لا تتمالك دموعك حين ترى انفعالات وجهه التى تتبدل بين الضحك والبكاء أثناء قيام ابنه بمساعدته على الاستحمام فى مسلسل «رحيم»، بعدما وجده مشردا فى الشارع، لا تصدق أنه هو ذاته الفنان الكوميدى الذى أضحكنا فى عشرات الأعمال، وكان سندا لكل نجوم الكوميديا الشباب فوضعهم على بداية طريق النجومية، «ضبش الحرامى» فى فيلم «غبى منه فيه»، والأستاذ سيد فى الناظر صلاح الدين، والد علاء ولى الدين فى فيلم «عبود على الحدود»، ووالد محمد هنيدى فى « عسكر فى المعسكر، وياانا ياخالتى»، ووالد أحمد حلمى فى ميدو مشاكل، وعم باخ فى «الليمبى»، وغيرها عشرات الأعمال كان فيها الفنان حسن حسنى سندا لجيل كامل من الشباب، استندوا على كتفه وهم فى بداياتهم فمنحهم صك النجومية.
عبقرية فنية فريدة، يمكنه أداء كل الأدوار الكوميدية أو التراجيدية بنفس الاتقان والإبداع، الأب الطيب، تاجر المخدرات، القاتل والوصولى ورجل الأعمال الفاسد، ركبة القرداتى المطحون الذى لا يعرف الفرح وحين يعرفه يموت فى دور استحق عنه جوائز عديدة بفيلم «سارق الفرح»، و«الصول شرابى» الذى يقف أمام ابنه ليحاكم نفسه فى مشهد عبقرى بمسلسل المال والبنون، والضابط فهيم فى فيلم «البرىء»، والأستاذ وفائى الفنان صاحب المبادئ فى مسلسل أرابيسك، قادر على إقناعك بكل شخصية يؤديها ويمكنه أن يضحكك ويبكيك بنفس القوة والإتقان.
غول تمثيل حتى وإن لم يوضع اسمه كثيرا فى بداية قائمة أبطال العمل، يمكنه انتزاع النجومية فى أى دور يقوم به، وأن يلفت الانتباه ويجعل من الدور مهما صغر علامة هامة فى العمل تستقر دائما فى وجدان وأذهان الجمهور، وهو ما جعله يحصد جوائز منافسا أبطال الأعمال التى شارك فيها، فالفنان الكبير ذو الباع الطويل فى المسرح والسينما والتليفزيون أثبت أن الممثل المبدع يستطيع أن يخطف الأضواء والأنظار ولو ظهر فى مشهد دون أن يتكلم، ومهما صغر حجم دوره.
حفر حسن حسنى المولود عام 1936 فى حى القلعة، اسمه فى سجلات الإبداع بحروف من ذهب، بخطوات ثابتة واثقة وجهد سنوات طويلة، فكان مع كل دور يضيف إلى رصيده ويلفت الأنظار ويثبت أنه فنان مختلف، فالفنان العبقرى ذو الأدوار المتعددة والألف وجه لم يظهر فى أدوار الجان أو البطل، وما أسهل أن يحصل الفنان على الشهرة والنجومية سريعا من خلال هذه الأدوار، ولم يعرفه الجمهور شابا، ولكن تأخرت نجوميته لظروف متعددة، رغم أنه عشق الفن منذ طفولته، وشارك فى فرق التمثيل بالمدارس منذ كان طالبا فى الابتدائى وحصل على العديد من الميداليات.
بدأ حياته الفنية فى الستينيات فى المسرح الذى صدر للفن عمالقة وعباقرة فى التمثيل، وتنقل بين مسرح الحكيم والمسرح القومى والحديث، ثم عمل بمسرح جلال الشرقاوى لمدة اقتربت من 10 سنوات.
ظل الفنان العبقرى يعمل لسنوات طويلة قبل أن يعرفه الجمهور فى مسلسل أبنائى الأعزاء شكرا عام 1979، والذى أدى خلاله شخصية فتحى الموظف المرتشى، وبعدها شارك فى العديد من الأعمال الدرامية فى استوديوهات عجمان ودبى وعرضت فى دول الخليج، ثم بدأ يعمل فى العديد من الأدوار التليفزيونية.
كانت بداية حسن حسنى فى السينما بمشاركته فى دور صغير بفيلم الكرنك عام 1975 وهو دور جرسون قهوة الكرنك، ولكنه حصل على دور أكبر فى فيلم سواق الأتوبيس للمخرج عاطف الطيب عام 1982، وبعدها استعان به الطيب فى عدد من أفلامه، ومنها البرىء، البدروم، الهروب.
انطلق النجم العبقرى الذى أثبت أنه يستطيع القيام بأدوار مختلفة ومتنوعة ليثبت عبقريته فى كل خطوة وعمل، واستعان به كبار المخرجين فى العديد من الأعمال السينمائية والتليفزيونية، وخاصة مع بداية التسعينيات التى استطاع خلالها اقتناص العديد من الجوائز منافسا كبار النجوم وأصحاب الأدوار الأولى والبطولات وجانات السينما.
أبدع حسن حسنى فى دور ركبة القرداتى فى فيلم سارق الفرح وجسد مشاعر شخصية صعبة فاستحق عن هذا الدور عددا من الجوائز، كما حصد عددا من الجوائز عن فيلم دماء على الأسفلت وكان بطله الفنان نور الشريف، وحصل على جائزة أحسن ممثل من مهرجان الإسكندرية السينمائى عن فيلم فارس المدينة، وقدم العديد من الأدوار المميزة فى أفلام «ليه يا بنفسج، وفرحان ملازم آدم»، وغيرها عشرات الأعمال، حيث تجاوز عدد أفلامه 200 فيلم.
وأبدع العبقرى فى عشرات الأدوار الدرامية على شاشة التليفزيون، قدم خلالها شخصيات متعددة فى مسلسلات اجتماعية ودينية وتاريخية، حلم الجنوبى، أرابيسك، بوابة الحلوانى، أم كلثوم، سمارة، العار، عفاريت السيالة، أميرة فى عابدين، الأبطال، أيام المنيرة، ساعة ولد الهدى، المال والبنون، وداعا قرطبة، السبنسة، الكهف والوهم والحب، رأفت الهجان، رحيم، وغيرها من راوئع الدراما، ويعرض له حاليا مسلسل أبو جبل.
وضع حسن حسنى بصمته على كل عمل فنى قام به بصرف النظر عن حجم الدور، كمن يبنى صرحا من الإبداع يضيف إليه مع كل دور حجر ليرتفع، نحت فى الصخر ليكتب اسم وحش من وحوش التمثيل وعمالقته.
تألق على المسرح فى عدد من المسرحيات الهامة التى حققت نجاحات مذهلة ومنها مسرحية على الرصيف مع سهير البابلى وحسن عابدين، ومسرحية اعقل يا مجنون مع الفنان محمد نجم، ثم انطلق فى مسرحيات عفرتو، جوز ولوز، حزمنى يا، وساعد فى هذه المسرحيات الكثير من الشباب الذين أصبحوا نجوما للكوميديا ومنهم الفنان محمد هنيدى الذى شاركه عددا كبيرا من الأفلام.
استطاع حسن حسنى أن يكون السند والأب لكل نجوم الكوميديا الذين كانت بداياتهم معه، وحرص أغلبهم على أن يكون يقف إلى جوار هذا العملاق فى بداياته فيستمد منه القوة والخبرة، لم يبخل على الكثيرين ممن يدينون له بالفضل لأنه أخذ بإيديهم إلى بداية مشوار النجومية، محمد سعد، محمد هنيدى، رامز جلال، أحمد حلمى، هانى رمزى، كريم عبدالعزيز، علاء ولى الدين، حتى أطلق عليه الكاتب الراحل موسى صبرى لقب القشاش لقدرته على أداء كل الشخصيات، وهو القطار الذى يقف فى كل المحطات فيحمل معه ركابا جدد، كما حمل حسن حسنى فى كل مراحل حياته نجوما جددا يضعهم على بداية سلم النجومية.
حسن حسنى تاريخ فنى ثرى يمتلئ بالإبداع، نموذج فريد للفنان الذى يشع نجومية وعبقرية يمكنه أن يفيض بها على كل من اقترب.. نهر إبداع وعطاء يستحق ألف تكريم وتكريم وألف شكر وشكر على فيض المحبة والإبداع والفن والعبقرية.. شكرا حسنى حسنى عبقرى الفن.