تزامنا مع الثلث الأخير من فصل الربيع لعام ٢٠١٩ ، تشهد مصر حاليا موجة من الطقس شديد الحرارة ، كانت بدايتها أمس الأول (الثلاثاء )، وتبلغ ذروتها اليوم الخميس وغدا الجمعة ، وقد حذرت هيئة الأرصاد الجوية الصائمين من التعرض المباشر لأشعة الشمس خاصة وقت الظهيرة ، نظرا لما يسببه هذا الارتفاع من فقدان الماء من الجسم ، مؤكده ضرورة تناول كمية كبيرة من الماء والسوائل من الإفطار إلى السحور ، خاصة بالنسبة للعمال والمضطرين للسفر في هذه الأوقات الحارة، واستخدام المظلات الشمسية ونظارات الشمس في حالة الخروج والتعرض لأشعة الشمس مباشرة.
ومن داخل غرف العناية المركزة ، جاءت تحذيرات الخبير المصرى المغترب فى المملكة المتحدة الدكتور محمود الشربينى استاذ العناية المركزة والخبير فى طب الحالات الحرجة ، الذي يزور مصر حاليا ، محذرا من صيام المواطنين من كبار السن والأطفال في هذا الطقس شديد الحرارة ، وكذلك مرضى القلب والشرايين والذبحة الصدرية ، ومن أجريت لهم جراحات بالمخ وعمليات القلب المفتوح أو تركيب دعامات لهم ، و مرضى جلطات المخ ، والمرضى الذين يعانون من ارتفاع أو انخفاض فى ضغط الدم ، ومرضى السكر والكلى والكبد ٠
وأكد فى تصريح - لوكالة أنباء الشرق الأوسط - أن صيام هؤلاء يعرضهم لخطورة مؤكدة على حياتهم ، قد تتطلب نقلهم للعلاج بالعناية المركزة ، مشيرا إلى إن هناك احتمالات متزايدة لحدوث نوبات من الإرهاق الحراري وضربات الشمس في مثل هذا الجو ، وأن هناك تشابها بين أعراض ضربة الشمس والإجهاد الحراري إلا أن الفارق الوحيد بينهما أن الإجهاد الحرارى يمكن حدوثه دون وجود أشعة شمس قوية ٠
كما حذر الشربينى ، من نوبات التشنج الحرارى الناتج عن التعرض المباشر لحرارة الشمس ، موضحا أن هذه التشنجات عبارة عن تقلصات لاإرادية تحدث للعضلات ويصاحبها صداع وغثيان وقئ ، وقد تؤدى إلى غيبوبة ، ناهيا عن بذل أي مجهود شاق أو ممارسة الرياضة أثناء الصيام في ظل الارتفاع غير المسبوق في درجات الحرارة ، حيث يفقد الجسم كمية كبيرة من الماء ، الذي يشكل من ٦٠ إلى ٧٠ في المائة من وزن جسم الإنسان ، وعليه فإن عملية إدارة هذه الكمية من الماء داخل الجسم يعد مسألة في غاية الأهمية٠
ومن جانبها ، توصلت دراسة حديثة إلى أن الإكثار من شرب السوائل يقلل من مخاطر واحتمالات الإصابة بضربة الشمس ، وأن قلة تناولها يترتب عليه نقص عنصر " الصوديوم " فى الجسم مما يؤدى إلى فقدان الوعى والغيبوبة والتشنجات الصرعية والارتباك فى التفكير والنعاس ، ويؤدى كذلك لنقص عنصر " البوتاسيوم " فى الدم مما يؤثر على عضلة القلب والنبض والوظائف الدماغية والعقلية فى الجسم ، فيما أكدت دراسة تشيكية أهمية شرب الماء بشكل كاف لاسيما فى فصل الصيف ، مشيرة إلى أن الماء يسهم فى تنظيم درجة حرارة الجسم وفى "الاستقلاب " من خلال نقل المواد المغذية لجميع أنحاء الجسم وطرد المواد الضارة منه ٠
وفى سياق آخر ، أكدت عدة دراسات أنه نتيجة ميل محور الأرض ، فإن الإنسان لا يشعر بحرارة الجو لاقتراب الأرض من الشمس أثناء دورانها حولها ، حيث تبتعد أكثر فأكثر إلى أن تصل لأبعد نقطة ممكنة عنها ( نقطة الأوج ) في شهر يوليو من كل عام ، فيما تقترب الأرض من الشمس في الشتاء وتكون في أقرب نقطة لها في شهر يناير ٠
وحول سبب هذا الطقس الحار وعلاقته بالفلك والشمس ، نفى الدكتور أشرف لطيف تادرس رئيس قسم الفلك بالمعهد القومى للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية ، للوكالة وجود أى علاقة بين هذا الجو السيئ والحرارة المرتفعة التى تتعرض لها مصر حاليا وبين العواصف الشمسية ، أو زخات الشهب ، التي تعد معروفة ولها مواعيد محددة خلال العام ، بالإضافة إلى أن الشهب تحترق على بعد 100 كيلومتر من سطح الارض ، وليس لها تأثير على الإنسان أو حياته اليومية على الإطلاق ، مبرئا النشاط الشمسي الحالي من التسبب في الطقس شديد الحرارة لأنه معروف ، وتأثيره معروف٠
وشدد على أن كل ما يحدث داخل الغلاف الجوي من حرارة وضغط ورطوبة ومطر ، وتحرك الكتل الهوائية ، ووجود مناطق ضغط مرتفع ومنخفض وما إلى ذلك هو من تخصص الهيئة العامة للأرصاد الجوية وليس قسم الفلك ، وأن دراسات قسم الفلك تبدأ من خارج الغلاف الجوي ، وأقرب جرم سماوي لكوكب الأرض هو القمر ثم الشمس والكواكب والنجوم والحشود النجمية والمجرات والسحب الكونية إلى آخره ، وأن دراسات المعهد تمتد إلى أعماق الكون.
ويشبه النصف الثاني من فصل الربيع - الذي بدأ يوم ٢١ مارس الماضي - فصل الصيف كثيرا ، وخلاله تصل درجات الحرارة إلى أعلى مستوياتها ، وذلك بحسب ما سبق أن صرح به الدكتور أحمد عبدالعال، رئيس هيئة الأرصاد الجوية، فيكون الطقس في النصف الأخير من الربيع حار وترتفع درجات الحرارة ، وتكون معدلاتها أكثر من الصيف مع انخفاض نسبة الرطوبة ، مما يجعل الشعور أقل بدرجات الحرارة مقارنة بفصل الصيف.
وكشف عن أن السبب الرئيسي للتغيرات المناخية التي تتعرض لها البلاد، يرجع للاستخدام المفرط للفحم ومشتقاته والبترول ومشتقاته، مما نتج عنه ملوثات حول الكرة الأرضية ، تسببت في حدوث ظاهرة الاحتباس الحراري، التي تسببت في رفع درجة حرارة الأرض وحدوث التغيرات المناخية التي تختلف من مكان لأخر.
لقد أدى الإهمال العالمي لقضية " مناخ الأرض " إلى تزايد انبعاث الدفيئة الذي بدأ منذ القرن السابع عشر ، وأدى إلى تغييرات بيئية ومناخية كثيرة من بينها ارتفاع درجات الحرارة التي قفزت فوق معدلاتها الطبيعية ، وأدى ذلك إلى حدوث تأثيرات في الجغرافيا السياسية مما قد يؤدى إلى اضطرابات اجتماعية واقتصادية ، واستمر هذا الإهمال لعقود طويلة قبل أن تحظى القضية بالاهتمام ، ويخصص المجتمع الدولى لها موارد مالية كبيرة ، الأمر الذي ترك أثرا ملحوظا على تغير المناخ في العالم ، فباتت تمثل تهديدا ملحا يتطلب اتخاذ إجراءات فورية وتعاونا دوليا لمواجهة تلك القضية الإنسانية ٠
على الجانب الآخر، يحدد علماء الأرصاد الجوية بداية ونهاية فصل الصيف وجميع فصول السنة بناء على الظروف المناخية ودرجات الحرارة السنوية ، ويتضمن عملهم مقارنة الفترة الزمنية نفسها في سنوات مختلفة ، ويتراوح طول الفصول الفلكية كل على حده بين 89 و93 يوما، في حين أن طول الفصول المناخية يكون أقل تغيرا، حيث يثبت طول فصل الصيف في التقويم الفلكي على 92 يوما٠
أما فصل صيف هذا العام ( 2019 ) فإنه سيبدأ يوم الجمعة 21 يونيو المقبل موعد نهاية الربيع ، وسينتهي في يوم الاثنين 23 سبتمبر القادم موعد بداية الخريف ، وفصل الصيف هو أحد الفصول الأربعة التي تشكل السنة، وهو الفصل الأكثر سخونة حيث تصل فيه درجات الحرارة إلى أقصاها خلال العام ، كما أنه الفصل الذي تكون فيه فترة النهار أطول من فترة الليل.
يأتي الصيف عقب فصل الربيع ويسبق فصل الخريف، حيث يبدأ في النصف الشمالي من الكرة الأرضية في أواخر الربع الثاني من العام ويحتل معظم الربع الثالث. أما في نصف الأرض الجنوبي، فيحتل الصيف أواخر الربع الأخير من السنة مع جزء كبير من الربع الأول من السنة التالية.
وتختلف بداية الصيف الفلكي ونهايته عن بداية الصيف المناخي ونهايته، فالأول يعتمد على التقويم الفلكي ، بينما يعتمد الآخر على تقويم الأرصاد الجوية ، ويستند تاريخا بدء وانتهاء الصيف في التقويم الفلكي على موقع الأرض المتغير بالنسبة للشمس، والأحداث الشمسية الناتجة من الاعتدالات والانقلابات ، وفي نهاية فصل الربيع في النصف الشمالي من الكرة الأرضية يبدأ الصيف في لحظة الانقلاب الصيفي (انقلاب يونيو)، والذي يحدث كل عام بين 20 و22 يونيو.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة