- تصدَّر المهام وشارك جنوده فی تنفيذ الأوامر
- واجه عاماً كاملاً من العصيان بالدبلوماسية والسيف توسًّع فی فتوحاته ولم يخسر أی معركة خاضها
فى التاريخ مراحل حاسمة تتغير فيها مصائر الدول والشعوب، وربما العالم كله، ويكون دور الفرد فيها حاسما، وعلى مدى التاريخ القديم والحديث ظهر قادة وزعماء كانوا أكثر من غيرهم تأثيرا وقدرة على تغيير مسارات ألأحداث وخلال عهود مختلفة عرف العالم أبطالا أثروا فى مسارات الأحداث، وشغلوا مكانة بارزة فى تاريخ العالم، فى أوقات حاسمة، وقد ربط علماء التاريخ دور الفرد بتحولات سياسية وحضارية كبرى شكلت مصير العالم، وطوال شهر رمضان نقدم للقراء قصص أفرادا ظهروا فى زمن محدد وغيروا مسارات الأحداث، وكان لكل منهم دوره البارز فى التاريخ.
ملكاً على مقدونيا عند سن العشرين.. واجه عام من العصيان بدبلوماسية
صار الإسكندر المقدونى ملكاً على عرش مقدونيا وقائداً عاماً لجيشها عند سن العشرين عاماً، بعد مقتل والده فيليب على يد قائد حرسه الشخصى، فی ظروف متوترة للغاية كان فيها واحداً ممن أشارت إليهم أصابع الشك والاتهام حول مقتل والده فيليب، كونه أحد أهم المستفيدين من مقتله، بعدما تزوج الأخير وأنجب شقيقاً للإسكندر قد ينازعه حلم الوصول إلى المجد، ما جعله يواجه عاماً كاملاً من العصيان، بعدما ثارت عدّة مدن خاضعة لمقدونيا وانتفضت على حكّامها، بعد انتشار خبر وفاة الملك، وهو ما جعل المهمة صعبة أمام الإسكندر الذى رسخ الاستقرار السياسى فی مقدونيا بالحلول الدبلوماسية.
وبدأ الإسكندر عام 334 قبل الميلاد التحرك بجيش قوامه 48 ألف جندی من المشاة، و6,100 من الفرسان، وأسطول سفن مكوّن من 120 سفينة بلغ عدد أفراد طاقمها 38,000 نفر، أحضروا من مقدونيا ومختلف المدن اليونانية، كما ضمّ الجيش عدد من المرتزقة والمحاربين الإقطاعيين من تراقيا، وپايونيا، وأليريا، فی رحلة استمرت 11 عاماً مملوءة بالطموح والاستعمار غير فيها خريطة العالم القديم، وقرر أن يمد جيشه بسلاح مهم وهو إخافة العدو، وعبر الإسكندر مضيق الدردنيل وقد قرر غزو كل أراضی الإمبراطورية الفارسية، عندما غرز رمحًا فی البر الآسيوی بقولته الشهيرة: «قبلت آسيا هدية لشخصى من الإلهة».
هزيمة ساحقة للإسكندر أمام الفرس.. تجعله متفوقاً على آباه
اشتبك المقدونيون مع الفرس فی أوّل معركة على ضفاف نهر گرانیکوس بالقرب من موقع مدينة طروادة، وانهزم الفرس هزيمة ساحقة بمقتل نحو 50 ألف من مقاتليهم، بعدما رأوا قائدهم داريوس يهرب من المعركة، وسلّموا مفاتيح مدينة سارد عاصمة ذلك الإقليم إلى الإسكندر الذى استولى على خزائنها، ثم تابع تقدمه على طول ساحل البحر الأيونى، ضارباً الحصار على مدينة هاليكارناسوس الواقعة فی إقليم كاريا، لتكون بذلك أوّل مدينة يحاصرها، ثم تقدم الإسكندر وجيشه من هاليكارناسوس إلى منطقة ليكيا الجبلية فی جنوب الأناضول فسهل پامفيليا، فاتحًا كل المدن الساحلية الواحدة تلو الأخرى، مستولياً على الكثير من الموانئ البحرية المهمة.
وقد واصل جيش الإسكندر الزحف جنوباً حتى عبر بوابات قيليقية سنة 333 قبل الميلاد، والتقوا بالفرس ثانية عند إسوس يقودهم الشاه دارا الثالث بنفسه، فاشتبك الجيشان فی معركة حامية أسفرت عن تحقيق الإسكندر لنصر حاسم، وانكسار الجيش الفارسی وفرار الشاه ناجيًا بحياته، وغنم المقدونيون كنزًا عظيمًا، وكميات هائلة من المؤن والأسلحة، وهنا كان موقفاً حاسماً للإسكندر الأكبر حينما عرض الشاه إبرام معاهدة سلام مع الإسكندر يحتفظ الأخير بموجبها بما فتحه من الأراضى، وأن يطلق سراح عائلته مقابل 10,000 طالن، ردّ الإسكندر على هذا المقترح بأنه هو وحده من لديه الحق بتقسيم أراضی آسيا، بما أنه استحال سيدها، فلا يحق لدار أو أی كان أن يحدد له ما يحتفظ به وما يتركه.
الإسكندر وإدراكه للصورة الذهنية لدى الجنود.. صنع أسطورته مع كاليستنايس
كان الإسكندر الأكبر قد أدرك حينئذ أهمية أن يكون لديه صورة ذهنية معينة لدى الجنود، لذلك اصطحب الإسكندر الأكبر المؤرخ كاليستنايس فی رحلته مع الجيش لعمل حملات أراد بها الإسكندر أن يكون أسطورة، ذلك قبل أن تكون أبواب الشام مفتوحة على مصراعيها أمام الإسكندر الأكبر، لينشئ مدينة فی شمال البلاد على حدود الأناضول، هی «الإسكندرونة»، وواصل الإسكندر فی طريقه وراء الفرس، ليُحبط كل محاولة قد يقوم بها الأسطول الفارسی لتحريك اليونان إلى الثورة عليه، وكانت المدن الفينيقية واقعة تحت نير الاستعمار الفارسی الثقيل، ففتحت أبوابها للإسكندر واستقبلته كمنقذ مخلّص.
بعد تدمير صور، فی القصة الشهيرة الذى رغب الإسكندر خلالها أن يُقدّم الذبائح لإله صور «ملقارت»، فأبى الصوريّون عليه ذلك، إذ كانوا يعتبرون هذا العمل حقًا من حقوق ملكهم دون غيره، وهو ما اعتبرها إهانة لشخصه ودمرها، لتكون معظم المدن والبلدات الشامية للإسكندر دون قتال، إلا أنه قد واجه رفض حاكم المدينة الفارسی فتح أبوابها للقائد المقدونى، وأعلن عزمه مقاومته، وكانت غزة من أكثر مدن الشام تحصينًا، وحاول المقدونيون اقتحام المدينة ثلاث مرات متتالية، فلم ينجحوا، ولكنهم نجحوا فی المرة الرابعة بعد أن استخدموا أدوات حصار أحضروها خصيصًا من صور، لكنها كانت معركة كبيرة بلا شك، فقد أصيب بجرح خطير فی كتفه، وهو ما جعله ينتقم من أهل المدينة شر انتقام، فطال سيفه رقاب كل الرجال القادرين على حمل السلاح، وبيعت النساء والأولاد عبيدًا، كما جعل الحاكم عبرة لمن لا يعتبر، فربط قائمتيه بعربة ثم جرّه تحت أسوار المدينة، واستمر يجرّه حتى مات متأثرًا بجراحه.
دخل مصر.. فأراد أن تكون له حضارة فی كل بلد يستعمرها
تابع الإسكندر المقدونى طريقه جنوبًا بعد سلسلة الانتصارات التی تفوق فيها على أبيه، وأصبح الإسكندر مستعدا للاستيلاء على مصر إحدى أعظم إمبراطوريات العالم، فقد انبهر الأغريق بالحضارة المصرية، وفى خريف عام 332 قبل الميلاد، دخل الإسكندر الأكبر مصر ولم يجد أی مقاومة من المصريين ولا من الحامية الفارسية عند الحدود ففتحها بسهولة، ثم عبر النيل ووصل إلى العاصمة منف، فاستقبله أهلها كمحرر منتصر.
ولم يترك الإسكندر الأكبر الأمور عند انتصاراته للمجالات العسكرية وفقط، لكنه كان مهتماً أن تكون له بصماته الخاصة وثقافته التی يريد أن يخلدها، فقد أقام مهرجانًا ثقافيًا ترفيهيًا على النمط الإغريقی احتفالاً بهذا الفوز العظيم، كبداية لوضع حضارة جديدة، واتجه بعدها إلى ساحل البحر المتوسط، وكلف أحد معاونيه بالإشراف على بناء مدينة على الشاطئ بالجزيرة، على أن تحمل المدينة الجديدة اسم القائد المقدونى، وهی محافظة الإسكندرية.
المصريون وضعوا صوره على بعض الجدران المقدسة، وتُوج الإسكندر فرعونًا على مصر وسُمی ابنًا لكبير آلهتها، آمون، ويروی المؤرخون أن الإسكندر الأكبر عند اختياره للإسكندرية كی تكون عاصمة لإمبراطوريته، استهدى فی ذلك بتوجيه معلمه الروحی هوميروس صاحب ملحمتی الإلياذة والأوديسة، والذی ظهر للإسكندر فی الحلم، وأنشده أبياته المشهورة من ملحمة الأوديسة عندما التجأ بطل الملحمة ورفاقه إلى جزيرة فاروس.
أساليب جديدة فی القتال.. المطرقة والسندان وإخافة العدو
كان لا يزال داريوس هو العدو اللدود للأسكندر الأكبر، فسار الإسكندر بجيشه متجهًا إلى عقر دار الفرس معتزمًا القضاء على قوتهم العسكرية، فوصل بلاد ما بين النهرين، وكان الشاه دارا الثالث قد حشد جيشًا تفوق على جيش الإسكندر الأكبر بنحو ثلاثة أضعاف، وكان أول من اتخذ أسلوب المطرقة والسندان بكل احترافية، واستفاد الإسكندر من طبيعة المكان وقتها وقهره، وعبر الإسكندر الأكبر بعدها جبال زاغروس ولجوئه إلى همدان، بعد ذلك دخل الإسكندر بابل، عاصمة الفرس، مكللاً بالظفر، واستقبله أهلها بالترحاب، وأعطى الأمان للناس ومنع جنوده من دخول البيوت دون إذن أصحابها أو أن يسلبوا شيئًا.
هزم 100 فيل فی الهند.. وتغلب على صعوبة التضاريس
وفى عام 329 قبل الميلاد، تقدم نحو أفغانستان، يواجه تحديا أكبر وهى جبال الهند المحرمة، بجيش مكون من 30 ألف مقاتل، فی طقس عاصف من الأمطار والعواصف الثلجية، وفى أماكن ضيقة جداً، جعلت الجنود يمشون على شكل طابور مفرد لأميال، ولكن الإرادة الحديدة دفعتهم للتحرك فی واحدة من أهم انتصارات الإسكندر الأكبر، ومنها إلى الهند التی حشدت 50 ألف رجل فى جيش قوى يضم 100 فيل، لكنه استطاع أن يبرز أسلوب جديد فی محاربة الهنود عن طريق إغضاب الأفيال بالرماح، ما دفعها إلى الانقلاب إلى الهنود بقدر اندفاعها على الإغريق.
لم يكن الإسكندر الأكبر ذلك القاسى كما وصفه المؤرخون، متصلباً برأيه، ولكنه كان يستمع للآخرين، فحينما أضعفت المواجهة مع پور جنوده، وقللت من شجاعتهم، وخففت من عزيمتهم ورغبتهم فی التقدم شرقًا داخل الهند، عارضوا الإسكندر ووقفوا بوجهه بعناد عندما قرر اجتياز نهر الگنج الذی زُعم أن عرضه يصل إلى اثنين وثلاثين فرلنغ، وعمقه إلى مائة قامة، حاول الإسكندر إقناع جنوده بالتقدم شرقًا لفترة قصيرة بعد، لكنه لم يُفلح، وتدخل أحد قادته، وهو كوينوس، وتوسله أن يعدل عن رأيه ويعود أدراجه، قائلاً: «لقد تاق الرجال لرؤية أبائهم وأمهاتهم، وزوجاتهم وأولادهم، وأرضهم وأوطانهم»، فاقتنع الإسكندر بكلامه، وبلّغ جنوده أن يستعدوا للعودة إلى بلادهم.
لم شمل جنوده فی اليونان.. واستخدم حيله فی إجبارهم على توحديهم مع الفرس
كان الإسكندر الأكبر دائم الحرص على وحدة جنوده، فبعدما وصولوا إلى سوسة، اكتشف الإسكندر أن العديد من حكّام الأقاليم الذين عينهم أساؤا التصرّف فی غيابه، فأقدم على إعدام أغلبهم ليكونوا عبرة لغيرهم. كما قام بدفع الرواتب المستحقة لجنوده، كبادرة شكر وامتنان لهم على ما قدموه من التضحيات، وأعلن أنه سيُرسل قدامى المحاربين وأولئك الذين أصيبوا بإعاقة جسدية إلى مقدونيا، ولما أساء الجنود فهم نيته، وأعلنوا العصيان، ورفضوا أن يعودوا إلى وطنهم الأم اعتقادًا منهم أن الإسكندر ينوی استبدالهم بعساكر فارسية، أو دمج الوحدات الفارسية بالوحدات المقدونية، فأقدم هو بذكاء شديد على تعيين عدّة ضباط فرس فی جيشه، ومنح ألقابًا عسكريةً مقدونيةً لعدد من الوحدات الفارسية، فارتمى المقدونيون عند أقدامه يرجونه أن يعدل عن قراره ويطلبون منه السماح، غفر الإسكندر لجميع جنوده الذين تمردوا عليه، وأقام لهم مأدبة طعام فاخرة شارك فيها الآلاف، بل وأراد أن يوحد المقدونيين والفرس، فأمر ضبّاطه الكبار أن يتزوجوا بأميرات فارسيات، وأقام لهم حفل زفاف جماعی فی سوسة.
رحيل يشبه حياة الأسطورة.. وفاة لم يُكتشف سببها وجثة لم يتعرف العالم على مكانها
وبحجم أسطورة الإسكندر الأكبر، لم يكن مشهد رحيله عادياً، بل إنه أكبر لغز أثرى فی العالم حتى الآن، فقد توفى الإسكندر فى ببابل، سنة 323 قبل الميلاد، وله من العمر اثنان وثلاثون سنة، وقد اختلف المؤرخون فى تحديد أسباب الوفاة، البعض قال إن قبل وفاة الإسكندر بحوالى 14 يومًا، كان قد استقبل أحد أصدقائه وأمضيا الليل بطولة يتسامران ويشربان الخمر، حتى مطلع الفجر، بعد ذلك أصيب بحمّى قوية، استمرت بالتفاقم حتى أضحى عاجزًا عن الكلام، وخشى عليه جنوده وأصابهم القلق، فمنحوا الأذن بأن يصطفوا بالطابور أمامه ليسلموا عليه، وقد ردّ عليهم السلام بالإشارة، وآخرون رجحوا وفاته بمرض الملاريا، وآخرون توقعوا أن قد تعرض للخيانة ومات مسموماً.
وضع جثمان الإسكندر فى تابوت ذهبى مصنوع على هيئة البشر، وأثناء سير جنازته من مدينة بابل إلى مقدونيا اعترضها بطليموس وحول خط السير إلى مصر، وفيها حنِط جثمانه، ثم نقل الجثمان إلى الإسكندرية، وبعدها نقل جثمانه المحنط من التابوت الذهبى إلى آخر زجاجى، بهدف تذويب الذهبى، وصك العملات الذهبية منه، وبحسب كافة المراجع التاريخية فأغلب الآراء تتجه إلى أن الإسكندر دفن فى مصر، وبالتحديد فى مدينته التى سميت نسبة إليه «الإسكندرية»، بينما يعتقد بعض المؤرخون بأن لبنان والعراق وأثينا هى أماكن متوقع العثور فيها على مقبرة الملك المقدونى.
الرجل الذى لم يصنع المجد بالسلاح.. لكن بالعقل أيضاً
لا يمكن وصف الفترة التی قضاها الإسكندر الأكبر فی صناعة مجده بالطويلة، عامين على أقصى تقدير، ولكنها كانت فترة كافية ليبقى الإسكندر الأكبر اسماً خالداً فی صفحات التاريخ، ولا يهتم التاريخ كثيراً بالتفاصيل قدر ما يدون النصر أو الهزيمة، وبالإسقاط على الإسكندر الأكبر، فهذا الرجل لم يخسر أی معركة خاضها، ولم يخلد التاريخ حكايات انتصاراته فقط، بل إنه خلد ما هو أهم من ذلك، أقواله المأثورة التی هی الآن فی أمهات الكتب بين يدى معلمى الحروب، والاستراتيجيات العسكرية، وبداخل البيوت، وبين أنامل الأجيال الصغيرة التی يريد آباؤها أن يعلموهم معنی الصبر والانتصار، فضلاً عن مواقف يمكن إدراجها فی نصوص التدريبات علی القيادة القوية، هی إرثاً حقيقياً يستحق النظر.
فعلى الرغم مما تناوله المؤرخون عن اعتداد الإسكندر بذاته، إلا أن ما قيل على لسانه يدل على دراية هذا القائد بطبائع البشر، وإدراكه أن الإنسان هو مرآة لأفعاله عندما قال «تذكر أن مصير الجميع يتوقف على سلوك كل منا»، وتنطوى مقولات الإسكندر الشهيرة على حكمة صنتعها المعارك، وخبرة صنعها الاحتكاك بالبشر، وهو من تحدث عن الأصدقاء كاشفاً كيف كان يرى أتباعه وكيف وضع الحقيقة أمام ناظريه مدركاً قيمة أن يكرهك أحدهم بدلاً من أن يحبك، فرأى فی الحب خطر قد يفوق خطر الكراهية.
«لقد استفدت من أعدائى أكثر مما انتفعت من أصدقائى، لأن أعدائى كانوا يعايروننى ويكشفون لى عن عيوبى، وبذلك أتنبه إلى الخطأ فاستدركه، أما أصدقائى فإنهم كانوا يزينون لى الخطأ ويشجعوننى عليه»، ولم تتوقف مقولات الإسكندر الأكبر عن الكشف عن طبيعة شخصيته المقاتلة عندما قال: «لا شىء مستحيل على من يحاول»، وبالنظر لمقاتل عظيم طاله ما طاله من أحلام السيطرة، فلم يكن الإسكندر بعيداً عن خط جنون السيطرة الذى أطاح بعشرات القادة على مر التاريخ، فهو من قال: «لا تتحمل السماء شمسين، ولا تتحمل الأرض سيدين».
أدرك الإسكندر الأكبر قيمة الكلمة، كإدراكه بأن السيف وحده لا يكفى لصناعة أمة تحمل له الولاء، فعلى الرغم من سيطرة السيف علی مواقف حياته وإيمانه بالقوة سبيلاً للوصول، إلا أنه صاحب المقولة الشهيرة «اعطونى لسان خطيب واحد وخذوا منى ألف مقاتل»، وهذا وإن دل فإنه يدل على عظمة الكلمة ذات التأثير الذی قد يفوق قوة السيف أحياناً، والحكمة التى تصنع قائداً عظيماً مهما بلغت قوة سيفه فهو من قال «رجلان يصلحان للملك، حكيم يملك، أو ملك يلتمس الحكمة»، فكان حقاً ملكاً دائماً ما التمس الحكمة.