قال القمص أنطونيوس الشنودى، أمين الدير الأحمر أو دير الأنبا بيشاى والأنبا بيجول، فى سوهاج، إن هناك اهتماما كبيرا من الدولة متمثلة فى وزارة الآثار، بترميم الدير الأحمر، ونشعر أننا فى حلم لما نلقى من متابعة حقيقة للحفاظ على الدير.
جاء ذلك خلال زيارة الدكتور خالد العنانى، وزير الآثار، وأحمد الأنصارى محافظ سوهاج، والدكتور مصطفى وزيرى، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار.
ويقع الدير فى منطقة "أدريبا" والتى تُعرف الآن باسم الجبل الغربى بسوهاج شمال دير "الأنبا شنودة" رئيس المتوحدين -والشهير بالدير الأبيض- بحوالى 4 كم غرب مدينة سوهاج، وحوالى 11 كم، ويرجع بنائه إلى القرن الرابع الميلادى.
ويعد الدير الأحمر من أعظم الآثار القبطية، وقد بُنى على طراز كنيسة القيامة فى القدس، وذلك فى القرن الرابع الميلادي، وللبابا مقولة جميلة على الدير الأحمر تقول: "الذى لم يذهب إلى القدس عليه الذهاب إلى الدير الأحمر بسوهاج، فكأنه ذهب إلى القدس".
وقد سُمى الدير على اسم القديس "الأنبا بيشاي"، والذى وُلد بقرية "باصونة –بأخميم"، وفى شبابه صار يسلك بالشر، ولكن الله لم يتركه لشره، بل أصابه بمرض وأعلن له فى رؤيا مشهد العذاب الأبدي، فرفع "بيشاى" نظره إلى السماء وصرخ قائلاً "يارب.. إن شفيتنى من هذا المرض أتوب وأرجع إليك من كل قلبي"، فشفاه الرب، فانطلق إلى الدير ليلتقى "الأنبا بيجول" خال الأنبا شنودة رئيس المتوحدين- فى جبل "أدريبا"، وصار "بيشاى" قديسًا عظيمًا.
وللأنبا "بيشاي" تعاليمه ونسكياته بالمخطوط رقم 447 بالمتحف القبطى بالقاهرة، وله أيضًا مخطوطة رقم 438/50 -نسكيات الأنبا بيشاي"- بالدار البطريركية بالقاهرة.
وتظهر عظمة الفن القبطى فى الأيقونات الأثرية الموجودة فى الدير الأحمر، فهناك أيقونة القربانة المقدسة، وأيقونة للصليب والغطاء، وأيقونة الشبكة المطروحة فى البحر، وهى عبارة عن شبكة حلزونية ودوائر تمثل السمك وحمامة تمثل الروح القدوس، وأيضًا توجد صورة لجدول الضرب القبطي، وأيقونة العشاء السرى من القرن الثامن عشر الميلادي، وأيقونات أثرية أخرى جميلة جدًا.
أما الهيكل الأثرى فيستعمل حاليًا ككنيسة، وهو على شكل صليب وقباب بازيليكا، وبجوار القباب توجد مغارتان، واحدة قبلية والأخرى بحرية كانتا سكنًا للرهبان فى وقت من الأوقات، والجناح الشرقى للهيكل الأثرى يوجد به تاج الأعمدة القبطى على شكل ورق العنب، مع وجه نسر فى كل جانب منه يتوج كل أعمدة الهيكل، والجناح الشمالى يوجد به عمودان كبيران فى الناحية الغربية البحرية، وتاج العمود من الفن القبطى ويمثل العرش الإلهي، والجناح الجنوبى وُجد به 12 عمودًا، وهم رمز لـ 12 رسول، ويوجد فى منتصف الهيكل عمود رخام كان يستعمل للإضاءة بالشموع أو بالزيت كقنديل.
ومازال قصر الملكة "هيلانة" أم الملك البار "قسطنطين" قائمًا فى قمة الجمال، وقد قامت ببنائه الملكة البارة لما علمت بتجمع الرهبان فى هذه المناطق؛ فأمرت ببناء قصر لحماية الرهبان من أخطار البرية، ويرجع تاريخ هذا القصر إلى القرن الرابع الميلادي، ويتكون القصر من ثلاثة أدوار ويوجد به السور الأثرى، كما يوجد بداخل السور أيضا كنيسة أثرية صغيرة باسم السيدة "العذراء مريم"، وتم العثور على كنيسة قديمة بداخل السور الأثرى أيضًا، كما توجد خارج السور منطقة أثرية بها بئر آثرى وبقايا قلالى قديمة، وبعض الأنشطة مثل طحن الغلال ومعصرة زيتون.
والدير الأحمر يشهد الآن تطورات كبيرة؛ فقد تم بناء سور حول الدير على مساحة كبيرة جدًا، كما توجد استراحات للزوار مكونة من أربعة أدوار، وتوجد مزراع نباتية وحيوانية وقاعة اجتماعات وورشة بلاط وصيدلية ومكتبة، وقد تم بناء كنيسة باسم القديس "الأنبا كاراس" السائح، وكنيسة بداخل مزرعة الدير باسم القديس "الأنبا بيشاى والأنبا بيجول".
وقد تم اعتماد مبلغ 30 مليون جنيهًا من هيئة اليونيسكو بالاتفاق مع جامعة جنوب الوادى لتطوير الدير وجعله مزارًا سياحيًا عالميًا، وقد بدأ العمل فيه منذ سنتين تقريبًا من خلال بعثة إيطالية لترميم الرسومات الجدارية بالدير.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة