مهن عديدة تواجه شبح الاندثار والاختفاء خاصة بمحافظة كفر الشيخ، ومنها مهنتا "إصلاح وابور الجاز"، و"مكواة الرجل"، وكانتا فى الماضى من أهم المهن، وبمرور الأيام لا تجد فى كفر الشيخ إلا 30 مُسنا يعملون بهما، تظهر على وجوههم آثار الزمن، فى مخيلاتهم أيام كان الإقبال عليهم كبيراً، والآن يستمعون لأغنية عبد المنعم مدبولى "طيب يا صبر طيب"، مقارنًا بين العربة الحنطور والسيارة.
وتحتفظ بعض الأسر بكفر الشيخ حاليا بوابور الجاز، إلا أن استخدامه نادراً، واختفت عبارة "أصلّح وابور الجاز"، بعد أن كانت سائدة فى شوارع مصر خلال الخمسينيات والستينيات، إلا أن ظهور البوتاجاز واستخدام الغاز الطبيعى، بالإضافة لاستخدام البوتاجاز بالكهرباء جعل مهنة تصليح البوابير تختفى تدريجيًا حتى انقرضت بشكل شبه كلى، ولكن تلك المهنة ستظل باقية إما لإصلاح الشيشة أو لصناعة فوانيس رمضان التى عادت للظهور مرة أخرى، خاصة بعد ارتفاع أسعار الفوانيس المستوردة.
تجول "اليوم السابع" فى مدن وقرى محافظة كفر الشيخ، فلم نجد من يحافظ على مهنة تصليح الوابور إلا 16 رجلاً من كبار السن فقط، من بينهم اثنان بمدينة كفر الشيخ الأول وليد محمد صالح 53 سنة، لا تجده إلا يوم الجمعة فقط بجوار كوبرى القنطرة البيضاء،، والثانى غندور رجب السيد، الشهير بـ"طارق السيد"، 55 سنة تجده بجوار مسجد الفلاحين غرب مدينة كفر الشيخ يجلس بجوار مسجد الفلاحين يوميا، كما أننا لم نجد من صنايعية مكواة الرجل إلا 14 فقط من كبار السن أحدهم بمدينة كفر الشيخ وباقى المكواجية بمدن المحافظة الـ12 وبعض قراها.
وقال طارق السيد: "بصلح الوابور والشيشة، وبعمل حصالات، وفانوس رمضان وأقماع الجاز وأقماع البسكويت، ورغم انقراض مهنة تصليح الوابور، مازالت متمسكا بالمهنة، للحفاظ على مهنة أجدادى ووالدى"، مؤكداً أنه تعود على تلك المهنة منذ صغره فكان يساعد والده وكان عمره 9 سنوات، مشيراً إلى أنه لن يرضى بغيرها بديلاً مهما كانت سهولة المهن الأخرى، وكيف يتخلى عن أدوات ورثها عن أجداه ومنها "السندال والمتراس" وغيرها من الأدوات التى أصلح بهما جده ووالده المئات من وابورات الجاز.
وقال عبد المنعم بسيونى متولى، الشهير بـ"عاشور بسيونى" 68 سنة، إنه منذ صغره يعمل بمهنة المكواة الرجل فهى صنعته، التى قل الإقبال عليها، لقلة ارتداء أهالى المدن الجلباب، وكل زبائنه من الفلاحين القادمين من القرى الذين لا يعجبهم الكى بالمكواة الكهربائية أو البخار، مشيرا إلى أن المكواة الرجل تزن حوالى 15 كيلو من الحديد، وصناعتها انقرضت، وتحتاج لقوة لرفعها ونقلها بسرعة كبيرة، ويتم وضعها على حامل أعلى "وابور الجاز"، وهناك خزان ممتلئ بالجاز متصل بالوابور لإشعاله.
وأضاف أقدم مكوجى بكفر الشيخ، أنه يحمل هذه المكواة الثقيلة ويضعها على الوابور لتسخينها، وبعدها ينقلها بفن ليضعها على حامل ويضع فوقها "المسند" وهى قطعة خشبية سميكة، يضعها أعلى المكوى لتكون حاجزًا بين المكواة الساخنة وبين قدمه التى يضعها على المسند وأسفل المكواة، لتفصل بين المكواة وقدمه، وهناك اللوحة التى يكوى عليها ولابد أن تكون بارتفاع معين وبطول معين، حتى لا يصاب الصنايعى بالغضروف أو بانحناء الظهر، ويستغرق وقت تسخين المكواة من 10 دقائق إلى ربع ساعة لتصبح جاهزة للاستخدام، والمرة الواحدة تستخدم لـ3 جلاليب بلدى أو قفطان، ولديه 2 مكواة يستخدمها بالتبادل عندما تبرد واحدة يبدلها بالأخرى.
وقال عاشور، أن شباب الجيل الحالى لا يستطيعون أن يعملوا بتلك المهنة، لذا فالخوف على اندثار المهنة ليس بسبب قلة الزبائن، ولكن لعدم وجود الأيدى العاملة، ولكنها ستظل باقية على استحياء طالما ارتدى الفلاحون الجلباب البلدى الثقيل والقفطان، وخاصة المصنوعة من الأصواف، والتى يصعب على المكواة البخار إخراجها فى شكلها النهائى بنفس جودة مكواة الرجل.
طارق يحافظ على مهنته برغم قلة الإقبال عليه من الزبائن
طارق يؤكد لن يرضى بمهنة غير مهنة والده
عم عاشور لم أخلى عن المكواه الرجل حتى نهاية عمرى
عم عاشور مهنتى اندثرت ولكن أحافظ عليها لان بها رائحة أبي
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة