لم تكن تصريحات "جان جامبون" وزير الداخلية البلجيكى فى نوفمبر 2015 عن استخدام جهاز "بلاى ستيشن4" فى التخطيط للعمليات الإرهابية "هجمات باريس"، مجرد تصريحات عادية، بل كشفت تقارير عديدة عن استخدام داعش للألعاب الالكترونية كوسيلة تواصل بينها وبين أعضائها من أجل التخطيط للعمليات الإرهابية التى يشنها التنظيم المتطرف فى مختلف أنحاء العالم.
تقارير غربية أفادت بتورط التنظيمات المتطرفة فى استخدام كثير من الألعاب الالكترونية خاصة الألعاب الأونلاين، حيث يستخدمها عناصر التنظيم فى التواصل مع بعضهم البعض خشية الملاحقات الأمنية، وتمثل الألعاب الالكترونية أحد أفضل وسائل التواصل، نظرا لإمكانية التعامل معها من أى مكان فى العالم طالما من خلال شبكة الانترنت، ليس ذلك فحسب بل تستخدمها العناصر المتطرفة فى تجنيد كثير من الأطفال والشباب للانضمام لتبعية التنظيم.
وأكدت التقارير أن كثير من الألعاب الالكترونية تتيح لمستخدميها التواصل سواء من خلال الرسائل النصية أو الهاتفية، وهو الأمر الذى تستغله العناصر الإرهابية فى لقاء أعضائها عبر الشبكة العنكبوتية، من خلال الألعاب الالكترونية وتستخدم فيها شفرات صوتية ونصية لإرسال التعليمات لأعضائها،ومن ثم تصبح الألعاب الالكترونية وسيلة عابرة للقارات للتواصل بين تنظيم داعش وأعضائه فى مختلف أنحاء العالم.
وأوضحت دراسة حديثة أن الألعاب الالكترونية خاصة العنيفة منها تؤثر على الشباب، فالظروف المحيطة بأى شخص تحفزه على التأثر بها بل وممارستها أحيانا، ولجأت داعش إلى إنتاج عدد من الألعاب القتالية للتأثيرعلى مستخدمى الألعاب وتزويدهم بالعوامل المحفزة للعنف ومن استقطابهم ليكونوا ضمن التنظيم المتطرف، وهنا فإن الألعاب الالكترونية تمثل خطرا كبيرا على روادها إذا لم تكن هناك توعية فعالة بخطورتها.
تصريحات وزير الداخلية البلجيكى عن تورط داعش فى استخدام أجهزة البلاى ستيشن فى التخطيط للعمليات الإرهابية جاءت فى أعقاب هجمات باريس فى نوفمبر 2015 أى قبل قرابة الأربع سنوات، وهى أول تصريحات لمسئول أمنى كبير عن استخدام الألعاب الالكترونية فى التخطيط للعمليات الإرهابية، وأوضح أن السبب يعود إلى صعوبة فك شفرات المحادثات عبر اللعبة، متابعا: "مراقبة أجهزة البلاي ستيشن أكثر تعقيدا من مراقبة واتس آب"، فى إشارة منه إلى صعوبة مراقبة الألعاب الالكترونية خاصة الموصولة بالانترنت.
يقول الدكتور جمال مختار خبير تكنولوجيا المعلومات لــ"اليوم السابع"، إن كثير من العناصر المتطرفة تستغل خاصية "المالتى بلاير" للتواصل مع أعضائها وتجنيد الشباب من خلال الألعاب الالكترونية الموصولة بالانترنت، لافتا إلى أن كثير من الألعاب تتيح لمستخدميها التواصل بالرسائل النصية أو المكالمات الهاتفية، مما تستغله التنظيمات المتطرفة لتنفيذ مخططاتها.
أضاف مختار أنه بعض الألعاب الالكترونية تتضمن خاصية المكالمات الهاتفية أثناء اللعبة نفسها كجزء من المنظومة مثل الألعاب القتالية، وهو أمر خطير للغاية ليس فقط فى التواصل مع عناصرها سواء بشفرات أو أكواد، وإنما فى تجنيد المزيد من الأطفال والشباب للانضمام إليها، لافتا إلى أن ظاهرة التواصل عبر المكالمات الهاتفية أصبحت مجانية من خلال وسائل التواصل الاجتماعى ومتاحة للجميع دون أية مشكلات.
ولفت إلى ضرورة وجود غرفة عمليات الكترونية لمواجهة أخطار تكنولجيا المعلومات ووسائل التواصل الاجتماعى فى ظل التقدم الهائل الذى نعيشه حاليا، مقترحا أن تضم الغرفة عدد من الشباب المهتم بالانترنت.
من جانبه، أشار الدكتور طارق فهمى أستاذ العلوم السياسية، إلىأنه بعد خروج داعش من العراق وسوريا استطاعت عناصر التنظيم أن تطور وسائل اتصال جديدة مع عناصرها والشباب فيما يعرف باسم التجنيد الالكترونى، موضحا أن التنظيم سبق أن اتبع مراحل متقدمة فى استخدام التكنولوجيا فى تنفيذ العمليات الإرهابية والتخطيط لها أو تصويرها ومتابعة العمليات الإرهابية على أرض الواقع.
أضاف فهمى أن التنظيم الإرهابى يحاول طوال الوقت أن يلم بكل ما له علاقة بالتكنولوجيا من خلال جهاز إعلامى كبير يشرف عليه عدد كبير من الخبراء والمتخصصين المنضمين للتنظيم الإرهابى، لافتا إلى أن استخدام الألعاب الالكترونية جزء من الجهاز الإعلامى لداعش، حيث يستخدم التنظيم الإرهابى ما يسمى بالساتر الالكترونى إذ يستخدم سواتر الكترونية وتكنولوجية كأرقام كودية وتشفير وترميز للتواصل مع عناصره منعا لاختراقه من قبل أجهزة المعلومات والمخابرات العالمية.
وأوضح فهمى أن الجهاز الإعلامى يطور جهازه الإعلامى بعد خروجه من العراق وسوريا لاستخدام التكنولوجيا للتواصل بين آلاف العناصر على الأرض غير الموجودة على مكان واحد، خاصة بعد أن تبعثرت العناصر الإرهابية وتحركها إلى دول وأقاليم مختلفة لذا لجأت داعش إلى استحداث الآلة الإعلامية وأدوات التواصل من خلال عناصرها عبر الشبكة العنكبوتية بأساليب علمية وتكنولوجية على أحدث مستوى.
وأشار فهمى إلى أن الأساليب الحديثة لداعش تستخدم فيها الألعاب الالكترونية ووسائل اتصال أخرى عبر شبكة الانترنت وهدفها من ذلك التواصل مع عناصرها، بالإضافة إلى تطوير الشبكة الإعلامية، بما يصعب من اختراقها، لافتا إلى أن هذا الأمر يتطلب استحداث أدوات المواجهة من قبل أجهزة الأمن العالمية خصوصا أن الوقت الحالى يشهد تحديث البنية الاعلامية والتكنولوجية لداعش.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة