لا تزال الولائم العامرة بلحوم الأغنام هى مشهد رئيسى لمجالس ودواوين بدو سيناء بكافة مناطقها، وتقدم هذه اللحوم بمكوناتها من خبز الفراشيح و الأرز على الطريقة السيناوية التقليدية وتبرز خلال النصف الثانى من شهر رمضان، فى إحياء لعادة " رحمة رمضان " لإطعام الطعام .
" لم تمنعنا الظروف الصعبة عن التمسك بعاداتنا وتقاليدنا فى رمضان بتقديم ولائم اللحوم " يقول " سالم حسين "، وهو على رأس مجلسه يستعد لاستقبال ضيوفه فى منطقة غرب العريش بشمال سيناء.
يضيف الرجل السبعينى، إن وليمة " اللحم" لها ارتباط بديوان ومجلس كل عائلة بدوية فى سيناء فى رمضان تحديدا دونا عن بقية شهور العام، لافتا إلى أنهم من تقاليدهم الراسخة الحاضرة حتى اليوم، أنهم يتناولون افطارهم بشكل جماعى فى ساحة الديوان يفترشون الأرض الرملية، ويأكلون على " الطبالى "، وفى النصف الثانى من شهر رمضان، يبدأون عادة إطعام خير الطعام وهو "اللحم "، حيث يقوم كل شخص من بينهم بتجهيز وليمة لإفطار كل من فى الديوان وكذا الضيوف وعابرى السبيل ويسمونها " الرحمة "، ويتناوب فى الأدوار للطعام طوال فترة النصف الثانى من شهر رمضان كل شخص او مجموعة من الأشقاء او اب وابنائه المتزوجين، والهدف منها الحصول على أجر إطعام صائم .
أضاف أنهم يختارون من الذبائح أجود ذكور الماعز من التيوس ومن الأغنام وهى أفضل من الخرفان التى يربونها او يشترونها من الأسواق، وبعضهم يعزل من ينوى نحره فى شهر رمضان لهذه المناسبة من الأغنام فور ولادته، ويعده ويجهزه من حيث التربية والتعليف لهذا الهدف فهو يعتبرها " لقمة لله" وفرصة اطعامها فى شهر رمضان للصائمين يجب تخرج من أحسن أنواع الطعام .
وتابع الحديث، "سليمان ضيف الله"، من أبناء قرية نجع شيبانة برفح سيناء، ويقيم حاليا بشرق مدينة بئر العبد، انهم فى مجلسهم، ورغم كل الظروف حريصين كل الحرص على إحياء تقاليد تربوا عليها فى شهر رمضان، وأهمها "إطعام الطعام".
أضاف أن ليس هناك افضل من أن يشاركك قريبك وصديقك وجارك طعامك وكذا ان تشاركه طعامه، والكل يجود بأفضل ماعنده من طعام ليقدمه للصائمين الذين يجمعهم شهر رمضان على مائدة إفطار موحدة، والسهر وصلاة التراويح فى جماعة.
واستطرد، أنه فى اليوم الذى يقوم الشخص بتجهيز الوليمة، سواء كان بشخصه أو مجموعة من الأشقاء وأولاد العمومة، يكون من أسعد لحظاتهم ويستعدون مبكرا بتجهيز الذبائح وإحضار الأدوات والحطب وطهيها على النار وهذا من اختصاص الرجال فى الغالب، وللسيدات دورهن فى المنازل بتجهيز " الخبز" وهو عبارة عن ارغفة فراشيح تعد على الصاج بطريقة تقليدية.
وبعد العصر يبدأ التجهيز للصوانى التى سيقدم عليها الطعام، حيث يتم تقطيع لقم الخبز وفتها فى مرقة اللحم، وتغطى بطبقة من الأرز الأبيض وفوقها توضع قطع اللحم فى صوانى كل واحدة منها تكفى مابين ثلاث إلى خمسة أشخاص.
وتابع الحديث الشاعر البدوى "منصور القديرى"، بقوله، إن فرحة من يقدم الوليمة هى بوجود أكبر كم من الحضور لينال أجر إطعام صائم لذلك لا تجده يكتفى بإفطار من يتواجد فى الديوان، ويدعو لها كل من يعرفهم من أصدقائه وزملائه فى العمل وجيرانه، كما يخصص جزء منها "لحم نئ"، ويرسله لمن يتعذر حضوره خصوصا أرحامه من الأخوات والعمات والجدات اللواتى يسكن بعيدا، ويسمى ما يرسله " ذواق "، وفى العادة يذهب به اقرب الأشخاص لمن يقوم بالوليمة كأحد أبنائه او أحفاده ويذهب به مبكرا من بعد النحر وتقطيع اللحم ظهرا بهدف ان من يرسل إليه يجد متسع من الوقت لطهى لفطرته وتناوله فى منزله بالتزامن مع تناولهم افطارهم ليصل الثواب ويشاركهم عن بعد فرحتهم .
أضاف " القديرى"، إن للوليمة بعض الطقوس فى تناولها، فهى يحضر حاملين صوانيها، الشباب فى مقتبل العمر يقومون بتوزيعها بشكل منظم فى ساحة الديوان، ثم يقومون بتوزيع المياه، والتمور والعصائر، وقبيل حلول موعد الإفطار، يقوم أحد من لديه علم ، أو أحد كبار السن، بالدعاء ان يتقبلها الله والدعاء لصاحبها بمزيد من الخير وللحضور بتقبل خطوات حضورهم و للأموات بالرحمة ، ومن حول المائدة من الحضور والمدعوين يؤمنون الدعاء.
ومع انطلاق أذان المغرب يبدأ تناول الطعام، ويكون بالأيدى وليس بالملاعق والشوك والسكاكين حيث لايزال بدو سيناء يعتبرون أن ذلك أمرا معيبا ألا يأكل الشخص بيديه، وبعد فراغ الجميع من تناول الأفطار، وقبل قيام الشباب برفع الصوانى تسمع أحد كبار الحضور يقول عالى يقول " الفاتحة ان يتقبلها الله "، ويقرأ الجميع الفاتحة، ثم يتوجهون لصلاة المغرب، ويستكملون بشرب جميعهم الشاى، ثم تقدم القهوة العربية السادة للضيوف وكبار السن من بينهم، وبعد صلاة التراويح تناول الفواكه وغالبا ما يكون البطيخ ، ثم الحلويات .
وأشار إلى أن الفواكه والحلويات التى يتم تناولها بعد صلاة التراويح، هى من هدايا يحضرها المعزومون للوليمة، حيث كل مدعو يحضر وبرفقته هدية إما فواكه أو تشكيلات حلويات.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة