القارئ محمود حمدون يكتب: نبؤة

الجمعة، 10 مايو 2019 12:00 م
القارئ محمود حمدون يكتب: نبؤة ورقة وقلم

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

تلك خطيئتك , تتحمّلها وحدك , معها تحمل وزر من آمن بك و سار على دربك .

عبارة صريحة صكّت وجهه , كحجر هوى من شاهق على رأسه , فانبرى يدافع عن نفسه و هو موقن أن صوته هباء يضيع بين من لا يؤمنون : لا لم تكن خطيئة أحد , كل ما هنالك أنى رأيت .

رأيت ؟!! ماذا رأيت و لم يره غيرك ؟ لا زلت سادراً فى غيّك القديم .

قاطعه بجفاء لا يعلم من أين أتاه : بل أنتم الجاهلون , أجزم عن يقين أنكم تدركون ما قلت , لكنّكم تتهيّبون أن تسيروا ورائى , لا ألزم أحداً بشىء , فعلمى أن التركة ثقيلة , الأعصاب خائرة ,  الوهن نال من الكافة..

اندفع الصوت محذّراً: لا تلق بسبابك ذات اليمين والشمال.

لا أقذف بحق أحد , فعفّة اللسان طبع متأصل لدى , لكن ساءنى غباؤكم , أن تديروا ظهوركم عمّا قلت , ثم إنى تركتكم و شأنكم , قلت لنفسى: هؤلاء لا تُجدى  معهم نصيحة , لا يستجيبون لنبؤة .

هذه المرة كان الصوت يأتيه على مهل , لغة رصينة , كأنما جفل صاحبها: ماذا رأيت؟!

قال: أبصرت أثاراً , كانت واضحة للكل , من عجب أن الناس لم تلحظها من قبل , سرت وراءها , اقتفيتها شبراً بشبر , خطوة تلو أخرى , حتى وصلت للمنتهى , حينها أدركت قيمته  , فقبضتٌّ بيدى هذه , و لوّح بيمينه , بعض من شذرات , اختلستها ؟! ربما , لا ضير فى ذلك , لكنّى لم آخذها من وراء أحد , كنتم تمشون أمامى تهرولون , تتسامرون , تتضاحكون , يتوه بعضكم فى غنج و تأوّد بعضهن , أخرون يحدوهم أمل الوصول للمغنم , أقلّكم شأناً كنت أنا, هكذا حسبتم , ربما كان رأيكم صواباً .. لكن للقدر تدبير آخر ..

و الآن ,أتحاكموننى على عطيّة إلقيت بليل إلى ؟ على سوء حظ توارى قليلاً للخلف فانكشف بعض ما كان ينبغى أن يكون , ثم عادت الحياة بعدها سيرتها الأولى !! علام سخطكم هذا ؟!!

جاءه الصوت من جديد , كلماته قليلة , واضحة قاطعة : لم تكن الهبة محل غضبنا منك , بل بتصرف منك لم نعهده عنك , كنت من قبل تجول فى الآفاق محدّثاً من تقابله , كلما هلّت على بالك بدعة أو أصابت قريحتك فكرة جديدة , تلك المرة حلّ بك صمت غريب .. فلم تعد أنت كما عرفناه , أصبحنا نخشاك خشيتنا للموت ..

سأله : أهاجر مرتحلاً بعيداً عنكم ؟ يمكننى هذا , فالهدوء مطلب عزيز أسعى وراءه .

لا , فقط هاجر بداخلك , أغلق عليك بابك , دع ما يُريبُك إلى ما لا يُريبُنا .

 







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة