قال سفير وفد الاتحاد الأوروبى بالقاهرة، إيفان سوركوش، إن مصر تعد دولة شريكة مهمة للاتحاد الأوروبي ، وواحدة من أهم الدول التي تلعب دوراً مهما بالمنطقة، مؤكدا أن الاستقراروالأمن المستدام لمصر في غاية الأهمية ليس للمصريين وحدهم، بل للمنطقة كلها وللاتحاد الأوروبى ، مضيفا فى كلمته فى حفل الافطار السنوى الذى استضافه فى مقر إقامته مساء اليوم الثلاثاء ، أن الاتحاد الأوروبي يؤمن أن قوة جارى هى قوتي، وهذا ما يطبقه في علاقته بمصر.
وحول العلاقات الإستراتيجية مع مصر، أشار السفير سوركوش ، إلى انعقاد أول قمة تعقد على مستوى رؤساء الدول والحكومات بين الاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية ، والتي استضافتها مدينة شرم الشيخ في شهر فبراير الماضي، قائلا : إن القمة شهدت نقاشات عميقة حول مختلف الموضوعات التي تستهدف تعزيز التعاون بين أوروبا والعالم العربي، واتفق القادة المشاركون على أن تعزيز التعاون الإقليمي هو السبيل إلى إيجاد حلول مشتركة لمواجهة التحديات المشتركة ، كما أكدوا على التزامهم بخلق فرص جديدة باتباع نهج تعاوني يضع الأشخاص، لاسيما المرأة والشباب، في جوهر العمل المشترك الجاري ، و كذلك أقرت القيادات المشاركة في القمة الدور المحوري الذي يلعبه المجتمع المدني في هذا الشأن، واتفقوا أيضًا على دفع التعاون الاقتصادي والالتزام بوضع جدول أعمال محدد خاصًة في مجالات التجارة، والطاقة، والعلوم، والبحوث، والتكنولوجيا، والسياحة، والزراعة، وغيرها من المجالات الأخرى ذات المنفعة المتبادلة.
وأعرب سفير وفد الاتحاد الأوربى ، عن ثقته في أن تلك القمة هي خطوة أولى على الطريق الصحيح لتعزيز التعاون بين الجانبين ، مضيفا أن مصر هي الجارة الأكثر أهمية في دول الجوار جنوب البحر المتوسط وتجمعها مع الاتحاد الأوروبي علاقات إستراتيجية تطورت بشكل كبير على مدار السنوات الماضية.
وأكدإيفان سوركوش ، أن إجمالي التزاماتنا الممثلة في المساعدات التي يقدمها الاتحاد الأوروبي إلى مصر والتي تبلغ ما يزيد عن مليار و 400 مليون يورو في شكل منح تعبِّر بشكل واضح عن ثراء تعاوننا ، موضحا أن هذا يشمل مختلف القطاعات مثل البنية التحتية والمياه والطاقة والتعليم والبحث العلمي وريادة الأعمال والتنمية الاجتماعية والحوكمة وغيرها من المجالات التي تعود بالنفع على المصريين.
وأكد سوركوش ، أن الاتحاد الأوروبي يدعم رؤية مصر في أن تصبح مركزًا إقليميًا للغاز؛ حيث يمكن استخدام منشآت الغاز الطبيعي المُسال المصرية في إدكو ودمياط لتصدير الغاز وتسهيل التعاون الإقليمي مع دول أخرى في شرق البحر المتوسط. هذا سيعطي دفعة جيدة للاقتصاد المصري، إضافة إلى تحسين استقرار الطاقة في المنطقة ، مضيفا في كلمته أن ميناء أنتويرب ، على وجه الخصوص يوفر الدعم اللازم لمساعدة مصر على أن تصبح مركزًا رئيسيًا للتزويد بالوقود بما في ذلك الغاز الطبيعي المسال والنفط وسيعمل مع مصر في الفترة القادمة لتحقيق هذا الغرض.
وتابع قائلا تعاوننا يشمل بالفعل القطاعات الأخرى أيضا مثل الكهرباء لاسيما مع زيادة الطلب ، ولفت إلى أن الحكومة المصرية تتخذ إجراءات في الاتجاه الصحيح من خلال "استراتيجية الطاقة المستدامة 2035" الجديدة ، والتي تم تمويلها من قبل الاتحاد الأوروبي. كما شاركنا في تمويل مزرعة الرياح في خليج الزيت بطاقة 240 ميجاوات، ونقوم حاليا بتمويل مزرعة رياح أخرى قيد الإنشاء في خليج السويس بطاقة 250 ميجاوات.
وقد حقق قطاع الطاقة في مصر تقدمًا كبيرًا في مجالات النفط والغاز والكهرباء، إننا نرى أن أحد أقوى الإنجازات هو الالتزام المستمر برفع الدعم عن الطاقة، وموافقة المجلس الأعلى للطاقة على استراتيجية الطاقة المستدامة المتكاملة 2035 ، وإصدار تشريعات لتحديث وإصلاح السوق (مثل قوانين الكهرباء والطاقة المتجددة والغاز)، وغيرها من الإنجازات. كل ذلك يعمل على تزويد مجتمع المستثمرين بأسس غير تمييزية وأكثر شفافية واستقرارًا بما يُعِيد الثقة في الاستثمار في هذا القطاع.
دعم التعليم في مصر
وحول التعليم، قال إيفان سوركوش إن الاتحاد الأوروبي من الداعمين الأساسيين لقطاع التعليم في مصر؛ حيث نركز على زيادة فرص الوصول إلى التعليم للأطفال الأكثر احتياجا، بالإضافة إلى تحسين جودة التعليم. كما أننا ندعم أيضًا تحديث وتحسين جودة نظام التعليم العالي المصري، لا سيما من خلال برنامج ERASMUS + .
وأشار إلى أهمية التعليم الفني في صنع حاضر ومستقبل مصر. يدعم الاتحاد الأوروبي برنامجا للتعليم والتدريب الفني والمهني بمنحة قدرها 50 مليون يورو، والذي يتم تنفيذه حتى عام 2021 ويهدف إلى تحسين وتعزيز هيكل وأداء نظام التعليم والتدريب المهني والفني للاستجابة بشكل أفضل للاحتياجات الاجتماعية والاقتصادية وزيادة القدرة التنافسية.
وفيما يتعلق بالتعاون المستقبلي، أوضح السفير سوركوش ، أن الأوروبي اتفق على أن يكون دعم الإصلاح الحكومي في قطاع التعليم كأولوية لخطة العمل السنوية للاتحاد الأوروبي في مصر لعام 2019 بمبلغ 25 مليون يورو وذلك لتوفير الخبرة اللازمة وبناء القدرات للوزارة والمعلمين والمديريات المحلية لإدارة الإصلاحات الجارية بكفاءة والنجاح في تحسين جودة التعليم.
وبالحديث عن البحث والابتكار، فإن الاتحاد الأوروبي ومصر لديهما رؤية إستراتيجية مشتركة في هذا المجال ونتعاون فيه من خلال برنامج H2020. يهدف Horizon 2020 إلى تعزيز البحث والابتكار بِوَصفِهِما مُساهِمين في النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل والشمول الاجتماعي والتنمية المستدامة والتصدي للتحديات العالمية المُلِحَّة. وقد دعم برنامج هورايزون 41 مؤسسة مصرية والعديد من مشاريع البحث والتطوير التي تغطي مختلف المجالات، مثل الأمن الغذائي وإدارة المياه والمناخ؛ حيث بلغت الميزانية الإجمالية لهذه المشاريع حوالي 100 مليون يورو.
وأضاف ، أن التعاون بيننا في البحث والتطوير مهم للغاية في السياق الإقليمي كذلك. فنحن نواجه تحديات مشتركة ملحة في منطقة البحر المتوسط. المنطقة معرضة بشدة لتأثيرات تغير المناخ. كما أن هناك ضغطا متزايدا على موارد المياه والطاقة لاستخدامات مختلفة. وبسبب النمو السكاني، سيكون هناك حوالي 520 مليون شخص لإطعامهم في المنطقة بحلول عام 2020. ونتيجة لذلك، فإن تحقيق قدر أكبر من الأمن الغذائي يُمَثِّل قضية رئيسية للاستقرار الاقتصادي والاجتماعي والسياسي.
ويلعب البحث والتطوير دورًا مهمًا في معالجة هذه القضايا... ولهذا السبب قمنا بتمويل PRIMA، (الشراكة من أجل البحث والابتكار في منطقة البحر المتوسط). تعد PRIMA أكبر مبادرة للبحث والابتكار في تاريخ منطقة البحر المتوسط (2018-2028 ، 497 مليون يورو).
وتهدف الشراكة إلى إيجاد طرق جديدة لتحسين توافر المياه والإنتاج الزراعي المستدام في منطقة تعاني بشدة من تغير المناخ والنمو السكاني. كما أنها ستتناول قضايا ملحة ومهمة مثل الصحة والرفاهية والأسباب الجذرية للهجرة. يتم تمويل PRIMA جزئيًا بواسطة برنامج هورايزون 2020 بمبلغ يصل إلى 220 مليون يورو، بينما تأتي باقي الميزانية من الدول التسعة عشر المشاركة، ومن بينها مصر التي تساهم بمبلغ 30 مليون يورو.
دعم المرأة
كما أشارسفير الاتحاد الأوربى ، إلى أهمية الدور الذي تلعبه المرأة في صياغة حاضر ومستقبل الدول ، مؤكدا إن المساواة بين الجنسين من القيم الأساسية للاتحاد الأوروبي ونحن نعمل على تعزيز وحماية حقوق النساء والفتيات داخل الاتحاد وخارجه.
وفي إطار خطة عمل الاتحاد الأوروبي الخاصة بالجندر (2016-2020)، فإن الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء يلتزمون بدعم مصر في مجالات منع العنف ضد النساء والفتيات والحماية منه؛ والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتمكين المرأة؛ ودعم صوت المرأة ومشاركتها. وهذا الالتزام بشأن المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة يمثل أولوية رئيسية لتعاوننا مع مصر؛ حيث ينعكس ذلك في أولويات الشراكة بيننا للفترة من 2017 إلى 2020 والتي اتفقنا عليها بشكل مشترك. ويسعدني القول إن هذا الالتزام القوي تتم ترجمته من خلال المساعدة الإنمائية التي نقدمها والخاصة بحقوق المرأة وتمكينها؛ حيث وصلت قيمتها منذ عام 2012 إلى 20 مليون يورو.
الاستثمار والتجارة
وأضاف سفير الاتحاد الأوربى ، أن الاستثمار والتجارة من الأمور الأساسية في علاقتنا مع مصر. الاتحاد الأوروبي هو أكبر مصدر للاستثمار الأجنبي المباشر في مصر. بلغت تَدَفُقَات الاستثمار الأجنبي المباشر الواردة من دول الاتحاد الأوروبي في السنة المالية الأخيرة (2017-2018) حوالي 8 مليارات دولار (أكثر من 60٪ من إجمالي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الواردة). تشير أحدث الأرقام إلى أن الاستثمار الأجنبي المباشر من الاتحاد الأوروبي في الربع الثالث من عام 2018 كان حوالي 1.6 مليار دولار، بينما جاءت الولايات المتحدة في المرتبة الثانية متأخرة كثيرا عن الاتحاد الأوروبي حيث بلغت استثماراتها 600 مليون دولار فقط. علاوة على ذلك ، فإن الاستثمار الأجنبي المباشر الأوروبي الذي يتدفق سنويًا إلى مصر يزداد بشكل ملحوظ ، من 5.6 مليار دولار أمريكي في السنة المالية 2012/2013 إلى 8 مليارات دولار في 2017/2018 وهو ما يمثل نموًا بنسبة 43٪ على مدار الأعوام الستة الماضية (بيانات البنك المركزي) ، قائلا : اسمحوا لي أن أغتنم هذه الفرصة لأعلن أنه كجزء من التزامنا بدعم القطاع الخاص والاستثمارات وخلق فرص العمل، فإنني سننظم مع شركائنا في مصر مؤتمر قناة السويس للاستثمار في نوفمبر المقبل ليتزامن مع مرور 150 عام على قناة السويس. يهدف هذا المؤتمر إلى تشجيع الاستثمارات في مجالات تشمل خدمات الموانئ والخدمات اللوجستية والتصنيع والشركات الصغيرة والمتوسطة. وسيتم الإعلان عن المزيد من التفاصيل في وقت لاحق.
فيما يتعلق بالتجارة ، لا يزال الاتحاد الأوروبي هو الشريك الأكبر لمصر بحوالي 30 ٪ من تجارة مصر مع العالم خلال السنوات الماضية. ولتوضيح أهمية تلك النسبة، فإن ثاني أكبر شريك تجاري لمصر، وهي الإمارات العربية المتحدة، كانت نسبتها 7%، بينما الصين 6% والولايات المتحدة 5%.
بفضل اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي ومصر والتي دخلت حيز التنفيذ في عام 2004، زادت التجارة الثنائية بأكثر من الضعف من حوالي 12 مليار يورو في عام 2004 إلى حوالي 28 مليار يورو في عام 2018. ومنذ يناير 2019 تقوم المفوضية الأوروبية، بمساعدة استشاريين مستقلين، بإجراء دراسة مفصلة حول تأثيرات الفصول التجارية لاتفاقية الشراكة؛ حيث تستغرق الدراسة 14 شهرًا وسيتم نشر نتائجها.
وأضاف، في الاتحاد الأوروبي بتمويل مشروع استراتيجي في مصر (TDMEP) لتطوير الصناعة وتعزيز التجارة ، أحد أهداف هذا المشروع هو تنسيق معايير الجودة المصرية للسلع الصناعية مع النظام الأوروبي من أجل تحسين وصول الصادرات الصناعية المصرية إلى الاتحاد الأوروبي. علاوة على ذلك، يدعم المشروع بناء القدرات في وزارة التجارة فيما يتعلق بالمفاوضات التجارية الدولية، مما ساعد مصر على إبرام اتفاقيات تجارة حرة مهمة. اتفاقية التجارة الحرة القارية الأفريقية مثال لذلك. الاتفاقيات التجارية مهمة لأنها تفتح أسواقاً جديدة لصادرات مصر ، مؤكدا دعمنا كذلك إنشاء هيئة تنمية الصادرات المصرية؛ حيث ساعدت كل هذه الإجراءات مصر على زيادة صادراتها إلى الاتحاد الأوروبي بشكل ملحوظ. ففي خلال العامين الماضيين، زادت هذه الصادرات بنسبة 27 ٪ في حين انخفض العجز التجاري لمصر مع الاتحاد الأوروبي بنسبة 23 ٪ ، منوها أنه يمكن لمصر أن تستفيد من مستويات أعلى بكثير من الاستثمارات الأوروبية والتي من شأنها أن تساعد في خلق فرص العمل ونقل المعرفة. إلا أنه على الرغم من تحسن مناخ الأعمال في مصر على مدار الأعوام الماضية، فإنه لازال هناك الكثير للقيام به. فعلى سبيل المثال، احتلت مصر المرتبة 120 من أصل 190 دولة في تقرير البنك الدولي "ممارسة أنشطة الأعمال 2019". كما أن المستثمرين ورجال الأعمال يشعرون بالإحباط لوجود حواجز تجارية كبيرة ومستمرة، يرتبط معظمها بأعباء التسجيل الإلزامي للمصدرين الأجانب؛ حيث يتعين على العديد من الشركات الأوروبية الانتظار لمدة عامين أو أكثر للسماح بتصدير منتجاتهم إلى مصر.
الديمقراطة وحقوق الإنسان
وأضاف إيفان سوركوش ، فى كلمته فى حفل الافطار السنوي، إن الاتحاد الأوروبي لديه قناعة راسخة بأن الديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات الأساسية هامة جداً لتحقيق هذا الهدف. وفي هذا الصدد، أَكد على أهمية المجتمع المدني والذي يُعَدُّ مُساهِمًا رئيسيًا في التنمية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية؛ حيث يجب السماح لمنظمات المجتمع المدني بالعمل في بيئة تُمَكِّنُها من أداء دورها.
وتابع قائلا : إن العالم يمر بالعديد من التحديات. وفي عالم اليوم، فإن الاتحاد الأوروبي ، أصبح أكثر أهمية من أي وقت مضى، مما يجعلنا نعمل على تعزيز اتحادنا. ففي يوم 9 مايو، وبمناسبة الاحتفال بيوم أوروبا، اجتمع قادة الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء في مدينة سيبيو في رومانيا لمناقشة المستقبل الأوروبي المشترك، خاصة قبل عقد انتخابات البرلمان الأوروبي في هذا الأسبوع ، موضحا أنه صدر عن القمة إعلان "سيبيو " والذي يتضمن عشرة التزامات تُسهِم في تعزيز الاتحاد الأوروبي من أجل مستقبل أكثر إشراقا. وكانت قضايا مكافحة التغير المناخي وحماية سيادة القانون وإيجاد نموذج حديث للنمو من ضمن تلك الأولويات، إضافة إلى التأكيد على العمل مع شركائنا في العالم لدعم وتطوير النظام الدولي القائم على القواعد والاستفادة القصوى من الفرص التجارية الجديدة ومعالجة القضايا العالمية بشكل مشترك.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة