لا يزال شبح عودة المقاتلين الاجانب من سوريا إلى موطنهم الاصلى فرنسا ، من ابرز القضايا الشائكة والمؤرقة للحكومة الفرنسية ، التى حاولت مرارا وتكرارا اتخاذ التدابير اللازمة من اجل إعادتهم ولكن الخوف كان هو العامل الاهم وقائد الموقف، حيث أن الجمهورية الفرنسية تعيش حالة من الزعر منذ عام 2015 عندما وقعت تفجيرات باريس والتى تعد الاكثر عنفا، ومن بعدها اصبح الدم الفرنسى مباح بشكل كبير عما سبق.
ودفعت تلك المخاوف وزير الداخلية الفرنسى كريستوف كاستانير، إلى الإصرار على رفض بلاده النظر فى "إعادة جماعية للارهابيين الفرنسيين وعائلاتهم المحتجزين فى سوريا"، رغم أن هذه الفرضية جرت دراستها فى وقت سابق.
وأفادت صحيفة "ليبيراسيون" الفرنسية، فإن "السلطات الفرنسية أعدت منذ وقت قصير لائحة بأسماء 250 رجلاً وامرأة وطفلاً"، محتجزين فى مناطق سيطرة الكرد بكردستان سوريا، بغية إعادتهم، قبل أن تتخلى عن الفكرة أخيراً خشية رد فعل الرأى العام المتردد، عالمياً، بشأن عودة الإرهابيين إلى دولهم.
وقال كاستانير فى المؤتمر الصحفى الختامى للقاء وزراء داخلية دول مجموعة السبع فى باريس، إنه "من المنطقى أن تحضر السلطات كل الفرضيات، و(إعادة الإرهابيين) كانت واحدة من الفرضيات التى حضرتها".
وأضاف الوزير الفرنسى أن لم يتم النظر أبداً فى إعادة جماعية، مؤكداً أن فرنسا لن تقرر إعادة حتى أبناء الأرهابيين إلى فرنسا إلا بدارسة كل حالة على حدة، ورفض أن يكون الرأى العام هو من يملى الموقف الفرنسى.
ويشار إلى أنه فى نصف مارس الجارى أعيد خمسة أيتام إلى فرنسا من مناطق كردستان سوريا، كما أعيدت طفلة تبلغ ثلاث سنوات فى 27 مارس، كان قد حكم على والدتها بالسجن المؤبد فى العراق، وذلك فى محاولة لإنقاذهم من الوقوع فى أسر التنظيمات الارهابية.
ومنذ أسابيع، تتزايد المطالبات بعودة أبناء مقاتلى داعش الاجانب، فى ملف حساس بالنسبة لفرنسا التى تعرضت لسلسلة هجمات إرهابية منذ عام 2015.
واعترضت على الأقل عائلة واحدة أمام القضاء الإدارى، فيما لجأ محامون إلى لجنة مناهضة التعذيب فى الأمم المتحدة لإجبار الدولة الفرنسية على إعادة الأطفال.
وتتصدر فرنسا قائمة الدول الأوروبية الأكثر تصديرا للمقاتلين الأجانب فى صفوف تنظيم داعش الإرهابى بما يقرب من 1200 مقاتل تليها ألمانيا بنحو 1050 شخصا، وقد عاد ثلث المقاتلين الألمان إلى برلين خلال السنوات الأربع الأخيرة.
كانت وزيرة العدل الفرنسية نيكول بيلوبيه قد أكدت فى فبراير الماضى، إن بلادها لن تتخذ أى إجراء فى الوقت الحالى بناء على دعوة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب لحلفاء أوروبيين لاستعادة مئات من مقاتلى تنظيم داعش الإرهابى من سوريا، وستعيد المقاتلين على أساس مبدأ "كل حالة على حدة".
ومع تزايد موجات العائدين من داعش، تزايد القلق داخل بلدان القارة العجوز، وهو ما عكسه تقرير صادر مؤخرا عن وكالة الشرطة الأوروبية "يوروبول" والذى شدد على أن المقاتلين الأوروبيين فى صفوف التنظيم الإرهابى يشكلون مصدر تهديد كبير بإمكانه زعزعة استقرار أوروبا بأكملها، وسط تحذيرات من تقديم بعض الدول ومن بينها تركيا، ملاذاً آمناً لهؤلاء المقاتلين.
وحذر تقرير صادر عن المركز الأوروبى لمحاربة الإرهاب مؤخراً من أن ثلث أعضاء تنظيم داعش على أقل تقدير سيختارون خلال الفترة القليلة المقبلة، العودة إلى بلدانهم الأصلية ومن بينهم من سيعود وهو ينتوى القيام بعمليات إرهابية.