يضع مجلس محافظى المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية "تعزيز الوصول إلى التمويل والخدمات المالية فى الدول العربية" فى مقدمة اهتماماته، وذلك نظراً للفرص الكامنة والكبيرة التى يمكن تحقيقها من خلال تعزيز الشمول المالى لدعم التنمية الاقتصادية الشاملة والمستدامة ومواجهة تحديات البطالة وتحقيق العدالة الاجتماعية.
ويلعب الشمول المالى دوراً رئيسياً فى مواجهة تحديات الفقر والبطالة والتنمية، حيث يمثل حلقة مهمة لتوليد فرص العمل والتخفيف من تأثير التقلبات الاقتصادية والمالية. كما أن تحقيق الشمول المالى يدعم الجهود التى تقوم بها الدول العربية لتطوير البنية التحتية، وتشجيع الاستثمار، وتحقيق الاستدامة المالية لمواجهة تحديات البطالة خاصة بين الشباب. بالإضافة إلى أن تعزيز الشمول المالى ينعكس إيجابياً فى تعميق القطاع المالى والمصرفى وتعزيز استقراره وسلامته وتقوية دوره فى خدمة مساعى النمو الاقتصادى الشامل.
وفى إطار الحاجة المتزايدة لتكثيف الوعى بأهمية الشمول المالى ومحاوره لدى كافة الأطراف فى الدول العربية، بادر مجلس محافظى المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية فى عام 2016 إلى اعتماد يوم 27 أبريل من كل عام كيوم عربي للشمول المالي، والذي يتم الإحتفال به هذا العام تحت شعار "الشمول المالي نحو التنمية المستدامة"، حيث يؤكد المجلس في هذه المناسبة، دعمه لجهود المجتمع الدولي في تعزيز الشمول المالي وارتباط ذلك بتحقيق التنمية المستدامة، وفي مقدمتها جهود مجموعة العشرين (G20) التي تبنت محور الشمول المالي كأحد المحاور الرئيسة في برنامج التنمية الاقتصادية والمالية.
وتأكيداً لحرص المجلس على الاهتمام الكبير بقضايا الشمول المالي في الدول العربية، وجّه المجلس إلى إطلاق العديد من الأنشطة والمبادرات المختلفة بالتعاون مع المؤسسات الإقليمية والدولية ذات العلاقة، وتعززت هذه الجهود بإطلاق صندوق النقد العربي بالتعاون مع عدد من المؤسسات الإقليمية والدولية ـ تحت مظلة المجلس ـ المبادرة الإقليمية لتعزيز الشمول المالي في الدول العربية (FIARI) بهدف تمكين وتعزيز القدرات والإمكانيات لتذليل العقبات التي تعترض الارتقاء بمؤشرات الشمول المالي في الدول العربية، وفي هذا السياق، يشيد المجلس بالنموذج الشامل للمسوحات الإحصائية ـ الذي تم إعداده في إطار المبادرة ـ لرصد جوانب الطلب على الخدمات المالية في الدول العربية، المتعلق بالخدمات المالية للأفراد والشركات والمؤسسات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، ويدعو المجلس لتطبيق النموذج في جميع الدول العربية، بما يساهم في تبني السياسات والاستراتيجيات المناسبة للارتقاء بمؤشرات الشمول المالي.
كما يشيد المجلس أيضاً بالخطوات والإجراءات المتخذة من قبل الدول العربية في سبيل النهوض بالشمول المالي، ويؤكد مجدداً على ضرورة إدماج كافة فئات المجتمع وشرائحه بالنظام المالي الرسمي خاصة الشباب، والمرأة، ورواد الأعمال، وقطاع المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، وذلك من خلال تعزيز وصولهم واستخدامهم للخدمات والمنتجات المالية التي تتناسب مع احتياجاتهم بالتكاليف والشروط المعقولة، وحماية حقوقهم وتعزيز معرفتهم ووعيهم بالأمور المالية بما يمكنهم من اتخاذ القرار الاستثماري السليم.
من جانب آخر، يؤكد المجلس على أهمية دور المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية والهيئات الرقابية على القطاع المالي بالدول العربية في تعزيز الشمول المالي من خلال وضع القوانين والتشريعات التي تهدف إلى تعزيز نشر الخدمات المالية والمصرفية، وتطوير نظم الدفع والاستعلام الائتماني، وتحديد الفجوات والمعوقات في جانبي العرض والطلب واتخاذ الإجراءات والسياسات الكفيلة بمعالجتها، وتحفيز القطاع الخاص والمؤسسات المالية والمصرفية والأطراف ذات العلاقة لممارسة دورها في نشر الوعي والثقافة المالية، لتمكين وتعزيز قدرات المجتمعات المحلية.
كما يؤكد المجلس على أهمية مواصلة تطوير الدول العربية لبرامج واستراتيجيات وطنية للشمول المالي، وتعزيز الاستفادة من التكنولوجيا المالية في هذا الإطار، وتعزيز حماية مستهلكي الخدمات المالية ومواصلة الاهتمام بدعم الشباب وتمكين المرأة مالياً، ودعم المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة وتعزيز وصولها للخدمات المالية. بجانب الاهتمام بنشر ثقافة التمويل المسؤول بين مؤسسات الإقراض نظراً لأهميته ودوره في الحفاظ على حقوق البنك والعملاء وبالتالي تعزيز الاستقرار المالي، وذلك من خلال قيام مزودي الخدمات المالية بتقديم منتجات تتناسب مع احتياجات عملائهم، وإجراء تقييم ائتماني دقيق للعميل، لاتخاذ القرار المناسب فيما يخص التمويل، حيث يرتبط الإقراض المسؤول بالشمول المالي، فالإقراض المسؤول يعزز من مستويات الشمول المالي للفئات المستهدفة من خلال التوسع في منح القروض الإنتاجية والتطويرية لمختلف القطاعات الاقتصادية والمستحدثة مثل قروض الطاقة المتجددة وإقراض المرأة.
ويؤكد المجلس على الأهمية المتزايدة التي تكتسبها استخدامات التكنولوجيا المالية في القطاع المالي والمصرفي والنمو الكبير والمتسارع الذي تشهده صناعة هذه التكنولوجيا والخدمات المرتبطة بها على مستوى العالم والفرص الكبيرة التي تتيحها لتعزيز كفاءة العمليات المالية والمصرفية وخاصة في مجال دعم فرص الوصول للتمويل والخدمات المالية وتشجيع ريادة الأعمال، مما يستلزم التشاور بصورة مستمرة حول تداعيات استخدامات هذه التكنولوجيا واتجاهاتها، سعياً لتعظيم الفائدة من الفرص التي توفرها من جهة والحد من الانعكاسات السلبية على سلامة ونزاهة العمل المالي والمصرفي من جهة أخرى. وفي هذا الإطار، يشيد المجلس بإطلاق صندوق النقد العربي لمجموعة العمل الإقليمية للتقنيات المالية الحديثة، التي تهدف إلى تدارس مواضيع التكنولوجيا المالية الحديثة والتشاور وتبادل الخبرات والمعرفة حول قضاياها وبلورة الرؤى المختلفة لتنشيطها وتنظيمها في الدول العربية.
ويدعو المجلس كافة الدول الأعضاء إلى إحياء فعاليات اليوم العربي للشمول المالي وذلك بتنفيذ الفعاليات والأنشطة التي تعمل على تعزيز وتوضيح رؤية الشمول المالي وأهدافه، متمنياً كل التوفيق والنجاح لفعاليات وأنشطة اليوم العربي للشمول المالي وتحقيق الأهداف المرجوة منها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة