هل يوجد عوالم أخرى غير عالم الإنس والجن والحيوان والجماد كالمخلوقات الفضائية مثلا؟.. بالتأكيد إن الله سبحانه وتعالى، قادر على كل شىء، لكن ما يشاع بخصوص التواصل مع الكائنات الفضائية، هو أمر لم يثبت حتى الآن، فهناك رأى يرى أن ما يشاع عن وجود كائنات فضائية ما هو إلا لغط سياسى يتعلق ببرامج أسلحة وتجارب سرية تلجأ إليها بعض الدول لتغطية ما تقوم به، وآراء تؤكد إمكانية ذلك وأنها لا تخالف العقل والشرع، ورأى ثالث يرى ضرورة التوقف عن الحديث فى مثل تلك الأمور وأنها من الغيبيات .
وفيما يخص وجود عوالم أخرى فالشرع هنا محايد لأن ذلك من الجائز شرعا وعقلا فأحكام العقل ثلاثة الواجب والمستحيل والجائز، و لقد دلَّت جميع البحوث الكونية على وجود الحياة فى الكون ففى هذا الكون أكثر من مئة ألف مليون مجرة، وفى كل مجرة أكثر من مئة ألف مليون شمس كشمسنا فيكون احتمال وجود كواكب هو احتمال قوى جداً واحتمال الحياة على ظهرها هو أيضاً احتمال قائم وممكن، لكن كيفيتها وشكلها هو ما لم نعرفه.
الدكتور محمود مهنى
من جانبه قال الدكتور محمود مهنى، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، يقول الله تعالى "وهو الذى خلق السماوات والأرض في ستة أيام"، وقال تعالى: "أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها ومالها من فروج"، وقال تعالى: "ومن آياته خلق السماوات والأرض وما بث فيهما من دابة وهو على جمعهم إذا يشاء قدير"، وأثبت العلماء أن هناك خلقًا غير الإنسان وهناك مخلوقات لا يعلمها أحد إلا الله وما الأرض التى نعيش عليها والسماء التى تظلنا إلا جزء من مخلوقات الله، وهناك عوالم لا يعلمها إلا ملك الملوك وعلام الغيوم.
من جانبه قال الدكتور مختار مرزوق، عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر السابق، إن هناك آية فى القرآن تقول "ومن آیاته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانکم إن في ذلك لآيات للعالمین"، وهى تدل على إمكانية وجود عوالم أخرى ولكن ليسوا من البشر، وما يشاع عن التواصل مع مخلوقات فضائية أكاذيب علمية.
الدكتور حمد الله الصفتى
من جانبه قال الدكتور حمد الله الصفتى، من علماء الأزهر الشريف، إن فكرة العوالم الموازية، ووجود كائنات أخرى فى كواكب أخرى، أطروحة ليست جديدة على الفكر الإنساني، بل قد حاول كثير من المفكرين والعلماء البحث في هذا الإطار، من أجل تفسير كثير من الظواهر غير الطبيعية التي وقعت بالفعل، ومشهورة هي قصة «شبح قصر هامبتون» التي تعد فكرة العوالم الموازية أحد التفسيرات المطروحة لها.
ومن المؤكد أن كثيرًا منا لا يزال يذكر فى مسلسل ألف ليلة وليلة قصة الشاب «ماندو» الذى عاش حياة تعسة فى حين أراد أن يتزوج بنت السلطان، وعندما أكرمه الله بثلاث تفاحات ذهبية كى يقدمها مهرا للأميرة، مكر به الوزير ووضع جوهرة تاج السلطان فى خزانة ملابسه ليتهمه الملك بالسرقة، فهرب من سجنه، وأخذ فى النواح على حظه التعس، عندها وجد كائنين غريبين أخذاه عنوة إلى كوكب بعيد فى أطراف المجرة، وقدموه إلى ملكهم بادعاء أنه يتكلم بحكمتهم، وقد يكون توصل إلى علومهم، فلما شرح للملك مصيبته، تبصر الملك حاله، ووعده بمساعدته عن طريق إرساله إلى عالم مواز لعالمه، يجد فيه «ماندو» آخر قد حل مشكلته بالفعل، وأصبح هو فيما بعد وفاة الملك ملكا، ليتعلم منه كيف يحل هو أيضا مشكلته.
فى عام 1954م، جاء «هيو إيفيرت» المرشح للدكتوراه من جامعة «برنسيتون» بفكرة تقول: إنه يوجد أكوان متوازية، تشبه كوننا تماما، وأن هذه الأكوان على علاقة بنا، بل إنهم متفرعون عن كوننا، كما أن كوننا متفرع أيضاً من أكوان أخرى، وفى هذه الأكوان المتوازية: حروبنا لها نهايات مختلفة عما نعرف، والأنواع المنقرضة فى كوننا تطورت وتكيفت مع الآخرين، وفى أكوان أخرى ربما نحن البشر أصبحنا فى عداد المنقرضين
كان «إيفريت» بفكرته يحاول الإجابة عن سؤال صعب متعلق بفيزياء الكم: لماذا الأجسام الكمية تتصرف بشكل غير منضبط؟ ،ونحن إذا نظرنا إلى القرآن الكريم، لا نكاد نجد نصا واحدا صريحا يمنع من فكرة العوالم المتوازية، بل ربما كانت هناك نصوص تدعم فكرة وجود كائنات فى عوالم أخرى غير عالمنا، لا على سبيل القطع والجزم، ومن ذلك قوله تعالى: ﴿أَوَلَيْسَ الَّذِى خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ﴾، فالآية تشير إلى خلق سماوات وأراضين، ربما تكون بشكل متكرر ومتعدد وقد يكون لا نهائيا.
كما يوجد بعض الآيات التى ذكر بعض المتأخرين من أهل العلم أنها أشارت إلى وجود عوالم أخرى على كواكب أخرى غير عالم الجن والإنس والملائكة، منها قوله تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ)،فقالوا: إن قوله تعالى: ﴿وما بث فيهما من دابة...﴾ يشير إلى وجود دواب فى السماوات والأرض. والسماء فى لغة العرب معناها العلو فهى من سما يسمو إذا علا فكل ما علا الإنسان فهو سماء، وبالتالى فالكواكب يقال لها سماء.
وقالوا: إن لفظ (دابة) يدل على أنها مخلوقات غير الملائكة لأن الله عز وجل فرق بين الدواب والملائكة فى الذكر فى قوله: (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِى السَّمَاوَاتِ وَمَا فِى الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلائِكَةُ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُون)، فذكر دواب السماوات ودواب الأرض ثم أخر ذكر الملائكة، وبمثل هذه الآيات ذكر بعض أهل العلم أنه لا مانع من أن تكون هذه إشارة إلى وجود عوالم أخرى. ولكن لا ينبغى القطع بمثل هذا، لأن مثل هذه الآيات تحتمل أكثر من وجه من التأويل.