· نعلم أولادنا إننا مصريون أمام الدولة.. والدولة تصغى لاحتياجات المسيحيين وتحقق تقدما فى التواصل مع الكنائس
· هناك تخوفات من الوحدة الكنسية والفاتيكان تفهم موقف الأرثوذكس من اتفاقية المعمودية
· تعداد الكاثوليك حوالى 300 ألف ويهمنا الحضور والكيف وليس الكم
· طقوسنا وتقاليدنا قبطية ولم نتخلى عن هويتنا الكاثوليكية
· ملتزمون بقوانين الفاتيكان فى الأحوال الشخصية وحاولنا تجاوز الخلافات لإعداد قانون للأسرة المسيحية
· ربنا مش محتاج حد يدافع عنه ولا أحد يملك الحقيقة المطلقة
فى البطريركية المطلة على ميدان كوبرى القبة كان موعدنا به، فتح الأنبا إبراهيم إسحق بطريرك الكاثوليك قلبه كما فتح كنيسته فى هذا الحوار الذى انتقل فيه من الدين إلى السياسة إلى المجتمع وهو يرى أن الدين غرضه المعاملة وخدمة الإنسان، فلا أحد يمتلك الحقيقة المطلقة والله لا يحتاج من يدافع عنه، ولكن الجميع يحتاج للقيامة التى تنتقل بالإنسان من الموت إلى الحياة، بمناسبة عيد القيامة المجيد كان لنا مع البطريرك هذا الحوار:
من وجهة نظرك ماذا تعنى القيامة فى الفكر المسيحى؟
المسيح أحب العالم حتى المنتهى ومن يحب لا يقدم ذلك بالكلام بل يسير فى الطريق حتى المنتهى فسار فى طريقه حتى قتل بسبب الكراهية والحقد المتمثلين فى أشخاص، ولأن الحب لا يموت فإن المسيح لم يمت، وكل هذه الأشياء تجعل عقيدة الإيمان بقيامة المسيح عقيدة أساسية، لدرجة أن بولس الرسول يقول إن لم يقم المسيح كرازتنا باطلة ونحن أشقى الناس أجمعين.
هل قيامة المسيح روحية أم جسدية؟
للرد على هذا السؤال، ليس هناك روحية أو جسدية هى قيامة فقط، بما أن الحدث لم يحدث من قبل فلا نستطيع أن نقول إنه ظاهرة أو غيرها ولكن هناك علامات على القيامة مثل القبر الفارغ، أما عن دور القيامة فى حياتنا فهى تنقلنا من الفشل والإحباط للحياة مرة أخرى بقوة قيامة المسيح نقوم معه مرة أخرى، ونتحول إلى مانحين للحياة ونساعد المجتمع فى القيام والعائلة وغيرها
ماهو تقييمك لتجربة مجلس كنائس مصر بعد 6 سنوات من تأسيسه؟
المجلس حديث العهد ولكن قبل تأسيسه كان لدينا مجلس كنائس الشرق الأوسط وكلنا أعضاء فيه ولظروف معينة تعطل عمل هذا المجلس ولم يلغى واكتشفنا إننا كمسيحيين مصريين لدينا الرغبة فى تأسيس كيان كصوت موحد لنا وقد كانت فكرة البابا شنودة ثم تحققت فى عهد البابا تواضروس ووقعنا على اللائحة التأسيسية وبدأنا العمل بالمجلس وكأى أداة لها مميزاتها وعقباتها و إمكاناتها وفى السنوات الأولى كانت مجرد اكتشافات ومحاولات
ولكن لجنة الحوار اللاهوتى معطلة منذ تأسيس المجلس حتى اليوم؟
ليس من الضرورى أن تعمل كافة اللجان، وحين طلب منى ترشيح آباء للجنة الحوار اللاهوتى رفضت لأن هناك من يرفض تسمية اللجنة بلجنة حوار، لديهم تخوفات من فكرة الحوار حين تلمس عقائد وخلافات معينة، فقلت لهم من الممكن أن نتحاور حول قضايا مشتركة، ولكننا تحركنا خطوة للأمام وكل عام نتحرك أفضل وتزيد الثقة.
هل تظن أن الكنيسة الأرثوذكسية مستعدة لفتح حوار مع الكنيسة الكاثوليكية بعد أزمة سحب اتفاقية قبول المعمودية أثناء زيارة بابا الفاتيكان لمصر؟
هذه ليست المرة الأولى التى يحدث فيها مثل هذا الأمر، على مر التاريخ بعد الانقسام بين الكنائس حدثت محاولات كثيرة للوحدة، تنجح فيها خطوات وتفشل أخرى ودائما الخوف هو السبب، كمن يخشون ضياع هويتهم وشخصيتهم إذا ما توحدوا مع الأخر، ولا استطيع أن أحكم على المستقبل كله بفشل هذه المحاولة، ولكن المحاولات الفاشلة هى طرق للوصول لخطوات جديدة والأمور لا تقاس بحكم الناس عليها بل بالعمل الذى يساعد على النضج، وعلى مستوى الأشخاص واللقاءات الثنائية بين الكنائس طفرة لم تكن موجودة من قبل.
كيف كان رد فعل الفاتيكان على سحب اتفاقية قبول المعمودية بعد ساعات من توقيعها فى القاهرة؟
ولا حاجة، الفاتيكان كنيسة كبيرة جدًا، ولكنهم لم يتوقعوا حدوث ذلك وإن توقعوا حدوث عقبات، وفى كلامى مع قداسة البابا فرنسيس تفهم كبير للخوف لدى الأرثوذكس، ولأنها خطوة كبيرة وإيجابية خشينا من أن تؤثر على العلاقات الداخلية فى الكنيسة الأرثوذكسية وقلنا إنها من الممكن أن تتم بطرق أخرى بعيدا عن التوقيع الرسمى، والكنيسة الأرثوذكسية هى واحدة من الكنائس الأرثوذكسية فى العالم مثل الروم والروس والسريان والأرمن الأرثوذكس وبينهم وبين بعضهم خلافات أيضا، وهناك أشياء بعيدة عن العقيدة تحكم الأمور مثل السلطة والخلافات السياسية بين الدول وغيرها.
البابا تواضروس قال من قبل أن الخلافات بين الأرثوذكس والكاثوليك تتعلق بترجمة النصوص ولكنها ليست خلافات عميقة ما رأيك؟
ليست الترجمات فقط، ولكن التنوع فى الرؤى والتفسيرات، مثل موقفنا فى قضية الطلاق وغيرها، وأرى أن قداسة البابا تواضروس يحاول تقريب المسافات بين الكنائس التقليدية وفعلا ليس هناك خلافات جوهرية بل مجرد اختلافات فى الرؤى وهناك مجامع مسكونية لم يشارك فيها الأرثوذكس.
هناك من يرى أن الكنيسة القبطية الكاثوليكية تخلت عن هويتها لتصبح قبطية فلا هي قبطية ولا هى كاثوليكية فما رأيك؟
نرجع للأصول حين كانت كنيسة الإسكندرية قبل عصر الانقسام، كلمة قبطى معناها مصرى فقد كانت الكنيسة كاثوليكية مصرية، وهى ألقاب كانت تلقب بها الكنيسة الجامعة وهى مستمدة من قانون الإيمان نؤمن بكنيسة مقدسة جامعة رسولية واحدة، وبالعودة لكنيسة الإسكندرية فقد كان هناك 5 بطريركيات فى العالم روما والإسكندرية وإنطاكيا وأورشليم والقسطنطينية وجميعهم كانوا فى وحدة معًا، وحين حدث الانفصال بعد مجمع خلقدونية انقسمت الكنائس إلى من أكملت طريقها مع الكنيسة الكاثوليكية الأم وأخرى انفصلت، وهذا لا يعنى إننا تخلينا عن هويتنا بل طقسنا قبطي وتقليدنا قبطي ولكن فى الوقت نفسه نجدد، وعلى سبيل المثال صلواتى ليست مثل الكنيسة الأرثوذكسية فمن الممكن أن أصلى القداس الاحتفالى ساعتين فقط والأصوام هناك اختلافات فيها، وفى الفكر نفسه لدينا خصوصيتنا ونطبق تعاليم الكنيسة الكاثوليكية على السياق المصرى هنا.
هل ترى أن صياغة قانون الأحوال الشخصية الجديدة سوف تقر من الدولة خاصة وإنها عسيرة على الفهم وتحتوى على فصل لكل كنيسة؟
أولًا عرض علينا فى البداية أن نؤسس قانون أحوال شخصية لكل المصريين، ثم طلب من المسيحيين قانون أحوال شخصية خاص بهم، وهناك تنوع فى العقائد والتفاسير، ككنيسة كاثوليكية ملتزمون بقوانين الفاتيكان للكنائس الشرقية وعملنا على ترجمته من اللاتينى للعربى وبعد دراسة من المحكمة العليا فى روما تم إقرار هذا القانون وهو الحاكم فى كنيستنا وهو ما لا نستطيع تغييره أو مخالفته، وفكرة أن نصدر قانون خاص بنا فلن نستطيع، ثم توصلنا لإصدار قانون موحد فيه قواعد عامة فى الخطبة والميراث وحين نتحدث عن الزواج يظهر الاختلافات وأخر اجتماع حاولنا تقريب وجهات النظر بين الطوائف المختلفة، ولكن بالنسبة لنا لابد من التشاور مع الفاتيكان للتأكد من أن صياغتنا لا تتناقض مع قوانين الكنيسة.
كيف تنظر للإصلاح الذى يقوده البابا تواضروس فى الكنيسة، هل ترى أن الكنيسة بحاجة للإصلاح والتجديد دائمًا؟
تجديد الخطاب الدينى عملية مستمرة ولكنى أميل لتجديد الفكر الدينى لأنه أساس الخطاب، والأمر لا يقتصر على الدين فقط ولكنه يمتد للأبعاد الإنسانية والاجتماعية والثقافية والفنية وكافة مناحى الحياة وهو مطلوب دائما وفى كل وقت، وبالنسبة للمجمع الفاتيكانى الثانى وقراراته فإن بعض أجزائه لم تدخل حيز التنفيذ، وعلى مستوى الكنيسة الكاثوليكية فى كل زمن هناك أشخاص مجددون يستخدمهم الله فى الوقت المناسب لاحتياج الكنيسة واحتياج العالم لعبوا دور معين،مثلا قداسة البابا يوحنا بولس الثانى زار كل العالم خلال 27 سنة وترك بصمة عظيمة.
فى تقديرك ما هى الملفات التى تحتاج إلى التجديد فى الفكر المسيحى المعاصر؟
التجديد الذى يقوده البابا فرنسيس هو تطبيق للمعنى الحقيقى للإيمان أو كيف يصل الإنسان لتحقيق إنسانيته وليس هناك تضارب بين الأمرين بين الإيمان والإنسانية، ومثلما يقول أحد القديسين فإن مجد الله هو الإنسان الحى وحياة الإنسان هى رؤية الله إذن التجديد لابد أن يطال كافة مفاهيم الحياة وكله ينصب فى النهاية فى مجال العلاقات بين البشر، البعض يظن إنه يدافع عن الله وهل ربنا محتاج حد يدافع عنه؟، كلما كنت مؤمن حقيقي كلما كنت أكثر فائدة للناس، ومحدش يقدر يقول إنه يمتلك الحقيقة المطلقة
ما رأيك فى موقف البابا فرنسيس من المثليين؟
هو لا يوافق على ذلك ولكنه يفتح باب الرحمة للجميع الله لا يكره الخاطئ ولكنه يكره الخطيئة، ولابد أن نميز ما بين الاثنين
البابا فرنسيس ذكر إنه يفكر فى رسامة كهنة متزوجين فما أسباب ذلك؟
فى منطقة فى أمريكا اللاتينية تمر بظروف معينة، فالبابا ذكر إنه يفكر فى ذلك ولكنه لا يتخذ قرارا منفردا، فى الشرق وكتقليد الكنائس الكاثوليكية الشرقية مسموح لنا برسامة كهنة متزوجين ففى الإسماعيلية مثلا هناك عدد كبير من القساوسة المتزوجين، ومن قبل كان يسمح بذلك وهو أمر إدارى وتنظيمى فى الكنيسة وقد يتغير ذلك، وهو أمر لا يخص النواحى الإيمانية بل الإدارية.
ما هو تقييمك لوثيقة الإخوة الإنسانية التى وقعها البابا فرنسيس فى الإمارات؟
حضرت هذه اللقاءات وشاركت فى هذا المؤتمر وهى مبادرة إيجابية على جميع المستويات، ولكن أى نصوص تظل محدودة إلا إذا دخلت حيز التنفيذ، ونص الوثيقة ليس جديد وكلها قواعد ومبادئ أخلاقية وإنسانية وروحية تحتاج لأطر تنفذ فيها، الوصول لمثل تلك النصوص يوقظ فى الناس الأبعاد الإيجابية فنتعامل مع البشر بغض النظر عن لون أو جنس أو دين، فمن حيث المضمون هى تعاليم قائمة ولكن نتمنى تنفيذها وهو ما يحتاج مجهود كبير.
كيف تنظر إلى علاقة الكنيسة الكاثوليكية بالدولة المصرية؟
فى جوانبنا التربوية بالكنيسة نعلم أولادنا أننا مصريون أولا وأخيرا، وتحكم مسألة العلاقة مع الدولة بعض الظروف أو الأفكار أو الأشخاص وعلى مستوى كنيستنا الكاثوليكية ومدارسنا ومستشفياتنا والخدمات التى نقدمها لم نعمد أبدا الانغلاق على طائفة أو غيره ومدارسنا مفتوحة لكل المدرسين فبعض مدارسنا أغلبيتها مسلمين وكذلك المستشفيات التى تخدم المحتاجين، بالنسبة لنا نحب أن نتعامل كمصريين وليس كأقباط كاثوليك، ونتمنى أن تحكم المواطنة الأمور، والدولة حققت تقدما فى تلك العلاقة وفى التواصل وفى الإصغاء لاحتياجات المسيحيين.
بعد ثلاثة أعوام من إقراره ما رأيك فى قانون بناء الكنائس؟
يكفى إلغاء الخط الهمايونى الذى ورثناه من الدولة العثمانية ثم وصلنا لهذا القانون وألاحظ أن الأمور أصبحت أكثر سهولة فى بناء وترميم الكنائس وأصبح لدينا خط واضح نسير عليه، وفى المدن الجديدة نحصل على تراخيص ببناء كنائس جديدة بعد وقت قصير، وترميم الكنائس التى أحرقت بسبب الإخوان قام الجيش بالمهمة كأفضل ما يكون، وهناك تقدم واضح وملموس
كيف تبنى الكنيسة علاقتها بالشباب وسط التحديات الحالية خاصة الإلحاد؟
بالنسبة لمسألة الإلحاد، فأنا حذر فى وصف الملحدين فى مصر بالمعنى الحقيقى للكلمة، مثلا كنت أدرس فلسفة ومريت بمرحلة تساؤلات وليس إلحاد وللآسف أرى شباب يباهي بإلحاده وكأنه مختلف ومتقدم وشجاع، مثل هؤلاء الأشخاص بمجرد ما يشعرون بالخطر يلجئون لله، وهناك فرق بين إلحاد نظرى وإيمان نظرى ومرات هناك إلحاد عملى كأن يقوم شخص مؤمن بالصلاة وكل الطقوس ولكنه يحتقر الناس ويتسم بالطمع والأنانية وهو إلحاد لأنه إنكار لقيم وتعاليم الله، ومن الممكن أن يمر الشخص بفترة تساؤلات ولكن هذا ليس إلحادا وعلى رجال الدين أن يتفهموا سن الشباب ومشاكلهم واحتياجاتهم الوجدانية والنفسية وأن يتم التعامل معهم بحكمة وحتى منحهم الحرية لابد أن يكون بمسئولية وبحدود.
ما هو موقف الكنيسة الكاثوليكية من رحلة حج الأقباط للقدس؟
ليس لدينا موقف من تلك الرحلة، ونسمح للأقباط بالزيارة، الحج ليس له علاقة بالناحية السياسية وحين كنا نزور نقابل فلسطينيون ويقولون لنا "اعملوا معروف وتعالوا" لأنه تعضيد لهم ولوجودهم هناك.
كم يبلغ تعداد الكاثوليك فى مصر؟
ليس لدينا أرقام دقيقة عن هذا التعداد، والدولة لا تحبذ ذكر هذه الأرقام، والعدد الكلى للمسيحيين غير معروف ونرى أن المسيحيين 10% من تعداد السكان فى مصر وهو تقريبا 15 مليون، أما الكاثوليك فنتيجة للهجرات ليس لدينا إحصاء دقيق وفى الواقع يبلغ عددنا الآن ما يقترب من 300 ألف كاثوليكي فى مصر، والعدد لا يهم ولكن يهمنا الكيف والحضور وليس الكم.