هل تعلم كيف سيكون العالم بدون تكنولوجيا؟ السؤال الأصعب هل تجرؤ على القيام بهذه التجربة أن تترك كل أجهزتك التكنولوجية وتغلق شبكة الإنترنت التى تصلك بالعالم، وتبدأ فى تنظيم حياة بسيطة جدا بعيدا عن كل ما خلفه عصر التكنولوجيا.
هذا ما أقدم عليه شخص يدعى مارك بويل، مواطن إيرلندى يروى كل تفاصيل تجربته الفريدة التى استمرت لعامين من الزهد وصفها بأنها الطريق لاكتشاف السعادة الحقيقية.
مارك بويل
البداية.. قرار
ووفقا لما ذكرته صحيفة الجارديان، يقول بويل "كان منتصف الليل تقريبًا عندما راجعت بريدى الإلكترونى للمرة الأخيرة وأوقفت هاتفى، لقد أمضيت صيف عام 2016 فى بناء منزل من القش على مساحة صغيرة فى مقاطعة غالواى بأيرلندا، وفى صباح اليوم التالى كنت أنوى بدء حياة جديدة دون التكنولوجيا الحديثة .. لن يكون هناك ساعة، ولا وقود، ولا كهرباء أو أى شىء من الأشياء التى تعمل بها، لا يوجد إنترنت أو هاتف أو غسالة ملابس أو مصابيح كهربائية أو راديو.
وأضاف "لم يكن لدى أى فكرة عما إذا كان فصلا نفسيا عن العالم الصناعى يعنى أننى سوف أفقد كل اتصال مع الواقع أم سأكتشفه فعليا، لم يعد لدى إمكانية الوصول إلى وسائل التواصل الاجتماعى أو الأخبار، أصبح عالمى أصغر وأكثر تفصيلاً".
مارك بويل
كيف تغيرت نظرة بويل للعالم؟
يتحدث بويل عن نظرته التى تغيرت أيضا لما يتم بثه من أخبار مزيفة وعدم تأثيرها عليه مثلما كانت سابقا، ففى بعض الأحيان كان يسمع محادثات حول الأخبار المزيفة ومدى حقيقتها، لكنه يفهم القليل منها، وهى تبدو مجردة وبعيدة عندما يكون هناك الكثير من الأشياء الملموسة أمامه، فهناك صيد الأسماك، وإعداد عصير التفاح، وزراعة الأشجار، ونحت الملاعق، مائة شىء آخر ينشغل به خلال يومه.
لم يكن كل شىء سهلا على بويل، فمع عدم وجود هاتف، لم يعد هناك عائلة وأصدقاء يتصلون، ولا توجد رسالة نصية للقاء رفيق فى الحانة، كما أن الغسل فى حوض من الألمنيوم مع إبريق من الماء أمر غير طبيعى.
لكنه تعلم أن هذه الطريقة فى الحياة لها نمط خاص بها، مع حلول قديمة ومنسية، فتغلب على هذه العوائق من خلال كتابة رسائل إلى من يحبهم، وهى عملية تتطلب نوعًا مختلفًا تمامًا من اللغة والفكر، فبدلاً من الحصول على رسائل بريد إلكترونى ورسائل ومكالمات لا تنتهى، يتلقى رسالة يوميًا تكون مهمة جدا بالنسبة له.
فى النهاية قرر بويل أن يبنى حوض استحمام فى الهواء الطلق، ويظل به تحت النجوم مع كأس من النبيذ لبعض أمسياته الرومانسية.
مارك بويل
الرومانسية بعيدا عن مواقع التواصل الاجتماعى
بعد عامين من العيش بهذه الطريقة مع شريكته، قررا الانفصال، وهو ما جعله يفكر ويطرح بعض الأسئلة غير المريحة حول ما يقم بالتضحية به، خاصة أن نمط الحياة قد يكون سببا خلف ما حدث له.
وقابل بويل شخصًا آخر بعد ذلك الوقت، ووصف مشاعره "أن الجميل فى الأمر أنه كان صادقا فى مشاعره ومتعايشا مع حياته"، مؤكدا "يسأل الناس عما إذا كنت أشعر بالوحدة، لكننى أكثر إنسانية مع جيرانى منذ التخلى عن وسائل التواصل الاجتماعى، خاصة مع قضاء وقت هادئ مع المناظر الطبيعية والحياة البرية.
العالم مات فى عينى ولم يتبق غير حياتى البسيطة
يقول بويل "كان الأمر كما لو أن جميع الفنانين المشهورين على مستوى العالم الذين أحببتهم ماتوا فى الحال، لكن الإقلاع عن الموسيقى المسجلة دفعنى إلى البدء فى الذهاب إلى جلسات التجارة المباشرة، وأنا أحب ذلك الآن.
أما عن عدم وجود ساعة، فقد أثرت فى حياته أنها قد غيرت علاقته مع الوقت بشكل كبير، كما أن الأمور أصبحت تستغرق وقتًا أطول، فلا توجد غلاية كهربائية لصنع الشاى الخاص به فى غضون ثلاث دقائق، ولا يوجد سوبر ماركت للخبز والبيتزا، لكن هذا الشىء الغريب جعله يفعل الأشياء دون أى ضغوط.
يقول بويل "هناك المزيد من التنوع والأمور أقل تكرار، وتشعر بالتناغم، ليس فقط مع الإيقاعات الموسمية، ولكن أيضًا فى إيقاع جسمك أيضًا، فلم أنم قط بشكل أفضل".
نصيحة شخص تخلص من قيود التكنولوجيا
ونصت رسالة بويل للآخرين "لقد عشت مع التكنولوجيا وبدون، وأنا أعلم أى منها يجلب لى السلام والرضا، وقد قال أخصائى البيئة الأمريكى ألدو ليوبولد ذات مرة، "نحن جميعًا نسعى جاهدين من أجل السلامة والازدهار والراحة والعمر الطويل"، ومن السهل جدًا العيش لفترة طويلة دون الشعور بالحياة بشكل كامل، وفى المفاضلة المستمرة بين الشعور بهذه الطريقة والراحة، خلال معظم حياتى كنت أفشل فى العثور على التوازن الصحيح، لكن الآن أريد أن أشعر بكل المشاعر والعناصر فى مجملها، بالمطر والفرح والإعجاب بكل شىء، هذه الطريقة فى الحياة قد لا تكون للجميع، لكنها بالنسبة لى السعادة".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة