هنأ الدكتور مفيد شهاب وزير الشئون القانونية والمجالس النيابية الأسبق، وعضو اللجنة القانونية لاسترداد طابا، الشعب المصري بحلول الذكرى ال37 لتحرير سيناء ، والذى لم يكتمل إلا باسترداد طابا فى 19 مارس 1989، حيث رفع العلم المصرى فى تلك المدينة بعد انسحاب إسرائيل منها، وسبق ذلك معركة قضائية وقانونية فى التحكيم الدولى.
ومع حلول تلك الذكرى كان لـ"اليوم السابع"، حديث مطول مع الدكتور مفيد شهاب، رئيس الفريق القانونى المصرى حينها لاسترداد طابا، ووزير التعليم العالى الأسبق، ليحكى لنا كواليس استرداد طابا وكيف تمكنت مصر من إجبار تل أبيب ،على الانسحاب من المدينة المصرية .
واعتبر "شهاب " أن تحرير سيناء يمثل نموذجا يدرس فى كل دول العالم، موضحًا إن معارك التحرير التى خاضتها مصر عبارة عن محورين الأول بالحرب فى عام 1973، والثانى بالتحكيم الدولى الذى أعاد طابا، آخر قطعة أرض مصرية، مؤكدا أن المصريين قدموا نموذجا فى التضحية والعطاء، من خلال روح الفدائية التى تمتع بها الجنود وأهالى سيناء.
ولفت إلى أن الاحتفال بعيد تحرير سيناء بمثابة انتصار للأمة العربية وليس لمصر فقط، لأنه يعد أكبر انتصارات الجيش المصرى، بعدما قضى على الجيش الإسرائيلى الذى ادعى أنه جيش لا يقهر.
كما قال "شهاب " لـ"اليوم السابع " ،إن مصر دخلت فى مفاوضات استغرقت أعوام عديدة، ولجأت إلى التحكيم الدولى، حتى تمكنت من الحصول على حكم فى 29 سبتمبر عام 1988 باسترداد طالبا ورأس النقب، واستلمت مصر طابا فعليا ورفع العلم فيها فى 19 مارس 1989، حيث استغرق الأمر 6 أشهر مع إسرائيل للاتفاق على طريقة التسليم بعد الحصول على حكم يجبر إسرائيل على الانسحاب وتسليم المدينة المصرية.
وتابع قائلا: "افتخر بتحرير طابا، وهذا الحكم لم يكن نقطة منفصلة عن انتصارات حرب أكتوبر، فعندما أتذكر تحرير طابا لابد أن أتذكر الجندى المصرى الشجاع الذى انتصر على العدو الإسرائيلى، فلولا هذا الانتصار العسكرى العظيم على إسرائيل والمبهر للعالم".
وتابع قائلا:"ما كنا سنفتخر بانتصارات أكتوبر أو نفتخر بذكرى تحرير طابا، فالأصل فى هذا الانتصار هو الجندى المصرى ، الذى جاد بروحه ودماءه من أجل هذا الوطن"، مضيفا:"هذا الانتصار أجبر إسرائيل على أن تنسحب من الأراضى المصرية، بعدما دخلت مصر مفاوضات ومعركة سياسية بعد المعركة العسكرية تكللت بالنجاح وانتهت بتوقيع السلام فى 26 مارس عام 1979، حيث رضخت إسرائيل لمبدأ الانسحاب".
وعن تفاصيل المفاوضات، قال شهاب: "كنا نؤمن بأننا أصحاب حق ..وكان لدينا الرغبة الأكيدة والإرادة القوية والتصميم الحقيقي على استعادة الحق بالطرق والوسائل التى يتقبلها المجتمع الدولى ويقبل بها الآخرون"
وعن الخلافات مع إسرائيل ، قال إنها كانت تراوغ فى الانسحاب حتى أنه عندما جاء موعد الانسحاب الكامل ، من سيناء فى 25 أبريل 1982 سعت إسرائيل للتمسك ببقائها فى بعض المناطق، ولكنها تناست أن المصرى يتمسك بكل أراضيه ولا يتخلى عن أى حفنة من تراب وطنه ، ولم تتنازل مصر عن أى شبر من سيناء .
وشدد شهاب على أن إسرائيل فوجئت بتصميم مصر على أنها لا تقبل إلا بتحرير كل أراضيها وفى مقدمتها طابا ورأس النقب، حيث أرادت إسرائيل الاحتفاظ بالمنطقتين نظرا لأهميتهما السياسية والسياحية والاقتصادية والعسكرية، ومن هنا بدأت معركة التحكيم الدولى ، التى جاءت جاءت تتويجا للانتصار العسكرى الذى منه انطلقت المعركة السياسية وارتكزت عليه المعركة القانونية والقضائية وانتهت بتحرير طابا ورأس النقب ليتم تحرير كامل سيناء.
وعن كواليس هذه الذكرى قال رئيس الفريق القانونى المصرى لاسترداد طابا: "عندما تأتى ذكرى تحرير بقعة هامة من أرض مصر أتذكر فورا الجندى المصرى الباسل القوى الذى دخل حرب أكتوبر بأسلوب علمى واتبع سياسة احترافية مثل بناء الكبارى والجسور التى دشنت فى سرعة غير عادية واستخدام فيها آليات حديثة وجبارة من أجل أن تمر الدبابات عليها، وهذا يؤكد أن المصرى عندما يكون لديه حس وطنى وأسلوب علمى فى حل مشاكله دائما ما ينتصر، كما أن المصرى عندما يتمسك بأرضه يستطيع أن يصنع المعجزات ..ولا ينسى أن نكرر القول دائما بأنه لولا الأسلوب العلمى الذى اتبعناه فى إدارة أزمة طابا من خلال الاعتماد على الخبراء والمتخصصين، ولولا روح الفريق التى عملت بها لجنة طابا، ولولا مؤازرة الشعب ومتابعة القيادة السياسية، ولولا الحس الوطنى لفريق طابا وإحساسه بالمسئولية بحس وطنى عالى" .
وشرح الدكتور مفيد شهاب، الانتصار القانونى المصرى على إسرائيل واسترداد طابا قائلا : "معركتنا مع إسرائيل لاسترداد طابا كانت قانونية وقضائية وكانت تتضمن مستندات وأوراق تثبت أحقية مصر فى استلام الأرض ، "ما ضاع حق وراءه مطالب، فصاحب الحق لابد أن يعيده ولابد أن يتمسك ويؤمن به ويصمم على عدم التخلى عنه، ليس بالكلام والانفعال ولكن بإجراءات فعلية، وكذلك قدرتك على إقناع الآخرين، بأنك صاحب حق".
وقال شهاب ،إنه تم الإعداد الجيد للخطوات القانونية والقضائية ، من خلال حسن اختيار المحكمين وتحديد الإجراءات والخطوات الخاصة بالتحكيم بدقة لعدم تعطيل الطرف الآخر إجراءات تسليم الأرض، وتم الاعتماد على الخبرة من خلال أن يكون هناك لجنة قومية للدفاع عن طابا ، يشكلها رئيس الجمهورية حينها من قانونيين وعسكريين وأساتذة قانون وتاريخ وجغرافيا وخبراء مساحة ، ودرسنا هذا الملف عدة شهور، وكنا نعمل بروح الفريق ، موضحا أن الفريق كان يضم 24 عضوا نعمل جميعا تحت إشراف ومتابعة دقيقة من القيادة السياسية .
وكشف "شهاب " أن بطرس غالي، الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة، كان له دور في بدايات التجهيز لملف قضية طابا، مؤكدًا أن غالي كان له تأثير عالمي، وليس محليًا فحسب.
وطالب "شهاب " بضرورة شرح هذه القضيه للأجيال الجديدة ، وخلفياتها والانتصار العسكرى والسياسى والقانونى، وطريقة التحكيم والأسانيد التى اعتمدت عليها مصر فى استرداد أراضيها، مضيفا: يجب ألا نكتفى بالاحتفال والفرح فقط أرجو أن تكون الذكرى فرصة للحديث عنها تفصيلا وتفاصيل المعارك وكيف أديرت هذه المعارك سياسيا وعسكريا وقانونيا حتى تبقى حية فى ذهن الأجيال المقبلة ، وهو دور جميع الوزارات المختلفة مثل وزارات التعليم والثقافة والتعليم العالى، فيجب شرح الملابسات الخاصة بانتصارات حرب أكتوبر 73 .
وقال رئيس الفريق القانونى المصرى لاسترداد طابا: أبرز ما يمكن أن نستفيده من ذكرى تحرير طابا ، أننا نستطيع أن نحقق الإنتصار إذا إمتلكنا إرادة وعزيمة وتصميم ، لأن تاريخنا يقول ذلك منذ عهد الفراعنة، فقد علمنا العالم كله عندما كان العالم يعيش فى جهالة، وفى العصر الحديث حققنا انتصارات كثيرة وما زلنا نحققها حتى الآن.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة