برغباتها الشخصية، وذلك لكي تحرر زوجها من كافة المهام العائلية. فأخذت على عاتقها جميع الأعمال البيتية والإدارية والمحاسبة ومراقبة دور النشر بالإضافة إلى استنساخ وإعادة نشر غالبية أعماله .
وتقول "صوفيا" فى إحدى يومياتها بتاريخ 9 يناير 186: "لم أشعر فى حياتى أبدا بالتعاسة لإدراكي مدى إحساسى بالذنب. ولم أتصور أبدا بأنني يمكن أن أعاني من الذنب بهذه الدرجة. إنني أشعر بالضيق جدا لأن الدموع تخنقني طوال اليوم. أنا أخشى التحدث مع، وأخشى النظر إليه. فلم يكن بالنسبة لى محبوبا وعزيزا لدي بهذا القدر أبدا، لم أتصور أبدا أننى تافهة وحقيرة لهذا القدر. إن لا يحندم غيظا، وما زال يحبنى. ونظراته وديعة وذات قدسية للغاية. بوسع المرء أن يموت من السعادة والذل مع مثل هذا الرجل".