قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" في تقرير لها، إن قرار قطر سحب جنسيتها تعسفياً من أسر من عشيرة الغفران، ترك بعض أفراد العشيرة من دون جنسية لمدة 20 سنة، وحرمهم حقوقهم الأساسية، وحقوقهم في العمل اللائق، والحصول على الرعاية الصحية، والتعليم، والزواج وتكوين أسرة، والتملك، وحرية التنقل.
وأضافت المنظمة فى تقريرها الذى نشره موقع الإمارات اليوم إن أفراد عشيرة الغفران يعتبرون عديمي الجنسية، لأنهم محرومون من وثائق الهوية السارية، والمقيمون منهم في قطر يواجهون قيوداً على فتح الحسابات المصرفية والحصول على رخص القيادة، ويتعرضون للاعتقال التعسفي، ومحرومون أيضاً من مجموعة من المزايا الحكومية المتاحة للمواطنين القطريين، كالوظائف الحكومية، ودعم الغذاء والطاقة، والرعاية الصحية المجانية.
وقالت مديرة قسم الشرق الأوسط بالإنابة في هيومن رايتس ووتش، لما فقيه: ينبغي على الحكومة القطرية إنهاء معاناة أولئك الذين يعيشون بلا جنسية فوراً، وأن تمنحهم، هم ومن حصلوا منذ ذلك الحين على جنسيات أخرى، مساراً واضحاً نحو استعادة جنسيتهم القطرية.
وقابلت المنظمة 9 أفراد من ثلاث عائلات بلا جنسية من عشيرة الغفران يعيشون في قطر، وشخصاً آخر من عائلة رابعة يعيش في السعودية، وتضم العائلات مجتمعة 28 فرداً عديمي الجنسية.
وقال رجل (56 عاماً)، سُحبت جنسيته هو وأطفاله الخمسة في 2004: «ليس لدي أي ممتلكات باسمي، لا بيت، لا دخل، لا بطاقة صحية، ولا يمكنني حتى فتح حساب مصرفي، كما لو أن لا وجود لي، عندما أمرض بدلاً من الذهاب إلى الطبيب أو المستشفى أتناول مسكناً للألم لا يحتاج إلى وصفة طبية».
وأوضحت المنظمة أنها راسلت وزارة الداخلية القطرية، في 29 أبريل الماضي، للإعراب عن قلقها بشأن وضع عشيرة الغفران، لكن لم يتم الرد على الرسالة حتى إعداد التقرير الصادر أمس، وأخبر العديد من ممثلي العشيرة المنظمة أن الإجراءات الموجهة ضدهم بمثابة عقاب جماعي بدأ عام 1996، وأكدوا أنهم لم تكن لديهم جنسية ثانية عندما سُحبت جنسيتهم القطرية، ولم يتلق أي منهم أي اتصال رسمي أو مكتوب يوضح سبب سحب جنسيتهم أو يمنحهم فرصة للطعن.
وطلب الأشخاص الذين قابلتهم المنظمة إخفاء هويتهم خوفاً من انتقام الحكومة القطرية منهم، وأكدوا أنهم اعتمدوا على مساعدات أشخاص متعاطفين مع وضعهم لتغطية احتياجاتهم الأساسية، نظراً إلى افتقارهم إلى وثائق هوية سارية، واضطرارهم إلى الإقامة في دول خليجية أخرى، ولم يتمكنوا من الحفاظ على دخل ثابت، وكافحوا ليعيشوا حياة كريمة.
وقالت 3 أسر عديمة الجنسية تعيش في قطر، إن كل المنازل التي سكنتها منذ سحب الجنسية تبرعت بها جمعيات خيرية أو أقاربها، ولم يتمكن أي من الأطفال الذين سُحبت جنسيتهم قبل سن 18 عاماً من مواصلة التعليم العالي، أو الحصول على عمل مُجدٍ، أو الزواج وتأسيس أسرة، والوثائق التعريفية الوحيدة لدى الكثير من الذين قابلتهم المنظمة كانت جوازات السفر وبطاقات هوية وبطاقات صحية قطرية منتهية الصلاحية؛ وفي بعض الحالات مجرد نسخ عنها.
وأشار تقرير المنظمة إلى أنه بالنسبة للجيل الأصغر، حتى هذه الوثائق نادراً ما تُفيدهم لأن صورهم عليها التُقطت عندما كانوا أطفالاً صغار أو مراهقين، والذين وُلدوا بعد سحب جنسية أسرهم لا يمتلكون إلا شهادات ميلاد من دول خليجية مختلفة، الكثير منها يبيّن جنسيات الوالدين كقطريين.
وأوضح نشطاء من "الغفران" أنه نظراً إلى نقص الشفافية المرتبط بسياسة قطر لإعادة الجنسية، فإن الخوف والشك ينتشران في مجتمعهم، وقالت إحدى النساء: "أولئك الذين استعادوا جنسياتهم يخشون مثلنا التحدث بصراحة، لأنهم يخشون فقدانها ثانية».
ولم يستطع أي ممن سُحبت جنسيتهم قبل بلوغهم الـ18 متابعة التعليم العالي، حتى لو كان بإمكان عائلاتهم دفع الرسوم الدولية الأعلى، وكذلك كان تقييد الحق في السفر الشكوى الرئيسية لدى من قابلتهم المنظمة، وقال رامي (33 عاماً)، الذي كان في العاشرة من عمره عندما سحبت السلطات القطرية الجنسية منه ومن أسرته المكونة من تسعة أفراد، إن التجول داخل قطر يُعد صعباً لأنه لم يتمكن هو وإخوته من الحصول على رخص القيادة من دون وثيقة تعريفية سارية، مضيفاً: بعضنا لم يسبق له رؤية طائرة من الداخل.
وأكد التقرير أن العديد من أفراد عشيرة الغفران، ممن انتهى بهم المطاف منفيين نتيجة لحرمانهم التعسفي من جنسيتهم، حُرموا من ممتلكاتهم بما فيها منازلهم بقطر، وقال (عبدالعزيز - 34 عاما) إن عائلته جُردت من جنسيتها في 1996، وأجبرت على مغادرة قطر في 2002، وفي 2005 بعد مغادرة العائلة أجبر والده على بيع المنزل، وإلا سيواجه احتمال مصادرة الحكومة له.
وتعيش العائلات الثلاثة التي قابلتها المنظمة بقطر، في منازل تبرعت بها جمعيات خيرية أو أقاربها ممن يحتفظون بجنسيتهم القطرية، وأكد أفراد العائلات أنهم يواجهون قيوداً على شراء العقارات وامتلاكها، وفتح حسابات مصرفية، وحتى شراء خطوط الهاتف والإنترنت، وبعد فترة وجيزة من عودتهم إلى قطر، قالت والدة (رامي)، التي استعادت جنسيتها قبل بضع سنوات، إنها عادت إلى منزل أسرتها القديم لمعاينته، لتكتشف أن السلطات سلمته إلى أسرة أخرى، وتعيش أسرة (رامي) الآن في منزل تبرع به أخواله.
وأشارت المنظمة إلى أنه بحسب تقارير إعلامية وتقارير وزارة الخارجية الأمريكية واللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، فقد جردت الحكومة القطرية في 2004 ما بين 5000 و6000 شخص من جنسيتهم، ويصل هذا العدد إلى 10 آلاف بحسب أحد التقديرات، وبعضهم فقد على الفور وظيفته، واعتقل بعضهم ورُحّلوا وألغيت جوازاتهم، أما الآخرون الذين كانوا خارج البلاد فقد مُنعوا من الدخول.
ومن المقرر أن يُجري مجلس حقوق الإنسان، التابع للأمم المتحدة، استعراضه الثالث لسجل قطر الحقوقي في إطار «الاستعراض الدوري الشامل»، بعد غد، وخلال العامين الماضيين، ناشد نشطاء من الغفران مجلس حقوق الإنسان لمساعدتهم في استعادة الحقوق المفقودة لعشيرتهم، وفي أكتوبر الماضي طُرحت القضية في ورقة مشتركة مقدّمة إلى الاستعراض من الحملة العالمية من أجل حقوق المساواة في الجنسية ومعهد عديمي الجنسية والإدماج ومركز تفعيل الحقوق.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة