مازالت حالة الشد والجذب بين الصين وكندا قائمة، على خلفية الاعتقالات المتبادلة بين الجانبين فى الأشهر الماضية، منذ قيام السلطات الكندية باعتقال ابنة مؤسس شركة هواوى، منج وان تشو، فى ديسمبر الماضى، وذلك على خلفية اتهامها بمحاولة اختراق العقوبات الدولية المفروضة على طهران، وهو ما اعتبرته الصين إجراءا تعسفيا بصددها، لتبدأ سلسلة من الاعتقالات التى شملت مواطنين كنديين، بينهم دبلوماسيين.
كندا واجهة للصراع بين الصين وواشنطن
إلا أن حالة التوتر لا تقتصر على العلاقات الثنائية بين الصين وكندا، ولكنها تحولت إلى واجهة لصراع أكبر بين بكين وواشنطن التى تعتبر كندا من أهم حلفائها، على خلفية الحرب التجارية المستعرة بين البلدين فى الأشهر الماضية، فى ظل مساعى الرئيس ترامب إلى تحقيق قدر من التوازن التجارى، بالإضافة إلى خلافات عميقة على الجانب السياسى حول العديد من القضايا، وعلى رأسها المسألة الإيرانية والموقف من كوريا الشمالية، حيث تقف الحكومة الصينية وإدارة ترامب على طرفى النقيض من تلك القضايا.
ويعد قرار السلطات الصينية بالاعتقال الرسمى لمواطنين كنديين مؤخرا، وهما مايكل كوفريج ومايكل سبافور هو بمثابة الحلقة الأخيرة من مسلسل الاعتقالات الصينى، فيما يعتبره قطاع كبير من المتابعين والمحللين بمثابة ردا صينيا على اعتقال سيدة الأعمال البارزة.
من جانبه، أعرب وزير السلامة العامة الكندى رالف جودال، عن قلق حكومته إزاء قرار الصين الاعتقال الرسمى لمواطنيين كنديين اثنين تعتقلهما بالفعل منذ شهر ديسمبر الماضى.
وقال جودال إن هذه الخطوة "إجراء تعسفى"، وإن كندا ستواصل المطالبة بالمعاملة المناسبة لمايكل كوفريج ومايكل سبافور، وأضاف أنه لم يتم تقديم دليل يشير إلى صحة الادعاءات الموجهة ضدهما.
ويعد كوفريج، دبلوماسى كندى سابق وخبير فى مجموعة الأزمات الدولية وسبافور رجل أعمال يتمتع بخبرة طويلة فى كوريا الشمالية.
ويبدو أن دخول الحكومة الكندية على خط الأزمة بين الصين والولايات المتحدة كان بمثابة أحد أهداف الرئيس ترامب، والذى تقوم استراتيجيته على توريط حلفاءه فى صراعاته الدولية، وهو الأمر الذى لا يقتصر على الجانب الدبلوماسى، ولكنه يمتد كذلك إلى الناحية العسكرية، وهو ما يبدو واضحا فى رؤيته القائمة على تشكيل تحالفات عسكرية لمجابهة خصوم أمريكا، بدلا من العودة بالجنود الأمريكيين إلى مستنقع الحرب.
خط المواجهة مع بكين
التحرك الأمريكى لوضع الحلفاء على خط المواجهة مع بكين، يحمل هدفين رئيسيين، الأول مواصلة الضغط على الصين فى ظل الحرب التجارية المندلعة بين الجانبين فى المرحلة الراهنة، وإجبارها على تقديم أكبر قدر من التنازلات لصالح الولايات المتحدة، أما الثانى فيتمثل فى إغلاق الطريق أمام حلفائه حول احتمالات التعاون مع بكين حول القضايا الخلافية فيما بينهم، والتى ربما يجد الغرب فيها الكثير من المشتركات مع الصين، وعلى رأسها الموقف من إيران.
كانت كندا هى أحد الدول التى انتقدت الموقف الذى تتبناه إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، من الملف النووى الإيرانى، حيث أعربت عن امتعاضها تجاه الإجراء الأحادى الجانب الذى اتخذه الرئيس ترامب، بالانسحاب من الاتفاق النووى، والذى وقعته القوى الدولية الكبرى، وهى الصين وروسيا، وألمانيا وفرنسا وبريطانيا، برعاية إدارة الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما.
توريط الحلفاء
ويعد التوقيت الذى اختارته واشنطن لتوريط حليفها الكندى فى الصراع مع الصين نموذجيا إلى حد كبير، خاصة وأنه جاء فى الوقت الذى تزايدت فيه المخاوف لدى دوائر السياسة الغربية جراء استخدام الصين طفرتها التكنولوجية فى أعمال تجسس، وهو ما دفع كندا وغيرها من الدول الغربية، إلى الاستجابة للضغوط الأمريكية باعتقال مواطنين صينيين، وعلى رأسهم منج وان تشو، والتى تعمل رئيسا تنفيذيا فى شركة هواوى الصينية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة