داخل منطقة بحرى وهى من أقدم المناطق بالإسكندرية نشأ الشيخ أمين السيد قارئ القرآن المميز، وهو مهندس تخرج فى كلية الهندسة، ودرس وحفظ القرآن الكريم وحمل من الإجازات فى القراءات العشر الصغرى والكبرى ولم يمنعه عمله كمهندس عن القرآن الكريم حيث قرر أن يتعلمه ويعلمه للأجيال الجديدة، "اليوم السابع" حاوره فى مسقط رأسه داخل منطقة بحرى، وإلى نص الحوار..
كيف بدأت مشوارك فى تلاوة القرآن الكريم؟
البداية كانت فى المرحلة الابتدائية وكان الفضل للمعلمين لتعليمى اللغة العربية ومخارج الألفاظ وكيفية نطق الحروف صحيحة، وكنت أشترك فى كافة الحفلات المدرسية بتلاوة القرآن وكافة الحفلات التى كانت تنظنمها وافتتاح الإذاعة المدرسية بالتلاوة.
ثم كان عمى يعمل فى مجال الكهرباء والسرادقات وكان يعرف الشيوخ الكبار فى التلاوات منهم الشيخ محمد فريد نعمان من أكبر الشيوخ وصاحب أهم إجازات فى تلك الفترة وحاولت التقرب منه وهو كان كفيفاً وبالصدفة أوصلته إلى منزله فى إحدى المرات وطالبنى بالتلاوة وأعجب بالأداء ومن هنا بدأ المسيرة فهو زوج الشيخة أم السعد، وهى من أهم وأكبر الشيوخ وأكبر سند فى القرآن الكريم فى تلك الفترة وتعلمت على يد الشيخ محمد فريد نعمان حتى وفاته فى عام 1996 ثم استكملت المسيرة مع الشيخة زوجته حتى وفاتها فى عام 2006، ثم استكملتها على يد تلميذها الشيخ عبد الحميد يوسف منصور حتى توفى عام 2016.
ومدرسة الشيخة أم السعد وزوجها الشيخ محمد فريد نعمان هى القراءات العشر الصغرى وأتقنتها فى تلك الفترة ولكن القراءات العشر الكبرى كان واحدا فقط يُعلمها هو الشيخ محمد عبدالله وكان عليه إقبال كبير وزحام فاضطررت السفر للقليوبية، لكى أتعلم القراءات الكبرى على يد الشيخ حسنين جبريل، حيث إنه كان لا يوجد بالإسكندرية أحد يقرأ بالقراءات الكبرى وأردت أن أحافظ على العلم من الاندثار فقررت أن أتعلمه وأعلمه للأجيال الجديدة.
وما دراستك الأكاديمية؟
حصلت على بكالوريوس الهندسة عام 1990 وعملت مهندساً وبجانب دراستى وعملى استكملت دراسة القرآن الكريم على يد مشايخ فى الحفظ والتلاوة والفقة وحصلت على أول إجازة للقرآن الكريم عام 1987 وكان عمرى 24 عاماً، وهى على يد شيوخ والتى يدون عليها من سورة الفاتحة إلى سورة الفاتحة للناس.
كيف تعلمت فنون التلاوة فى القرآن الكريم وأنت تعمل مهندساً؟
تعلمت التلاوة فى البداية بالسماع حيث كانت طبقة صوتى تميل للشيخ عبدالباسط عبدالصمد، نظرا لرفع صوتى فى تلك الفترة مثل باقى الأطفال ثم فى مرحلة البلوغ بدأت طبقة صوتى تميل للشيخ الحصرى وكانت شيوخى يعلموننى فنون السمع فى التلاوة، حيث من أهم الأمور التى يجب أن يتميز بها القارئ هو السمع لكى يأتى بطبقة محددة لكل آية فهم شيوخ لم يدرسوا النوته الموسيقية ولكنهم يعلمونها جيداً، فأنا من مدرسة الشيخ الحصرى وفى السماع لمدرسة الشيخ مصطفى إسماعيل، وأثناء تعليمى للقرآن الكريم أنصح بسماع الشيخ الحصرى فهو نعتبره "المازوره" التى نقيس عليها درجة الصوت وجودته، وذلك لمعرفة كيفية النطق والتلاوة وليس فى التقليد لأن الشيوخ القدامى قالوا إن ليس المقلد كالمُقلد، وعلى كل قارئ أن يتميز بأداء خاص به ولا يقلد القراء الكبار وعليه أن يعمل على صوته بدراسة الأداء والمقامات الموسيقية والصوتية.
لماذا لم تفكر فى استغلال تميز صوتك فى الغناء؟
سمعنى موسيقيون فى تلك الفترة عندما كنت أشارت فى حفلات بتلاوة القرآن الكريم وعرضوا علىّ الغناء وكنت فى عمر صغير لا أعلم الحلال من الحرام ولكنى رفضت لخجلى من الغناء، واستكملت مسيرتى فى القرآن الكريم وكان لدى إصرار كبير فى الحفظ والتلاوة والتعلم من الشيوخ الكبار بالإسكندرية فى تلك الفترة.
ماذا عن أول خطبة لك فى المسجد؟
كانت فى المسجد المقرب لقلبى بمنطقة بحرى وما زالت أتواجد فيه حتى الآن على الرغم من عملى بالهندسة فهو أول منبر وقفت عليه عندما كان عمرى 18 عاماً ومن حفظها لى وعلمنى فنون الخطابة هو معلم اللغة الفرنسية فى المرحلة الثانوية لى وكان له الفضل فى ذلك وتم تقسيم الخطبة إلى 3 أسابيع وكانت عن الأكل الطيب وعمل السنة وأمن البوائق عام 1980 وأجرى أكثر من 20 بروفة داخل المسجد قبل الخطبة ليعلمنى كيف أستخدم نبرة صوتى ومتى أرفع يدى وكيفية الإلقاء بحرفية شديدة لذلك أؤكد أهمية دور المعلم لدى الطالب فى مرحلة المدرسة فى تشكيل شخصية الطفل من الصغر خاصة فى المدراس الحكومية وكان مستوى المعلم فيها مميزا فهو تعلم فيها الخط العربى المميز واللغة العربية وكيفية خروج الحروف وكيفية النطق الصحيح .
هل أصبح تعليم القرآن الكريم مختلفاً عن الماضى خاصة بعد دخول التكنولوجيا؟
قديما كان التعليم عن طريق المشايخ والكتاتيب التى ليتها تعود من جديد ولكن حاليا التعليم أصبح سهلا لمن يريد التعلم والسماع عن طريق الفيديوهات واليوتيوب فهى جائزة للتعلم طالما تحقق الشروط، وهى السماع والتلقين يقوم الطالب بسماع الشيخ والتلاوة بالطريقة التى يقولوها حتى يتقن طريقة القراءة.
يأتى إلى شخص حاصل على أعلى الشهادات ماجستير أو دكتوراه ويتحدث اللغة الإنجليزية والفرنسية بطلاقة، ولكن لا يعلم النطق الصحيح للغة العربية فهو من أكثر الأمور صعوبة، لأن المحفظ يبدأ فى هذه الحالة من البداية بتعليم كيفية نطق الحرف بالطريقة الصحيحة.
ما الطريقة التى تستخدمها فى تحفيظ القرآن الكريم؟
الطريقة التى تعلمناها على يد المشايخ والقراء قديما على شاكلة الكتاتيب، وكلما كان العمر صغيرا كان الاستيعاب والحفظ وتعليمه أسهل، فهو تعليم فى سبيل الله لم اتقاض عليه أموالا حيث اشترطت علي زوجتى أن أكمل عملى بالهندسة فهى مصدر رزقى وربحى أما القرآن الكريم فأعلمه بالمجان وفى سبيل الله.
فى رأيك.. كيف يتم إخراج قراء مميزين مثل السابق؟
نتمنى مبادرة ما بين الأوقاف والأزهر لتخريج قراء مميزين بأصوات مميزة لأن حاليا بساط القراءة والتلاوة بدأ فى أن ينسجب من المصريين، وأصبح هناك قراء من جنسيات أخرى وأصبحوا مشاهير على الرغم من أن من علمهم التلاوة مصريون لذلك لابد من مبادرة للحفاظ على التلاوات والأصوات المصرية فى القرآن الكريم، بالإضافة إلى الاهتمام بتعليم اللغة العربية واعتبار حصة الموسيقى حصة ترفيهية أدى إلى خروج أجيال لا يوجد لديها حس فنى، لابد من فتحها من جديد والاهتمام بالأذن الموسيقية للأجيال الجديدة حتى لا ينزلق النشء إلى فخ إلى الإعجاب بالمهرجانات.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة