شم النسيم عادة مصرية ومناسبة اجتماعية ليس فيها شيء من الطقوس المخالفة للشرع، ولا ترتبط بأى معتقدٍ ينافى الثوابت الإسلامية، وإنما يحتفل المصريون جميعًا فى هذا الموسم بإهلال فصل الربيع؛ بالترويح عن النفوس، وصلة الأرحام، وزيارة المنتزهات، وممارسة بعض العادات المصرية القومية؛ كتلوين البيض، وأكل السمك، وكلها أمور مباحة شرعًا.
فبعضها مما حث عليه الشرع الشريف ورتب عليه الثواب الجزيل؛ كصلة الأرحام، وبعضها من المباحات التى يثاب الإنسان على النية الصالحة فيها؛ كالتمتع بالطيبات، والتوسعة على العيال، والاستعانة على العمل بالاستجمام.
هكذا تضمنت فتوى للأمانة العامة لدار الافتاء المصرية، مستشهدة بالصحابى الجليل عمرو بن العاص رضى الله عنه -والى مصر من قِبل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه- يخطب المصريين فى كل عام ويحضّهم على الخروج للربيع؛ وذلك فى نهاية فصل الشتاء وأول فصل الربيع؛ كما أخرجه ابن عبد الحكم فى "فتوح مصر والمغرب"، وابن زولاق فى "فضائل مصر وأخبارها"، والدارقطنى فى "المؤتلف والمختلف".
الدكتور شوقى علام مفتى الجمهورية،فى فتوى له، أكد أن الأصل فى موسم "شم النسيم" أنه احتفال بدخول الربيع، والاحتفال بالربيع شأن إنسانى اجتماعى لا علاقة له بالأديان؛ فقد كان معروفًا عند الأمم القديمة بأسماء مختلفة وإن اتحد المسمَّى؛ فكما احتفل قدماء المصريين بشم النسيم باسم "عيد شموس" أو "بعث الحياة": احتفل البابليون والآشوريون "بعيد ذبح الخروف"، واحتفل اليهود "بعيد الفصح" أو "الخروج"، واحتفل الرومان "بعيد القمر"، واحتفل الجرمان "بعيد إستر"، وهكذا.
ولم يكن من شأن المسلمين أن يتقصدوا مخالفة أعراف الناس فى البلدان التى دخلها الإسلام ما دامت لا تخالف الشريعة، وإنما سعوا إلى الجمع بين التعايش والاندماج مع أهل تلك البلاد، مع الحفاظ على الهوية الدينية.
ولَمّا كان الاعتدال الربيعى يوافق صوم المسيحيين، جرت عادة المصريين على أن يكون الاحتفال به فور انتهاء المسيحيين من صومهم؛ وذلك ترسيخًا لمعنًى مهم؛ يتلخص فى أن هذه المناسبة الاجتماعية إنما تكتمل فرحة الاحتفال بها بروح الجماعة الوطنية الواحدة.
وهذا معنًى إنسانى راقٍ أفرزته التجربة المصرية فى التعايش بين أصحاب الأديان والتأكيد على المشترك الاجتماعى الذى يقوى نسيج المجتمع الواحد، وهو لا يتناقض بحال مع الشرع، بل هو ترجمة للحضارة الإسلامية الراقية، وقِيَمِها النبيلة السمحة.
وأما ما يقال من أن مناسبة "شم النسيم" لها أصولٌ مخالفةٌ للإسلام، فهذا كلامٌ غير صحيح ولا واقع له؛ إذ لا علاقة لهذه المناسبة بأى مبادئ أو عقائد دينية، لا فى أصل الاحتفال ولا فى مظاهره ولا فى وسائله، وإنما هو محض احتفال وطنى قومى بدخول الربيع؛ رُوعِى فيه مشاركة سائر أطياف الوطن، بما يقوى الرابطة الاجتماعية والانتماء الوطني، ويعمم البهجة والفرحة بين أبناء الوطن الواحد، والسلوكيات المحرمة إنما هى فيما قد يحدث فى هذه المناسبة أو غيرها من سلوكيات يتجاوز بها أصحابها حدود الشرع أو يخرجون بها عن الآداب العامة".
وان جميع الفتاوى الصادرة من دار الإفتاء المصرية واضحة فى إباحة الاحتفال بشم النسيم والمشاركة فيه شرعًا؛ سواء فى ذلك الفتوى الصادرة فى عهد المفتى الأسبق الدكتور نصر فريد واصل، أو الفتوى الصادرة فى عهد المفتى السابق الدكتور على جمعة.
وأكد الدكتور شوقى علام ،مفتى الجمهورية ،ان الاحتفال بشم النسيم هو من العادات المصرية التى لا توجد فيها من الطقوس ما يخالف الشرع الشريف ومن المعروف، ومن المقرر أن العادات والأعراف طالما انها لا تخالف الشرع فهى جائزة ولا يلتفت لمن يقول إن هذا الاحتفال له من الجذور والأصول والمحتفلين فى هذا اليوم لا يلتفتون لمثل هذا الكلام.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة