تشهد الانتخابات الحالية للبرلمان الأوروبى عددا كبيرا من مرشحى اليمين المتشدد والأحزاب الشعبوية الذين لا يخفون معارضتهم لفكرة الاتحاد الأوروبى من اساسه.
وربما يبدو هذا متناقضا مع مبادئهم الحزبية التى تقوم على إتباع نهج القومية المتشددة ووضع الدولة فوق أى شىء، ويتناقض أيضا مع هجومهم المستمر على المؤسسات الأوروبية، لكن ربما تكون هذه إستراتيجية من تلك الأحزاب لتفكيك الاتحاد الأوروبى من الداخل.
وتشهد الانتخابات الحالية صعود مجموعة من الأحزاب الشعبوية والتى يمكن أن تفوز بأكثر من ثلث الأصوات، بحسب تقديرات الخبراء، أكبرها تحالف جديد بقيادة نائب رئيس الوزراء الإيطالى ماتيو سالفينيى ويضم حزب اليمين الفرنسى المتطرف الذى تقوده مارين لوبان وحزب البديل لألمانيا المعادى للهجرة فى ألمانيا.
صحيفة "نيوويورك تايمز" الأمريكية تحدثت عن مساعى الأحزاب الشعبوية لتحقيق انتصارات كبرى فى الانتخابات الحالية، وقالت إنهم يسعون لكسر الاتحاد الأوروبى من الداخل عبر التصويت.
وأشارت الصحيفة إلى أن الحركات الشعبوية فى أوروبا كانت حتى وقت قصير تدعو إلى الرحيل من الكتلة أو على الأقل من منطقة اليورو. لكن مع تفضيل الناخبين بقوة للبقاء، وهو الاتجاه الذى زاد بعد عامين من فوضى البريكست، فإن هذه الإستراتيجية قد تغيرت، والآن أصبح يعدون بتمرد من الداخل.
فمن خلال إثارة المخاوف من الهجرة الجماعية والأسلمة وحصول النخبة الأوروبية على صلاحيات أكبر من العواصم الوطنية، تأمل الأحزاب الشعبوية أن تزيد هذه الانتخابات بشكل كاف ثقلهم فى البرلمان الأوروبى للسماح لهم بالتشويش على الأمور وعرقلة الميزانيات والصفقات التجارية وتقديم التشريع الذى يرغبون به والتدخل فى الأشياء التى لا علاقة لهم بها.
وتابعت الصحيفة قائلة إنه من خلال حصولهم على كتلة أكبر فى البرلمان، حتى لو لم يحصدوا أغلبية، فإن هذا يمكن أن يمنحهم نفوذا فى اختيار مرشحين لبعض المناصب الكبرى فى الاتحاد الأوروبى وهو الذراع التنفيذى للاتحاد.
وفى التصويت الذى بدأ الخميس وينتهى اليوم الأحد، ولا يتوقع الشعبويون أن يفوزوا بأكبر عدد من مقاعد البرلمان 751 مقعدا، بل أقل كثير من الأغلبية. فهم منقسمون بشدة حول بعض القضايا، لاسيما روسيا، لكنهم موحدون فى أملهم لتحقيق إنجاز انتخابى قد يحدث اضطرابا فى السياسات الأوروبية.
ويقول بعض المدافعين عن أوروبا الليبرالية إن حقيقة أن الشعبويين قد تخلوا جميعا عن رؤيتهم السابقة بالخروج من الاتحاد الأوروبى هى فى حد ذاتها انتصار للكتلة المحاصرة، مثلما يتم مناقشة الرؤى الإيديولوجية المختلفة فى الولايات المتحدة الآن داخل الإطار السياسى.
ويقول يوجين فريوند، العضو الاشتراكى الديمقراطى بالبرلمان الأوروبى من النمسا، إنه لا ينبغى الإدعاء بأن الشعبويين سيكون لديهم السلطة لنسف كل شىء، فالأحزاب الموالية لأوروبا لا يزال لديها أغلبية، وستظل الأغلبية الكاسحة فى البرلمان الأوروبى موالية لأوروبا.
وترى الصحيفة أن الخطر الأكبر هو أن وجود كتلة قومية كبيرة ومثيرة للقلق ربما يزيد الشلل فى الاتحاد الأوروبى، وربما تزيد خيبة أمل الأوروبية وتقوض الاتحاد.
وعلى مدار سنوات، ظل الاتحاد الأوروبى منصة لبعض الشعبويين الضوضائيين أبرزهم مارين لوبان من فرنسا ونايجل فراج من بريطانيا ، فنفس المؤسسة التى يعارضونها بقوة هى التى تمنحهم مناسب ومرتبات ونفقات السفر والاهتمام الإعلامى.
ولا يملك البرلمان الأوروبى صلاحيات كبرى، فبإمكانه التصويت على تشريع، ولكن ليس اقتراحه، لكنه قدم لهؤلاء الذين من قد يمزقونه منصة قوية للحشد ضده.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة