انطلقت فى العاصمة الأمريكية، واشنطن، فعاليات اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولى والبنك الدولى، خلال الفترة من 8 إلى 14 أبريل 2019، والتى يحضرها العديد من قادة الاقتصاد فى العالم، ووفد كبير من الحكومة المصرية، ممثلًا فى طارق عامر، محافظ البنك المركزى المصرى، والدكتور محمد معيط، وزير المالية.
ويعتبر صندوق النقد الدولى، مصر، قصة نجاح لبرنامج الإصلاح الاقتصادى، حيث نجح البرنامج فى علاج مشكلات هيكلية عانى منها الاقتصاد المصرى على مدار عقود، ونجت الحكومة والبنك المركزى المصرى فى علاج مشكلات توافر النقد الأجنبى والقضاء على السوق السوداء للعملة وخفض عجز الموازنة العامة للدولة وإعادة هيكلة الدعم، وخفض البطالة والتضخم.
وبعد مرور نحو 3 سنوات على بداية برنامج الإصلاح الاقتصادى المصرى، شهدت مؤشرات أداء الاقتصاد تطورات إيجابية تمثلت فى نمو الاحتياطى من النقد الأجنبى ليصل إلى 44 مليار دولار ويغطى نحو 8 أشهر من الواردات، وهو أعلى مستوى لأرصدة الاحتياطى الأجنبى على الإطلاق، إلى جانب معدل نمو وصل إلى نحو 5.5% وهو الأعلى فى منطقة الشرق الأوسط، إلى جانب تراجع نسبة الدين للناتج المحلى الإجمالى وانخفاض نسبة البطالة، إلى جانب زيادة الإنفاق على برنامج الحماية الاجتماعية، وهو المسار الموازى لبرنامج الإصلاح.
وتأتى الاجتماعات فى الوقت الذى يواصل سعر الدولار تراجعه أمام الجنيه المصرى، مدفوعًا بزيادة الثقة فى الاقتصاد المصرى نتيجة تقدم مؤشرات مصر المالية نظرًا للتأثير الإيجابى لبرنامج الإصلاح والتى أدت إلى تدفقات فى العملة الأجنبية، وخاصة أموال المحافظ المالية والتى تقدر بنحو 4.2 مليار دولار خلال 3 أشهر.
وتبدأ اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولى، عادة كل عام، بعرض تقرير آفاق الاقتصاد العالمى، والذى يعرض تحليل خبراء الصندوق وتوقعاتهم بشأن تطورات الاقتصاد العالمى فى مجموعات البلدان الرئيسية، ويركز التقرير أيضا على أهم قضايا السياسة الاقتصادية وتحليل تطورات الاقتصاد وآفاقه المتوقعة، وعادة ما يتم إعداد هذا التقرير مرتين سنويًا فى سياق إعداد الوثائق المطلوبة لاجتماعات اللجنة الدولية للشؤون النقدية والمالية، كما يستخدم باعتباره الأداة الرئيسية لأنشطة الصندوق فى مجال الرقابة الاقتصادية العالمية.
وتعد الاجتماعات فرصة مناسبة أمام الحكومة المصرية لعرض تطورات برنامج الإصلاح أمام مجتمع الأعمال الدولى، والتباحث حول القضايا الاقتصادية الدولية ذات الاهتمام المشترك والتى تشمل الاقتصاد الرقمى والتغير المناخى ومكافحة الفقر، وتحقيق الشمول المالى ودعم النمو المستدام.
الدكتور محمد معيط وزير المالية
وتهتم الحكومة المصرية فى الوقت الحالى بعدم الاستثمار والسياحة، والاستمرار فى الإصلاحات الهيكلية التى تسهل تحقيق النمو وخلق فرص العمل بقيادة القطاع الخاص، ودعم الإجراءات التى تعزز الشفافية وتدعم الحوكمة، بما يساهم فى الوصول إلى نمو أعلى وأكثر شمولًا للجميع ويضمن مستويات معيشية أفضل لكل المواطنين.
ويعد النمو المستدام والشامل، بتنفيذ خطط متكاملة للنهوض بقطاعى الاستثمار والسياحة، أسس للعمل خلال الفترة المقبلة، حيث من الممكن أن يضيف القطاعين لشرايين الاقتصاد المصرى نحو 25 مليار دولار سنويًا، إلى جانب دعم الحكومة لإصلاح منظومتى التعليم والصحة، بما ينعكس إيجابًا على جودة الخريجين ومستوى تأهيلهم للالتحاق بسوق العمل، الذى يحتاج إلى التدريب المستمر، وأيضًا تطبيق منظومة التأمين الصحى الشامل، وتأهيل المناطق العشوائية، كلها تصب فى تحسين مستوى جودة حياة ومعيشة المواطن المصرى، الذى يعد البطل الحقيقى لبرنامج الإصلاح الاقتصادى.
طارق عامر محافظ البنك المركزى
ومن المقرر أن تزور بعثة صندوق النقد الدولى، مصر، خلال الشهر المقبل، لإجراء المراجعة الـ5 لبرنامج مصر الاقتصادى، وتحصل بعدها "القاهرة" على آخر دفعة من القرض بقيمة 2 مليار دولار، من إجمالى القرض البالغ 12 مليار دولار، حيث حصلت مصر بالفعل على 10 مليارات دولار من التمويل الذى امتد على مدار 3 سنوات.
وتزور بعثة صندوق النقد الدولى القاهرة، مصر خلال الشهر المقبل، لإجراء المراجعة الخامسة لبرنامج مصر للإصلاح الاقتصادى وتقدم تقريرها للمجلس التنفيذى لصندوق النقد الدولى، وبعد الموافقة على صرف الشريحة الأخيرة بقيمة 2 مليار دولار، ويعزز ذلك من ثقة المؤسسات الدولية وجمهور المستثمرين العالمى فى تقدم مؤشرات الاقتصاد المصرى، ويتم منح المقابل لشرائح قرض صندوق النقد الدولى، بالجنيه المصرى لحسابات وزارة المالية، وبسعر صرف الدولار أمام الجنيه المصرى وقت دخول كل شريحة، كمصدر لتمويل الموازنة العامة للدولة، ولتمويل عجز الموازنة العامة للدولة، وتتيح الشريحة سد جزء من الفجوة التمويلية الحالية التى تتراوح بين 11 – 12 مليار دولار مقسمة إلى ما تحصل عليه مصر من صندوق النقد والبنك الدوليين وبنك التنمية الأفريقى.
ولا يقتصر التعاون بين مصر وصندوق النقد الدولى، على برنامج الإصلاح الاقتصادى والحصول على 12 مليار دولار، ولكن تستمر البعثات الفنية للصندوق فى الزيارات الدورية لمصر، ولقاء أعضاء المجموعة الاقتصادية، بما يدعم استمرار معدلات النمو الاقتصادى والوصول إلى معدل 8% سنويًا.
وتمثل الزيارات الخارجية لكبار رجال الدولة والمسؤولين المصريين، إلى المحافل والفعاليات الدولية الكبرى، فرص هامة لعرض الخريطة الاستثمارية والمشروعات القومية الكبرى، وصياغة مشهد استثمارى لمصر بعد نجاحات هامة، وتطورات ملحوظة فى مؤشرات مصر المالية وتقدم كبير شهد له العالم فى برنامج الإصلاح الاقتصادى المصرى، وعرض خريطة استثمارية ضخمة تتيحها مصر، أمام المستثمرين ورجال الأعمال الأجانب، ومستهدفات لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، بأكثر من 11 مليار دولار سنويًا بما يعمل على دعم الاحتياطى الأجنبى لدى البنك المركزى المصرى وبالتالى دخول رؤوس أموال جديدة للأسواق المصرية وفى كثير من الأحيان يلجأ المستثمر الأجنبى إلى البنوك كبديل تمويلى لزيادة حجم الأعمال وهو ما يمثل طلبًا على الائتمان خلال الفترة القادمة.
وشهد برنامج الإصلاح الاقتصادى بخطواته الأساسية، والتى بدأت فى 3 نوفمبر 2016، بقرار تحرير سعر الصرف وأن يخضع سعر الدولار لقوى العرض والطلب بالبنوك العاملة فى مصر، وإصلاح منظومة الدعم وخفض الدين العام وعجز الموازنة وتنويع مصادر العملة الصعبة، حيث أن الاقتصاد المصرى يمتلك من تنوع قطاعاته الاستثمارية مثل الصناعة والسياحة ومشروعات البنية التحتية، ما قد يجذب استثمارات تقدر بـ10 مليارات دولار سنويًا، تتصاعد تدريجيًا إلى 20 مليار دولار سنويًا خلال المدى المتوسط، فى ظل مشروعات قومية عملاقة فى كافة القطاعات المنتجة، والتى توفر فرص العمل والتصدير للخارج.
وتعد مصادر العملة الصعبة الرئيسية الـ5 للاقتصاد المصرى، والتى ترتكز على ما يسمى بـ"الاقتصاد الحقيقى" أى بتنمية وهى الصادرات وتحويلات العاملين بالخارج، وإيرادات قناة السويس، والاستثمارات الأجنبية المباشرة والسياحة، هى الداعم الرئيسى لموارد مصر من النقد الأجنبى، فى مصر ولكن أبرزها يعد عنصر الاستثمار، العمود الفقرى لإنطلاق الاقتصاد المصرى، خلال السنوات القادمة، وعبر أهم القطاعات وهو المشروعات الصغيرة والمتوسطة والتى توليه الدولة عناية رفيعة المستوى، إلى جانب تعزيز الاستثمار عبر خريطة مصر الاستثمارية، والتى تضم أكثر من 1000 فرصة استثمارية مكتملة، بالإضافة إلى الحوافز المقدمة للمستثمرين، وأهم المؤشرات الاقتصادية والمزايا التنافسية للاستثمار فى مصر، والذى من شأنه أن يضيف لشرايين الاقتصاد 10 مليارات دولار سنويًا تؤثر توفر الدولار وسعره أمام الجنيه.
كما تستعرض الدكتورة سحر نصر، وزيرة الاستثمار والتعاون الدولى، الفرص الاستثمارية فى المشروعات القومية الكبرى منها محور قناة السويس والعاصمة الإدارية الجديدة والعلمين الجديدة، لجذب الاستثمارات الأجنبية إلى مصر، وذلك فى ضوء توقع البنك مؤخرا أن مصر ستحقق ثانى أعلى نمو فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال العام الجارى، بنسبة 5.5 % وذلك فى ضوء الإصلاحات الاقتصادية والتشريعية التى نفذتها مصر خلال الفترة الماضية.
خلال الاجتماعات، من المقرر، أن تتحدث الوزيرة فى عدة جلسات، منها جلسة حول الاستثمار فى رأس المال البشرى بحضور الدكتور طارق شوقى، وزير التربية والتعليم، حيث سيتم التركيز على مبادرة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى، فى الاستثمار فى العنصر البشرى خاصة فى مجال التعليم، كما تعرض الجهود المصرية حول تشجيع الاستثمارات إلى أفريقيا والاقتصاد الرقمى فى القارة خلال جلسات تعقد عن أفريقيا ضمن اجتماعات الربيع للبنك الدولى، وستتحدث فى جلسة عن دور المؤسسات الدولية والقطاع الخاص فى تعزيز التنمية الاقتصادية وتشارك فى جلسة حول اهداف التنمية المستدامة، بحضور أمين محمد، نائبة الأمين العام للأمم المتحدة، والسير سوما تشاكاراباتى، رئيس البنك الأوروبى لإعادة الإعمار والتنمية، والدكتور محمود محيى الدين، النائب الأول لرئيس البنك الدولى لأجندة التنمية لعام 2030 والعلاقة مع الأمم المتحدة والشراكات.
وتعقد الوزيرة، عدة اجتماعات مع قيادات البنك الدولى، على رأسهم ديفيد مالباس، رئيس مجموعة البنك الدولى الجديد، والدكتور فريد بلحاج، نائب رئيس البنك لشؤون الشرق الاوسط وشمال أفريقيا، حيث سيتم مناقشة دعم البنك للجهود المصرية فى عملية التحول الاقتصادى والاجتماعى، ومساعدة جهود الحكومة فى جذب الاستثمارات الأجنبية إلى مصر، ومشاركة البنك فى دعم مشروعات البنية الأساسية فى قارة أفريقيا فى ظل رئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسى الاتحاد الأفريقى خلال العام الجارى، إضافة إلى مشروعات جديدة فى قطاع النقل والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، كما ستعقد عقد لقاءات مع عدد المؤسسات الدولية والشركاء فى التنمية، والتى تربطها علاقات تعاون مع مصر، حيث سيتم التركيز على عرض أولويات الحكومة للفترة المقبلة، وما يمكن أن تساهم به المؤسسات الدولية المختلفة لمساندة برنامج الحكومة فى تنفيذ الخطة التنموية الطموحة.
جدير بالذكر، أن للبنك الدولى حزمة متنوعة من الاستثمارات فى مصر تتركَّز على توسيع نطاق الحماية الاجتماعى وتحسين القدرة على المنافسة والبنية التحتية فى المناطق الأقل نموا، ووضع استراتيجية للتنمية الرقمية لإعداد الشباب لشغل وظائف المستقبل، وتوجيه استثمارات القطاع الخاص إلى مشروعات البنية التحتية، وتطبيق الإصلاحات فى قطاعى التعليم والصحة للمساعدة على بناء رأس المال البشرى، وتتألف محفظة استثمارات البنك الدولى فى مصر حاليا من 16 مشروعا بقيمة 6.7 مليار دولار.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة