مسيرة باباعبده الفنية امتدت لأكثر من خمسين عاما، شكل خلالها تاريخا فنيا ثريا، صاحب مدرسة الضحك اللذيذ والراقى من خلال الفرق المسرحية التى أسسها أولها وكانت «المسرح الحر» وآخرها «المدبوليزم»، رغم أن الفنان عبد المنعم مدبولى فى الأصل ممثل ومخرج مسرحى إلا أنه يستطيع أن يفرحك ويبكيك فى آن واحد فى السينما والدراما، قبل نهاية رحلته مع الحياة والفن قدم الفنان الراحل مشهد عبقرى فى فيلم «عايز حقى»، كلمتين حرك بهما مشاعر البطل الذى أوشك على بيع بلده للخواجات، رغم أن المشهد قبل نهاية الأحداث بقليل، لكنه كان «المستر سين» للرواية عندما أطلق على بطل الفيلم «عواد»، فى إشارة منه إلى أن الوطن لا يباع ولا يشترى، ويظل دائما هو الآمان والحضن.
مع مشواره المسرحى قدم العديد من الأدوار من الأدوار السينمائية التى ظلت عالقة بالأذهان أبرزها أفلام: «الحفيد مولد يا دنيا إحنا بتوع الأتوبيس، وظهر كضيف شرف قبل وفاته بأعوام قليلة فى أفلام محامى خلع وعايز حقى وبلغ رصيده فى السينما نحو 60 فيلماً، وفى الدراما 30 مسلسلا أهمهم: « لا يا ابنتى العزيزة» و»أبنائى الأعزاء شكرا».
مسيرته الفنية بدأت بعد تخرجه فى معهد الفنون عام 1949، وبعد التخرج انضم إلى فرقة جورج أبيض وفاطمة رشدى، وبدأ مشواره كممثل ومخرج مسرحى ومن أشهر مسرحياته «المفتش العام، السكرتير الفنى، أنا وهو وهى، الناس اللى تحت، ريا وسكينة»، ووصلت المسرحيات التى شارك فيها ممثلا أو كاتبا أو مخرجا نحو 120 مسرحية. بعد أن قرر الاحتراف دخل عبد المنعم مدبولى الإذاعة من برنامج «ساعة لقلبك» مع فؤاد المهندس الذى حقق نجاحًا كبيرًا، ومن وقتها كون الاثنين ثنائيا فنيا، قدما خلال الستينيات والسبعينات روائع مسرحية وسينمائية.
وفى كل لقاءاته الصحفية والتليفزيونية كان مدبولى يفتخر بصداقته بالمهندس للدرجة أنه قرر السكن بجواره حتى يكون قريب منه طوال الوقت، وكان مدبولى يعتبر المهندس الكوميديان المفضل له.
تلك الحالة الفنية التى شكلها ثنائى الكوميديا لم تمنع وقوع خلافات بينهما، بسبب فوازير جدو عبده، المهندس قم فوازير «عمو فؤاد» لمدة عشر مواسم نال بهم شهرة كبيرة بين الأطفال والكبار، وفى الموسم الحادى عشر وقع خلاف بين المهندس والمخرج، وعرض التليفزيون على مدبولى تكملة مشوار الفوازير وبالفعل وافق، وقدم على مدى موسمين فوازير «جدو عبده»، لكن المهندس غضب من، وانتهى الخلاف بعدما ذهب مدبولى للمهندس فى المسرح وتعانقا ليعود الود مرة أخرى بين الصديقين.
صال وجال مدبولى على خشبة المسرح لمدة تقترب من الأربعين عاما وكانت آخر أعماله المسرحية كممثل «ريا وسكينة» مع شادية وسهير البابلى، وصور للتليفزيون معظم المسرحيات التى شارك فيها ما عدا المسرحية الشهيرة «مدرسة المشاغبين» الذى قام فيها بدور الناظر لمدة موسمين كاملين، ومع بداية الموسم الثالث طلب رفع أجره وبعد رفض المنتجين لطلبه انسحب، وتم إسناد الدور للفنان حسن مصطفى، وتم تصوير المسرحية للتلفزيون بدون عبدالمنعم مدبولى.
وفى الدراما كان مدبولى مختلفا وقدم للتليفزيون 30 مسلسلا أشهرهم «أبنائى الأعزاء شكرا» وفيه أعاد اكتشاف النجوم الذين قاموا بأدوار أبنائه فى المسلسل وقدمهم بشكل مختلف، رغم أن مدبولى فنان مسرحى كوميدى إلا أنه كان مختلفا فى الدراما وحرق مشاعر الجمهور بحزنه على حالة أبنائه، قام فيه بدور أب على المعاش، يعانى من جحود أبنائه ومع الأحداث يكتشف أنهم تبدلوا وحاول أن يغير من أحوالهم إلى الأحسن وقدم فى هذا المسلسل أغنية للأطفال يرددها الأطفال حتى الآن وهى «الشاطر عمرو»، وبعد عدة أعوام قدم مسلسل لا يقل شهرة عن بابا عبدة وهو «لا يا ابنتى العزيزة» عن قصة أب متزوج وله ثلاث فتيات، يدخل السجن ويتم الحكم عليه بمؤبد فى جريمة لم يرتكبها، وبعد خروجه من السجن تبدأ المشاكل لإقناعهم بأنه برىء، ولم ينسى مدبولى الأطفال فى هذا المسلسل أيضا، وقدم لهم أغنية من أشهر أغانى الأطفال وهى «توت توت».
فى لقاء لمدبولى مع المذيعة «نجوى إبراهيم» قال إنه مكتشف موهبة الفنان عادل إمام وقدمه فى مسرحية «أنا وهو وهى»، ومن هنا بدأ مسيرته الناجحة، وأشار فى اللقاء إلى أن إمام كان يهوى لعب الأدوار التراجيدية بعد أن حصل على جائزة الجامعة كممثل أول عن دوره فى مسرحية «الإخوة كاراموزوف»، لكنى أقنعته بالاشتراك معى وفؤاد المهندس فى المسرحية، لأنى حسيت إنه هيجى منه فى الكوميدى وهيكون نجم كبير.
ظل الفنان الكبير عبد المنعم مدبولى يعمل فى الدراما والسينما حتى قبل وفاته بقليل، حيث قام ببطولة مسلسل لقاء السحاب 2004، والكلام المباح وأين ذهب الحب قبل عام واحد من وفاته عام 2006.