- عبد العال: حرصنا على سلامة جميع الخطوات من الناحية الدستورية والإجرائية
- صلاح فوزى: تم تطبيق نصوص الدستور وفرنسا عدلت دستورها 24 مرة
فى الثالث من فبراير الماضى، تقدم 155 نائباً يمثلون أكثر من خُمس عدد أعضاء مجلس النواب بطلب لرئيس مجلس النواب الدكتور على عبد العال، يتضمن تعديل عدد من مواد الدستور، وذلك فى ضوء ما تقضى به المادة 226 من الدستور بجواز تعديل بعض أحكام الدستور بناء على طلب من رئيس الجمهورية أو من خمس عدد أعضاء المجلس.
منذ ذلك اليوم، ومن لحظة تسلم مجلس النواب لذلك الطلب، صار البرلمان أمام خطوات محددة بالدستور والقانون، لتكون الإجراءات المتبعة فى التعامل مع الطلب صحيحة، ولا يوجد فيها ما يمكن أن يسمح بالطعن على صحتها، وهو بالفعل ما حافظ مجلس النواب عليه، باتباع كافة الإجراءات السليمة والصحيحة، وذلك بحسب شهادات المشاركين فى جلسات الحوار المجتمعى حول التعديلات، وحتى من بين هؤلاء المعارضين للتعديلات.
فى المادة 226 من الدستور تحديد واضح لكل الإجراءات المطلوبة ليكون تعديل الدستور صحيحا، وتنص المادة على: «لرئيس الجمهورية أو لخُمس أعضاء مجلس النواب، طلب تعديل مادة، أو أكثر من مواد الدستور، ويجب أن يُذكر فى الطلب المواد المطلوب تعديلها وأسباب التعديل، وفى جميع الأحوال، يناقش مجلس النواب طلب التعديل خلال 30 يومًا من تاريخ تسلمه، ويصدر المجلس قراره بقبول طلب التعديل كليًا، أو جزئيًا بأغلبية أعضائه، وإذا رفض الطلب لا يجوز إعادة طلب تعديل المواد ذاتها قبل حلول دور الانعقاد التالى، وإذا وافق المجلس على طلب التعديل، يناقش نصوص المواد المطلوب تعديلها بعد 60 يومًا من تاريخ الموافقة، فإذا وافق على التعديل ثلثا عدد أعضاء المجلس، عرض على الشعب لاستفتائه عليه خلال 30 يومًا من تاريخ صدور هذه الموافقة، ويكون التعديل نافذًا من تاريخ إعلان النتيجة، وموافقة أغلبية عدد الأصوات الصحيحة للمشاركين فى الاستفتاء وفى جميع الأحوال لا يجوز تعديل النصوص المتعلقة بإعادة انتخاب رئيس الجمهورية أو بمبادئ الحرية أو المساواة ما لم يكن التعديل متعلقا بالمزيد من الضمانات».
على مدار ست جلسات، أدار مجلس النواب، برئاسة الدكتور على عبدالعال، ومن خلال اللجنة التشريعية حوارا موسعا، كان متاحا فيه لكل الفئات المجتمعية، أن تدلى برأيها فى التعديلات، ما بين مؤيد ومعارض، ومن بين المشاركين، كان النائب الأسبق محمد أنور السادات رئيس حزب الإصلاح والتنمية، والذى يتبنى موقفا واضحا وصريحا برفض التعديلات، وجاءت شهادته بالتأكيد نصا على أن «آليات وإجراءات تعديل الدستور صحيحة، و لايشكك أحد فيها»، مطالبا بأن يتم إذاعة جلسات المجتمعى وأن تكون هناك مشاركة أوسع للمواطنين.
وأكد الدكتور على عبد العال، رئيس مجلس النواب، أن المادة (226) من الدستور نظمت آليات وإجراءات تعديل الدستور، وأناطت بالمجلس بشكل أساسى القيام بهذه الإجراءات، مشيرا إلى أن البرلمان حريص على اتباع الإجراءات الدستورية والبرلمانية المقررة فى شأن التعديلات الدستورية فى أفضل تطبيقاتها الممكنة، وحرصه الكامل على سلامتها من الناحية الدستورية والإجرائية.
إجراءات لائحية ودستورية
مجلس النواب فى تطبيقه للإجراءات اللائحية والدستورية فى مناقشته للتعديلات الدستورية اتبع الخطوات التالية:
- بتاريخ 3 فبراير 2019 تقدم عدد 155 نائباً يمثلون أكثر من خُمس عدد أعضاء المجلس بطلب للأستاذ الدكتور رئيس مجلس النواب، يتضمن تعديل بعض مواد الدستور، فى ضوء ما تقضى به المادة 226 من الدستور من جواز تعديل بعض أحكام الدستور بناء على طلب من رئيس الجمهورية أو من خمس عدد أعضاء المجلس.
- على الفور، أخطر رئيس المجلس أعضاء المجلس فى الجلسة العامة بطلب التعديل وأحاله مباشرة إلى اللجنة العامة للمجلس للنظر فى مدى توافر الشروط والأحكام المنصوص عليها فى المادة 226 من الدستور، وذلك وفقاً لما تقضى به اللائحة الداخلية لمجلس النواب.
- عقدت اللجنة العامة اجتماعات فى الفترة من 3 إلى 5 فبراير 2019 لنظر طلب التعديل، وذلك بحضور رئيس المجلس وأعضاء اللجنة العامة (والتى تتكون من جميع رؤساء اللجان النوعية، وممثلى الهيئات البرلمانية للأحزاب، والمستقلين)، وفى آخر اجتماع لها وافقت اللجنة العامة بالأغلبية على مبدأ تعديل بعض مواد الدستور بناء على طلب خمس الأعضاء المشار إليه.
- بتاريخ 5 فبراير 2019 قرر رئيس المجلس إتاحة تقرير اللجنة العامة عن مبدأ تعديل الدستور لكل النواب، قبل مناقشته بالجلسة العامة بأكثر من أسبوع طبقا للائحة المجلس.
- بتاريخ 13 فبراير 2019 عقد المجلس جلسته العامة لنظر تقرير اللجنة العامة عن مبدأ التعديل، ودارت مناقشات بالجلسة العامة واستمرت على مدار ثلاث جلسات متتالية، وانتهى المجلس بجلسة 14 فبراير 2019 إلى الموافقة على مبدأ تعديل الدستور بأغلبية أعضائه نداءً بالاسم، حيث وافق 485 نائباً، وأحيل تقرير اللجنة العامة، وطلب التعديل إلى لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب لصياغة المواد.
- على مدار ثلاثين يوماً تلقت لجنة الشئون الدستورية والتشريعية عدداً من المقترحات والملاحظات والدراسات على التعديلات الدستورية قدمت من النواب والجهات والمؤسسات المختلفة والمواطنين.
- بتاريخ 20 مارس 2019 عقد المجلس فى نطاق عمل لجنة الشئون الدستورية والتشريعية، وبرئاسة رئيس مجلس النواب ست جلسات للحوار المجتمعى خصصت لاستطلاع الآراء فى التعديلات المطروحة، على مدار أسبوعين، استمع فيها لآراء ممثلى الأزهر والكنيسة ورؤساء الجمعيات وفقهاء وشيوخ القانون الدستورى، ورؤساء تحرير ومجالس إدارات الصحف، وعدد من الإعلاميين والصحفيين من رؤساء مجالس إدارات المؤسسات الصحفية ورؤساء التحرير والصحفيين البارزين وشيوخ القضاء ورؤساء المحاكم السابقين والحاليين وأعضاء الجهات والهيئات القضائية، بالإضافة إلى ممثلى المجالس القومية مثل المجلس القومى للمرأة، المجلس القومى للطفولة والأمومة، المجلس القومى للإعاقة، والمجلس القومى للسكان فضلاً عن ممثلى جميع النقابات المهنية، كما استمع إلى رجال السياسة ورؤساء الأحزاب، ورجال الأعمال وممثلى المؤسسات المالية والاقتصادية وعدد من الشخصيات العامة وممثلى المجتمع المدنى.
- قامت لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بعد انتهاء الحوار المجتمعى بجمع وتبويب المقترحات التى تلقتها من النواب والمواطنين والجهات والحوار المجتمعى، وبدأت فى صياغة المواد الدستورية محل التعديل فى الشكل النهائى، تمهيدا للعرض على الجلسة العامة للمجلس للتصويت النهائى عليها، حيث تتطلب الموافقة عليها توافر أغلبية ثلثى عدد الأعضاء ونداء بالاسم.
دساتير مقارنة
من جانبه، يوضح أستاذ القانون الدستورى الدكتور صلاح فوزى أن الدساتير عندما يتم وضعها، لابد أن تتضمن نصوصا تحدد كيفية إدخال التعديلات على مواد الدستور، لافتا إلى أن الدستور الفرنسى تم تعديله 24 مرة، وفى إحدى المرات تمت التعديلات بالمخالفة للدستور وأقرها المجلس الدستورى بفرنسا قائلا فى أسباب إقراره لها إن الشعب هو صاحب السيادة.
وأضاف الدكتور فوزى أن الدستور الأمريكى تم تعديله 27 مرة، كما تم تعديل الدستور الألمانى 62 مرة، وتم تعديل دستور مصر الصادر فى عام 1971 أربع مرات، وذلك فى أعوام 1980 و2005و2007 و2011، موضحا أن فكرة التعديل تقوم على أن الدستور صناعة بشرية، لافتا إلى أن المهم هو الالتزام بالإجراءات الدستورية فى التعديل، وأن هذا ما حدث فى التعديلات التى تقدم بها 155 نائبا بمجلس النواب تطبيقا لما جاء فى المادة 226 من الدستور.
ويشير الدكتور صلاح فوزى إلى أن دستور مصر عام 1930 كان يفرض حظرا مؤقتا فى مادته 152 على تعديل أى مادة من مواد الدستور طيلة العشر السنوات التالية على إنفاذه، ومع ذلك تمت الإطاحة بالدستور كله عام 1935، وتابع: أنا من الذين يقولون إن الحظر يعتبر باطلا، لأنه يمثل مصادرة على السلطة التأسيسية والأجيال القادمة، مشيرا إلى أن هيئة الناخبين الذين وافقوا على دستور 2014 اختلفت عن هيئة الناخبين الموجودة حاليا، حيث انضم إليها نحو 12 مليون مواطن ممن كانوا وقت الاستفتاء على دستور 2014 تحت سن 18 سنة، كما خرج من هيئة الناخبين نحو مليون مواطن بسبب الوفاة أو صدور أحكام عليهم بالحرمان من المشاركة السياسية، ما يعنى أن السلطة التأسيسية تغيرت تغيرا نوعيا، لأن الشعب متغير، لذلك أنا أرى، والكلام للدكتور صلاح فوزى، أنه لا يجب أن يفرض جيل إرادته على الأجيال التالية.
ويتابع أن المادة 226 من الدستور تنص على أنه لا يجوز تعديل النصوص المتعلقة بإعادة انتخاب رئيس الجمهورية أو المتعلقة بمبادئ الحرية أو المساواة ما لم يكن التعديل متعلقا بالمزيد من الضمانات، وتنص المادة 140 من الدستور على «ينتخب رئيس الجمهورية لمدة أربع سنوات ميلادية تبدأ من اليوم التالى لانتهاء سلفه ولا يجوز إعادة انتخابه إلا لمرة واحدة»، ويقول الدكتور صلاح فوزى، إننا لو قرأنا الحظر المنصوص عليه فى المادة 226 والذى يتعلق بإعادة الانتخاب، ونص المادة 140 سنجد أن الحظر مفروض على الولاية وليس على سنوات الولاية، وبالتالى فإن التعديل المقترح فى المادة «140» من الدستور فى الطلب المقدم من النواب والذى ينص على زيادة فترة الولاية للرئيس من أربع سنوات إلى ست سنوات، يتعلق بسنوات الولاية و لا يتضمن تعديل عدد مرات الولاية، حيث نص المادة 140 على أنه «لا يجوز إعادة انتخاب رئيس الجمهورية إلا لمرة واحدة».
ويؤكد النائب المستقل كمال أحمد أن مجلس النواب التزم بتطبيق الإجراءات المنصوص عليها فى الدستور واللائحة الداخلية له فى التعديلات الدستورية، بداية من ممارسة حق النواب فى تقديم مقترح بالتعديلات مرورا بإجرات المناقشة من حيث المبدأ وجلسات الحوار المجتمعى التى كانت علانية، مضيفا: لا يوجد أحد صاحب مصلحة ولا نشخصن الأمور، والبرلمان ليس وصيا على الآراء، بل هو منظم لجميع الآراء المطروحة من مختلف فئات المجتمع.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة