يبدوا أن العرب كتب عليهم أن يقضوا حياتهم يخرجون من مشكلة، ليدخلوا أخرى أسوء منها وأشد.. والأسوء من ذلك، أن كثير من تلك العواصف، يكونون فيها أداة لنبش النار، أو ساحة لمعاركها لا أكثر، فهم لا ناقة لهم فيها ولا جمل!
كثير من تلك المعضلات، يدخلون فيها بمليء إرادتهم ميلا لجانب احد المتحاربين أو تبعية لمحور أو دولة عظمى.. طمعا فى مكاسب وهمية لن تتحقق، أو حفاظا على كرسى حكم كان ثمنه الدم.. ولكن أن تراجعوا التاريخ لتروا تنقلنا من حضن لأخر، فى حروب لا تخصنا ، إلا بمقدار تسديدنا لتكاليفها، دما ومالا!
رغم قناعة كل المتابعين، أن حربا حقيقية بالمعنى الشمولى التقليدى بين أمريكا وإيران، إحتمال شبه منعدم، لكن حروبا بشكل أخر، كضربات محدودة مباشرة أو " لوكلاء الطرفين" تأديبا وترهيبا لبعضهما، ربما تحصل.. وهى أمور " يمكن إبتلاعها عند الحاجة" من كليهما.. مقابل ما يرومان تحقيقه إقليميا وربما عالميا.
أمريكا تريد أن تحافظ على دورها " كبلطجي" للعالم، والذى يفرض قوانينه على الجميع ومن يخالف فالويل له، ومن يملك المال، يجب أن يدفعه حتى لا تطاله نار تلك الحرب، رغم بعده عنها، أو فى الأقل عليه أن يصمت، ويبتلع لسانه، لكن المستهدف الرئيسى المعلن، أيران وحلفائها فى المنطقة.. والهدف الأبعد، سيطرة إقتصادية وسطوة مالية عالمية..
إيران من جانبها، تريد أن تستعيد دورها، كرجل الشرق والخليج القوي، الذى يريد أن تكون له كلمة فى كل شؤون الإقليم وحسب رؤيا وخطط تخصه.. وهى لا تريد الحرب مع أمريكا لأنها تعرف ثمنها، وأن شرارتها إن انطلقت لن تتوقف على تأتى على كل شيء أخضره ويابسه!
هناك اللاعبون الصغار حول هذين العملاقين المتصارعين.. الذين منهم من يريد من أن يؤجج النار ويزيدها إشتعالا، كإسرائيل التى تحلم باليوم الذى تضرب أمريكا فيه إيران ولو بالنووي.. وهناك بعض الدول التى دفعت دفعا وهى مضطرة، لان تسدد ثمن حماية من تهديدات وهمية، تم إصطناعها ليكون الدفع مبررا!
هناك أيضا دول أخرى، كالكويت وعمان.. رغم صغرها الجغرافي، وربما تراجع دورها الإقليمى ظاهريا، لكنها دوما كانت اللاعب الأنجح فى نزع فتيل الأزمات، والتحرك الهادئ الذى يجنب المنطقة الوقوع فى الكارثة، ويبدوا أن العراق يحاول أن يشارك فى هذه اللعبة، بحثا عن دور فقده مضطرا لظروفه، ودفعا للعبة خطرة يحاول كثيرون جعله ساحة لها.
من الواضح أن الحرب الكبيرة لن تحصل، لكن هذا لا يمنع حصول حدث خارج الحسبان يسبب حصول الكارثة.. والتفاوض الذى ينهى المسالة ويحلها ليس مطروحا حاليا، لأن أمريكا لا تريده حقا.. فهى تريد من تبتزهم أن يستمروا بالدفع.
عاصفة كبرى من الأحداث المتشعبة المترابطة المتناقضة.. تضرب بالمنطقة وكل يحاول أن يحقق منافعه ومصالحه منها، إلا العرب.. فهم دوما فى عينها، يدفعون فاتورتها فقط.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة